توقير النبى، صلى الله عليه وسلم، سمة من سمات المؤمنين. وقد قال الله تعالى فى كتابه العزيز «لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضَاً». وأحسب أن كثيرين يسيئون إلى النبى حين يحكون عن رؤيتهم المنامية له صلى الله عليه وسلم بما يليق وما لا يليق. الكثير ممن يوصفون بالدعاة عادة ما أفصحوا عن رؤيتهم للنبى صلى الله عليه وسلم فى المنام، ذلك أمر قديم، فكل من يريد أن يبرهن على صدق رأيه أو سلامة فكره، كثيراً ما يقدم تلك الرؤيا كواحدة من أوراق اعتماده جماهيرياً، بل إن عائلات بأكملها روت أن النبى جاء لأفرادها فى المنام نفراً نفراً، وزف لكل منهم بشرى (عائلة سيد قطب وإخوته نموذجاً)! آخر ما قرأت فى هذا السياق ما ذكره الداعية الإسلامى السعودى سلمان العودة، نائب رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، من رؤيته النبى، صلى الله عليه وسلم، يخرج مع صحابته من قبورهم، وروى الشيخ «سلمان» أنه حضر الحلقة معهم، ومشى مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وسأله أسئلة وفهم أجوبته، واستأذنه فى نشرها فوافق على أن يعرضها عليه! وقال الشيخ: «كنت فى غاية السرور حتى إنى أحدث بالمنام كل من لقيت»، وكنت أقول فى نفسى فى المنام أيضاً: «هذا إيذان بزوال دولة الصهاينة وانتصار المسلمين والرؤيا طويلة هذه خلاصتها». النبى خرج من قبره مع صحابته وحدّث الشيخ «سلمان عودة»، وأعطاه الإشارة بقرب زوال دولة الصهاينة وانتصار المسلمين. إذن لا داعى لأن يطور المسلمون تعليمهم ولا أبحاثهم العلمية، لا يهم أن يتقدموا تكنولوجياً، ليس من الضرورى أن يعيشوا اقتصادياً وسياسياً مثل الأوادم، لا قيمة لتحول دول المسلمين إلى دول عصرية قادرة على مواجهة إسرائيل. فلماذا نرهق أنفسنا ونفعل كل ذلك ونحن معنا الإشارة والبشارة من النبى، صلى الله عليه وسلم، بالنصر على دولة الصهاينة؟! لقد فعلنا كل ما علينا، نمنا وارتحنا وحلمنا! «نَم واحلم وارتاح.. يأتيك النجاح!». أنا لا أشكك بالطبع فى رؤية النبى، صلى الله عليه وسلم، فى المنام، فهناك أحاديث تثبت ذلك، لكننى أريد أن أنبه إلى أن عدوى الرغبة فى رؤية النبى ما بين المشايخ والدعاة قد تدفع بعضهم للاستسلام لبعض الخيالات التى تختلط فيها اليقظة بالمنام، فيخيل إليهم أو يتوهمون الرؤيا المباركة. أذكر أننى قرأت أن «ابن عربى» كان يصل الأيام ببعضها يقظاناً يصلى داخل أحد القبور، فأدى به هذا الغلو إلى الشطط فى بعض الأفكار التى تجعل ذا العقل يرتاب فيها وفيه. فلك أن تتصور الحالة الجسدية والنفسية والذهنية لإنسان لم ينم لعدة أيام متواصلة، إن الخيال يمكن أن يذهب به فى هذه الحالة كل مذهب، ويعبث به أشد العبث، فتكون النتيجة أفكاراً هى إلى الوهم أقرب منها إلى الواقع. إن كثرة الأحاديث والحكايات من فصيلة حكاية «سلمان عودة» تدلل على أن هذه الأمة تكاد تفقد عقلها، بعد أن فقدت توازنها.. لله الأمر من قبل ومن بعد.