حدثنى صديق سودانى عقب استيلاء الإخوان على الحكم قائلاً: وكأنى أرى هذا السيناريو مرتين، وأخذ يروى لى الخطوات المتطابقة مع ما حدث فى السودان ويحدث بمصر وقتئذ، غير أنه عاد وحدثنى عقب ثورة 30 يونيو وما تبعها فى 3 يوليو، الخروج الأعظم لتفويض السيسى، وقال لى أنتم يا مصريين غيرتم السيناريو وأنهيتم المسرحية نهاية مختلفة؛ لأنكم شعب مختلف، ومرت الأيام وكلما حدث موقف من الشعب والسيسى يبتهج السودانى المعارض: كنتم على مقربة من دخول حظيرة الإخوان، كنتم كما الصابونة التى إذا ما ضممتها بيدك لتمسكها بقوة فى موضع الليونة والرفق فتنزلق من بين يدى ممسكها. كانت هذه فرحة شعب لم تتم، لم تكتمل بالقدر الذى يحتاجه الناس الغلابة. كان هذا كلام صديقى السودانى، أما كلام صديقى (الغرزجى) عم سعيد فكان له رأى آخر، وبينما يقلب كوب الشاى بالملعقة الألومونيا إذا به يؤكد أنه محبط، قائلاً قلتم مبارك فاسد شلناه، وقلتم مرسى فاشل وإرهابى خلعناه، وقلتم انتخبوا السيسى خرجنا بالملايين وانتخبناه.. وقلتم محلب (شغلتى) وحركى وميدانى أيدناه، وقلتم البنزين لازم سعره يرتفع ما قمناش بثورة وثمنه دفعناه، وقلتم نربط الحزام وربطناه، ووفروا النور، يقصد الكهرباء، وفرناه، وقلتم جمعوا مال لحفر القناة بالمليارات جمعناه، حتى الترامادول يا بشر بطلناه. رشفت أول رشفة من شاى عم سعيد التعيس، رغم أن غرزته على النيل مباشرة، وقلت له كلامك صحيح ولا معقب عليه. وللحق أقول: كلام عم سعيد، غير السعيد، أزعجنى؛ لأنه كلام غير نخبوى، وقد كرهت كلام النخبة والنخبويين، والسياسة والسياسيين الذين يتكلمون بأكثر مما يفعلون، وقد لا يعنى الغلابة من عينة عم سعيد، غير السعيد، من فعال السياسيين، غير ما يداعبون به بطون الغلابة، الزيوت والسكر واللحوم، وما يجرى من معارك سياسية طاحنة على بطون الغلابة قبيل الانتخابات.. وما ينتخبونه من حواشى الطعام، وما ينتج عنها من إخراجات بيولوجية فى الصناديق الانتخابية وأشياء أخرى (مش ناقصة قرف)، على أى الأحوال، ورغم أننى واحد ممن طالبوا بضرورة (محلبة) حكومة الببلاوى، حينما كان المهندس محلب وزيراً للإسكان، ورغم أن هذه الحكومة واجهت كوارث تعيق عملها حوادث إرهابية، وتعطل السياحة، وضعف الإنتاج، وما ينتج عنه من انخفاض فى معدلات التنمية، وعجز الموازنة وارتفاع حجم الدين الداخلى والخارجى، فإننى أعيب على هذه الحكومة تطابقها من حيث التوجه مع حكومات سابقة كانت تتغول على الغلابة بأكثر مما تبغى على جيوب الأغنياء، يكفى أن تعلم بأن الشقة لشاب يقبل على الزواج فى وزارة إسكان مدبولى بربع مليون جنيه. أرجو ألا يغيب عن الرئيس السيسى أن استمرار نفس السياسات قد يؤدى إلى ثورة جديدة.. ثورة المحبطين الجوعى للخبز والحرية. أقول ذلك وأنا أدرك أن لدينا من القدرات ما يحول دون هذه الثورة، وأحسب أن الحكومة مطالبة بأن تضع يدها فى فم الغلابة، وأن تسحب يدها المندسة فى جيوبهم، وأن تشملهم بإجراءات حماية اجتماعية، شبكة أمان اجتماعى تحمى الفقراء من السقوط تحت خط الفقر وتوقف زحف الطبقة المتوسطة باتجاه السور المحيط بالفقراء.