تحدثنا الأسبوع الماضى عن أهمية تعزيز التنمية الاقتصادية القائمة على المعرفة من خلال اعتماد ووضع رؤى وأهداف استراتيجية محددة لكى نستعيد نهضتنا الاقتصادية والثقافية العريقة كقوة إقليمية متقدمة ومؤثرة فى منطقة الشرق الأوسط فى وقت قياسى نتيجة ما تمر به منطقتنا من مخاطر وأطماع وتهديدات، وتناولنا إصلاح التعليم وضرورة إجراء تغييرات جذرية فى بناء هيكل التعليم ونظم إدارته وإعادة صياغة السياسات التعليمية والتربوية والأخلاقية ومعايير الجودة من جديد وتطوير التشريعات التى تسمح بالاستثمار فى قطاع التعليم. واليوم نتناول ملفاً آخر لا يقل أهمية عن التعليم فى مجال تحقيق التنمية المستدامة لجمهورية مصر العربية، حيث إنه أيضاً يعتبر إحدى ركائز بناء مصر الحديثة وهو الرعاية الصحية لما له من دور مؤثر فى حياة الإنسان. ويعانى القطاع الصحى فى جمهورية مصر العربية من مشكلات فنية وتنظيمية، إضافة إلى عدم كفاية الخدمات الصحية الحكومية كمّاً ونوعاً، وهو الأمر الذى يضع ضغوطاً كبيرة تجعل من الضرورى إعادة صياغة هذا القطاع بصورة تسمح بتحسين مستوى الخدمات المقدمة وتجعله قادراً على مواكبة النمو الكبير فى الطلب على الخدمات الصحية. هناك معايير عالمية محددة لتعزيز جودة الرعاية الصحية حسب مؤشر ليجاتوم للرخاء والازدهار العالمى - قطاع الصحة - توضح أكثر الدول التى تمتع بالرعاية الصحية وترتيب الدولة من حيث التلوث وسلامة المياه وسهولة الحصول على الوسائل الصحية وحالة الصرف الصحى، وإدراكاً لأهمية مواكبة متطلبات النهضة الاقتصادية، فى إطار السعى لتوفير أفضل مجالات الرعاية الصحية المتعددة فإنه يجب على كل من الدولة والمجتمع المدنى العمل معاً على تطبيق المعايير الدولية المحددة سلفاً لكل مستوى من مستويات الرعاية الصحية وبذل جهود حثيثة لتطوير تعزيز الصحة العامة وتقديم الرعاية الصحية القائمة على سياسات الاعتماد الصحى لضمان جودة خدمات الرعاية الصحية المقدمة للمرضى وضمان سلامتهم من الأخطاء الطبية لضمان توفير أعلى مستوى ممكن من الرعاية الصحية والخدمات الوقائية والعلاجية وصولاً للاعتماد الدولى وتغيير الفكر من علاج الأمراض إلى العمل على تعزيز سبل الوقاية منها وتحسين صحة الأفراد ولياقتهم مما يسهم فى تقليل تعرضهم للأمراض كأساس لنظام رعاية صحية ناجح ومتكامل ومحدد الأهداف القائم على جمع البيانات والأرقام وتحويلها إلى معلومات داعمة لتنمية القطاع الصحى فى جميع أرجاء جمهورية مصر العربية وبخاصة محافظات الصعيد وسيناء والحدود الغربية. إن التثقيف الصحى الفردى والمجتمعى وتوفير الدورات التدريبية النوعية فى مجال طب الأطفال والطوارئ والتمريض والرعاية الصحية تسهم جميعها فى تعزيز ثقة الطواقم الطبية من خلال المحاكاة بغرض اكتساب مهارات تشخيصية وممارسة الإجراءات الطبية اللازمة للتعامل مع المرضى، مما ينعكس إيجاباً على جودة الخدمات الطبية، لذا فإن توفير التمويل اللائق للنظم الصحية هو السبيل الوحيد لتوفير التغطية الشاملة وتحسين الكفاءات، وهو الأمر الذى يعنى ضرورة سرعة دعم مجالات الاستثمار فى التأمين الطبى وتوفير الحوافز لهذا القطاع والارتقاء بنظم التأمين الطبية التكافلية وسن التشريعات اللازمة لها لتكون سنداً لتحقيق العدالة وضمان تغطية كافة شرائح المجتمع وبخاصة فى مراحل الشيخوخة كصمام أمان للدولة المصرية.