عنتيل جديد على وجهه علامات التدين المعافى من الخطايا، هؤلاء الذين تنم هيئتهم على تطبيق حد الرجم على الزاني والزانية، وقطع يد السارقة، ولكن التطور الحضاري كما له من مميزات عدة له مساوئ تفضح النفس البشرية الأمارة دائمًا بالسوء. الواقعة كشفها جهاز الحاسب الآلي الخاص به بينما كان على غفله من أمره، ليظهر العفن الذي يعيش بين شعر لحيته الكثيف، ولم تعد العورات بحاجة إلى الستر، وإنما أصبح الأمر "على عينك يا تاجر". النزعة الذكورية التي تغلب على المجتمع، هي أبرز ما أدى لحدوث تلك الجريمة، بحسب الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، الذي أكد أن تلك الواقعة تعكس عدم احترام ذلك الشخص للمرأة بصفة عامة، قائلًا: "لا يعقل أن يقوم شخص بتلك الأفعال الخسيسة ويصور نفسه في تلك الأوضاع ويجمع أصحابه لمشاهدتها". وأضاف أستاذ علم الاجتماع، ل"الوطن"، أن هذا يلفت أيضًا إلى معاناة العديد من الشباب الذين لا يجدون ما يشغلهم ولا يوجد أي إنجاز في حياتهم، ما يسبب لهم العديد من الأمراض النفسية "ده غير نظرة المجتمع اللي بيلوم الفتاة الفقيرة اللي اتخدعت ويسيبوا الجاني"، قائلًا: "إن هذا يفسر تعامل المجتمع المصري مع المرأة واحتقارها". "شعب متدين بطبعه"، جملة أطلقت في العموم على الشعب المصري بأكبر طوائفه سواء المسلمة أو المسيحية، فالرجل المسلم ملتزم دومًا بالنزول إلى صلاة الجمعة برفقة جيرانه وصغاره من الذكور، بينما المسيحي لا يترك أجراس الكنيسة تدق وحدها يوم الأحد، وإنما وجب عليه حضور القداس مع العائلة، وهي ذات الجملة التي توقف أمامها كثير من المفكرين والفنانين وحتى رجال الدين، وبنيت عليها نظريات ومقالات وتحليلات للشعب العريق، وهذا ما فسرته الدكتورة هبة العيسوي، أستاذة الطب النفسي، والتي أكدت أن الشخصية المصرية مؤمنة بوجود الخالق منذ زمن بعيد، مضيفة أن الدين تم استغلاله للسيطرة على أشخاص وتغييب عقولهم لتيسير استغلالهم، وأصبح مظهر المتدين وسيلة لإخفاء أو تمرير سلوكيات غير مقبولة تسيطر على المجتمع. الشعب المصري في ظاهره "متدين بطبعه ووقور"، وإنما قنوات الرقص الشرقي والقمر الأوروبي مفتوحة دومًا على مصارعيها، وحالات التحرش تعج بها الميادين العامة، والشوارع الجانبية، والتعصب المذهبي يحرق كنائس الصعيد، والجرائم والفضائح الأخلاقية أصبحت واحدة من المانشيتات الرئيسية في الصحف، وتمتلئ بها المحافظات، وهذا ما اعتبرته "العيسوي"، "حيلة من حيل الدفاع النفسي"، المتمثلة في قيام الشخص بعمل الرذيلة بينما يبالغ في الصلاة والعبادات ليعطي لنفسه مبررات وهمية ينسجها بخياله حتى يستمر في هذا السلوك الانحرافي بدون حالات تأنيب الضمير. وبحسب أستاذة الطب النفسي، فإن الكبت المتواصل من المحيطين بالفرد هو ما قد يدفعه لما فعله ذلك "العنتيل"، مفسرة ذلك بأن الكبت يدفعه شعوريًا ولا شعوريًا إلى سلوك غير سوي في الخفاء لتفريغ هذا الشعور، إضافة إلى بعض العقد النفسية التي قد يصاب بها الرجل الذي عانى الغيرة والقسوة والاضطهاد من والده فيلجأ للانحراف الجنسي وممارسة الرذيلة بشكل متكرر. وأضافت أستاذة الطب النفسي، ل"الوطن"، أن ذلك النوع يتسم في كثير من الأحيان بالشخصية السيكوباتية، التي تتميز سماتها بالانحراف والخيانة والقسوة إزاء الآخر دون رحمة أو شعور بالذنب، قائلة: "ربما يعاني ذلك الشخص أيضًا من مرض الاستهواء، الذي يكرس فيه كل طاقاته للبحث عن الشهوات والملذات بشكل جنوني دون حساب العواقب". "العيسوي"، ترى أن الحل في محاربة ظاهرة التدين الظاهري بسيط، موضحة أنه يكمن في تعديل الخطاب الديني بما يتماشى مع الشباب ولغة العصر، والاهتمام بجوهر الدين والأخلاق والسلوكيات الحميدة.