تسبب نشر تقرير لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكى، مساء أمس الأول، عن وسائل وتقنيات التعذيب التى اتبعتها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سى آى إيه»، بعد هجمات الحادى عشر من سبتمبر، فى حالة من الجدل والانقسامات الشديدة داخل الولاياتالمتحدة على مدار الأشهر الثمانية الماضية منذ ختام التقرير وحتى الإعلان عنه رسمياً، إلا أن نشره رسمياً تسبب فى خروج الخلاف إلى العلن، وسط سلسلة من الاتهامات المتبادلة بين الجوانب كافة. وعلى الرغم من كون الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش، الذى تم تنفيذ تلك التقنيات فى عهده، يتبع الحزب الجمهورى فى الولاياتالمتحدة، فإن أول المعارضين لتلك التقنيات كان السيناتور الجمهورى البارز جون ماكين، الذى أكد أن «الأمر لا يتعلق بأعداء الولاياتالمتحدة، وإنما بنا نحن.. كيف كنا وما سنكون وما نريد أن نكون فى المستقبل»، مضيفاً: «الحقيقة يصعب تقبلها فى بعض الأحيان. تضعنا أحياناً فى صعوبات فى الداخل والخارج. وهى تستخدم فى بعض الأحيان من قبَل أعدائنا. لكن الأمريكيين لهم الحق فى معرفتها رغم كل شىء». وعلى الجانب التنفيذى، أعلن الرئيس الأمريكى باراك أوباما رفضه مجدداً لبرنامج التعذيب الذى تعهد بوضع حد له منذ وصوله إلى السلطة فى يناير 2009، مؤكداً أن «هذه الوسائل شوهت كثيراً من سمعة أمريكا فى العالم»، مضيفاً: «لا توجد أمة كاملة، لكن أحد مكامن القوة فى أمريكا هى فى إرادة المواجهة الصريحة لماضينا»، فيما قال نائب الرئيس الأمريكى جو بايدن، إن «الولاياتالمتحدة ارتكبت خطأً.. ونحن نعترف به». وقالت رئيسة لجنة الاستخبارات فى مجلس الشيوخ، ديان فاينسيتاين، إن «ممارسات الاستخبارات الأمريكية وصمة عار فى تاريخ الولاياتالمتحدة، والتقرير لن يستطيع محو تلك الوصمة، ولكنه يقول للشعب الأمريكى والعالم أجمع إن الولاياتالمتحدة بلد عظيم يعترف بأخطائه إذا وقعت ويشعر بالثقة بأنه سيتعلم من تلك الأخطاء». أما السيناتور الجمهورى ساكسبى تشامبليس فقد ندد بنشر التقرير، مؤكداً أنه يعيد فتح جروح قديمة. وقال: «فى وقت يحترق فيه العالم، خصصت لجنة 5 أعوام و40 مليون دولار لبرنامج انتهى بالواقع قبل أكثر 8 أعوام»، فيما دافع مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية «سى آى إيه»، جون برينان، عن سلوك أجهزة الاستخبارات، قائلاً إنها أنقذت حياة الكثيرين. وأضاف، فى تصريحات نقلتها شبكة «بى.بى.سى» البريطانية: «المعلومات التى تم الحصول عليها من عمليات الاستجواب كانت مهمة للتعرف على تنظيم القاعدة وتساعد حتى الآن فى جهود مكافحة الإرهاب»، ولكنه فى الوقت ذاته أقر بوقوع بعض الأخطاء فى استخدام وسائل الاستجواب، مشدداً على أن تلك العمليات أنقذت أرواح الكثيرين. فى الوقت ذاته، أنشأ مسئولون سابقون فى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية موقعاً إلكترونياً للرد على حملة الانتقادات العنيفة التى طالتهم، إثر نشر تقرير تقنيات التعذيب التى استخدموها فى استجواب المشتبه بهم فى قضايا إرهابية. من ناحية قالت صحيفة «نيويورك بوست» الأمريكية إن 2 من علماء النفس حصلا على 81 مليون دولار لابتكارهما تكتيكات تعذيب استخدمتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. وأشارت الصحيفة، فى تقرير لها، إلى أن عالمَى النفس اللذين كانا يعملان فى سلاح الجو الأمريكى قبل أحداث الحادى عشر من سبتمبر لم يكونا يتمتعان بخبرة علمية كافية فى مجالهما، إلا أنهما طورا أساليب تعذيب المحتجزين، على الرغم من أنه لم يكن لهما أى خبرات ثقافية أو لغوية ذات صلة، ولم يكن لهما معرفة بأساليب مكافحة الإرهاب. وتابعت الصحيفة أن التقرير هو دليل على سوء الإدارة والرقابة المحدودة، وأن المفاجأة هى أن عدداً قليلاً من المسئولين الأمريكيين قد شاركوا فى إدارة برنامج بهذا الحجم، وأوضحت أن عالمى النفس لعبا دوراً مركزياً فى إجراء وتقييم عمليات الاستجواب. ونقلت الصحيفة عن السيناتور ديان فينشتاين قوله «إن وكالة المخابرات المركزية اعتمدت على عالمى النفس فى تقييم برنامج الاستجواب الذى ابتكراه، وإن الوكالة استعانت بخدماتهما فى مراحل الاحتجاز والاستجواب من عام 2005 إلى عام 2008، مقابل عقد مع شركة يملكانها بقيمة 181 مليون دولار أمريكى تم دفع 81 مليوناً منها، وإن تقييم الحالة النفسية للمعتقلين هو أمر مهم خلال الاستجواب.