قبل أن يأخذك العنوان إلى تفكير خاطئ.. أو تفهم منه شيئا لا أعنيه.. دعني أوضح لك _ في البداية.. دعنا نتفق أن أموال الدنيا وأموال حكومتنا لن تعيد الحياة لمن مات في حادث الكوامل بسوهاج بعد سقوط سيارة في ترعة .. ونفس الأموال لن تعيد ضحايا "محرقة الأتوبيس" في البحيرة .. وللجميع الرحمة وأتمني من الله أن ينزل السكينة والرضا والصبر على قلوب أسر الضحايا في "قبلي وبحري". _ ما أكتبه هنا ليس إلا أسئلة تدور في أذهان الكثير في الصعيد وفي سوهاج .. لماذا الإهمال في كل شيء .. طرق .. كباري .. مياه شرب .. فقر .. قلة خدمات .. مستشفيات متواضعة .. وفي الحادثين الأخيرين .. "الكوامل ومحرقة البحيرة" رسخت الحكومة المبدأ .. و" ميزت وصنفت " بين دماء الضحايا في سوهاج ودماء الضحايا في البحيرة. _ لا أعرف سرا أو سببا لتصنيف الحكومة في شأن التعويضات لحادثين كارثيين وقعا في غضون أسبوع واحد ومع طلاب ذهبوا لتلقي العلم .. الأولى في سوهاج .. حين دفعت 11 طالبة بكلية التربية حياتهن ثمناً لحادث طريق وسقوط سيارة في ترعة بسبب طريق غير ممهد و حكومة "غائبة" عن المشهد .. سمحت بافتتاح كلية التربية في قرية بعيدة عن مدينة سوهاج وجامعتها قرابة 12 كيلو .. والطريق لا يصلح ولا يصح أن يستقبل سيارات .. بالبلدي كده أقرب ل"مدق". _ وقبل أن أتحدث عن التعويضات .. أؤكد لك أن ضحايا سوهاج جميعا في حادث "الكوامل" لن يضيرهم عدم الحصول على تعويضات .. ولن تطفئ التعويضات نارهم بعد فقد بناتهم. _ دعني أحدثك عن طفلة عمرها 9 أشهر .. هي رودينا بدران كانت هناك .. في محيط مقابر قريتها، شطورة في سوهاج، .. حملها بعض أقاربها لا تدري ماذا يحدث .. لكن وجها محببا اليها غاب .. وجها تعشقه ليس من بين الواقفين في هذا المكان .. يد حنون لم تكن تحملها في هذا الوقت وهي التي كانت تحملها وتناغشها طوال شهور مضت .. كانت وكان آلاف من قريتها ينتظرون قدوم جثمان والدتها مي عبد النعيم التي راحت من بين ضحايا حادث "الكوامل" .. ترى هل تعوض الأموال هذه الرضيعة عن عطف وحنان وحب أم .. ظني أن الجميع يعلم الإجابة عدا "الحكومة". _ لك أن تتخيل قيمة التعويضات التي قررتها الحكومة لضحايا سوهاج وأعلنها المحافظ منذ يومين .. 2000 جنيه لكل أسرة وفي البحيرة أعلنت الحكومة عن 40 ألف جنيه (30 ألف من وزارة التربية والتعليم و10 آلاف من التضامن) لكل أسرة ضحية .. ما هذه الحكومة .. وكيف تفكر .. ومين يصيغ القرارات .. ومن يوافق عليها. _معلومات لدي أن وزيرة التضامن قررت أمس زيادة تعويض كل أسرة في سوهاج بمبلغ يتراوح ما بين 4 إلى 6 آلاف .. والسيدة لم تعلن وظني أنها لن تعلن. _ ما أتمناه .. وما يجب فعله أن تتوقف الحكومة عن مهزلة التعويضات .. يجب ألا تعلنها نهائيا .. تتعامل مع الأسر بعيداً عن منطق "الإعلان والإعلان" .. يجب أن يكون أن كرامة المواطن "الميت" قبل الحي معززة مصونة من حكومته .. "التسعيرة" كلمة مهينة .. أو حتى كلمة التعويض وإن كانت أقل وطأة من "تسعيرة" الحكومة .. على الجميع أن يتعامل ب"احترافية وتفكير ورؤية" أكثر عمقا مما نراه ونتابعه من "حكومات هذا الزمان". _ المواطن .. أيتها الحكومة .. لا يريد منك تعويضا عن "ميت" .. المواطن يريد منك يا حكومة أن تهتمي به وبطرقه وصحته وتعليمه .. المواطن يا حكومة يتمنى "ضميرا" لدى المسؤول (صغيرا كان أم كبيرا) .. خفير وحتى وزير وحتى رئيس الجمهورية. _ المواطن يا حكومة ..وإن قررتي تعويضا لا يتمنى ولا يقبل التفرقة .. لا يتمنى أن يكون سعره عفوا لاستخدام هذه الكلمة، في مزاد .. طالع نازل .. المواطن يا حكومة يريد عدلاً وحياة .. المواطن في سوهاج يا حكومة عنده "حياء" في التعامل مع ملف "التعويض المخجل" .. حياء ظني أن كثير من أعضائك يفتقدونه.