مستقبل وطن" يختتم اجتماعات لجنة ترشيحات النواب استعدادًا لخوض انتخابات 2025    ميناء الإسكندرية يستقبل السفينة السياحية AROYA في رحلتها الرابعة خلال شهرين    حجز وحدات سکن مصر وجنة وديارنا بالأسبقية إلكترونيًا.. التفاصيل الكاملة    إيران تدرس إرسال وفد إلى فيينا لاستئناف المحادثات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    السيسي لرئيس وزراء اليونان: ملتزمون بحماية المقدسات الدينية على أراضينا ومنها دير سانت كاترين    النائب محمد أبو النصر: رفض إسرائيل مبادرة وقف إطلاق النار يكشف نواياها الخبيثة    التعادل السلبي يحسم الشوط الأول من مباراة سيراميكا وإنبي    5 آلاف دولار و800 ألف جنيه.. مسروقات شقة أحمد شيبة في الإسكندرية    من مواجهة الشائعات إلى ضبط الجناة.. الداخلية تعيد رسم خريطة الأمن في 24 ساعة    وزير الصحة يتفقد مستشفى الشروق ويوجه بدعم الكوادر الطبية وتطوير الخدمات    صلاح: التتويج بالبطولات الأهم.. وسنقاتل لتكراره هذا الموسم    وكيل تعليم الغربية: خطة لنشر الوعي بنظام البكالوريا المصرية ومقارنته بالثانوية العامة    الأوقاف تعقد 681 ندوة بعنوان "حفظ الجوارح عن المعاصى والمخالفات"    خالد الجندى يوضح الفرق بين التبديل والتزوير فى القرآن الكريم.. فيديو    بيع مؤسسي يضغط سوق المال.. والصفقات تنقذ السيولة    البرديسي: السياسة الإسرائيلية تتعمد المماطلة في الرد على مقترح هدنة غزة    الاحتفال بعروسة وحصان.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 فلكيًا وحكم الاحتفال به    مهرجان الجونة يفتح ستار دورته الثامنة بإعلان 12 فيلمًا دوليًا    مدحت العدل ينعى يحيى عزمي: "واحد من حراس الفن الحقيقي"    طب قصر العيني يطلق برنامجًا صيفيًا لتدريب 1200 طالب بالسنوات الإكلينيكية    "أريد تحقيق البطولات".. وسام أبو علي يكشف سبب انتقاله ل كولومبوس الأمريكي    وزيرة التنمية المحلية و4 محافظين يشهدون توقيع بروتوكولات للتنمية الاقتصادية    محافظ الإسماعيلية يوجه التضامن بإعداد تقرير عن احتياجات دار الرحمة والحضانة الإيوائية (صور)    بعد وفاة طفل بسبب تناول الإندومي.. "البوابة نيوز" ترصد الأضرار الصحية للأطعمة السريعة.. و"طبيبة" تؤكد عدم صلاحيته كوجبة أساسية    الداخلية: حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن الوادي الجديد    النائب علاء عابد: المقترح «المصري–القطري» يتضمن بنود إنسانية    كنوز| 101 شمعة لفيلسوف الأدب الأشهر فى شارع صاحبة الجلالة    الرئيس السيسي وماكرون يؤكدان ضرورة التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم في غزة    خلال اتصال هاتفى تلقاه من ماكرون.. الرئيس السيسى يؤكد موقف مصر الثابت والرافض لأية محاولات لتهجير الشعب الفلسطينى أو المساس بحقوقه المشروعة.. ويرحب مجددًا بقرار فرنسا عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية    حملة موسعة على منشآت الرعاية الأولية في المنوفية    إزالة 19 حالة تعد على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة في المنيا    تحرير 7 محاضر لمحلات جزارة ودواجن بمدينة مرسى مطروح    ما حكم إخبار بما في الخاطب من عيوب؟    رئيس جامعة القاهرة: تطوير وصيانة المدن الجامعية أولوية قصوى للطلاب    عمر طاهر على شاشة التليفزيون المصري قريبا    "كلنا بندعيلك من قلوبنا".. ريهام عبدالحكيم توجه رسالة دعم لأنغام    بعد نجاح «قرار شخصي».. حمزة نمرة يستعد لطرح ألبوم ثاني في 2025    تفاصيل جراحة مروان حمدي مهاجم الإسماعيلي وموعد عودته للمشاركة    حالة الطقس في الإمارات.. تقلبات جوية وسحب ركامية وأمطار رعدية    ضبط المتهمين بالتنقيب عن الآثار داخل عقار بالخليفة    كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما؟.. الإفتاء تجيب    بيع 11 محلًا تجاريًا ومخبز بلدي في مزاد علني بمدينة بدر    "خطر على الصحة".. العثور على كم كبير من الحشرات داخل مطعم بدمنهور    «سي إن إن» تبرز جهود مصر الإغاثية التى تبذلها لدعم الأشقاء في غزة    انطلاق مهرجان يعقوب الشاروني لمسرح الطفل    الليلة.. إيهاب توفيق يلتقي جمهوره في حفل غنائي بمهرجان القلعة    «عمر الساعي يكافئ الكوكي».. هل يعيد نجم المصري قصة «البديل الذهبي»؟    الزمالك: منفحتون على التفاوض وحل أزمة أرض النادي في 6 أكتوبر    وزير الدفاع يلتقي مقاتلي المنطقة الشمالية.. ويطالب بالاستعداد القتالي الدائم والتدريب الجاد    محافظ القاهرة يقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوي العام    توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين اقتصادية قناة السويس وحكومة طوكيو في مجال الهيدروجين الأخضر    صباحك أوروبي.. صلاح يتوج بجائزة لاعب العام.. استبعاد فينيسيوس.. ورغبة إيزاك    رئيس الوزراء: أدعو الطلاب اليابانيين للدراسة في مصر    فانتازي يلا كورة.. انخفاض سعر عمر مرموش    رعاية القلوب    انطلاق القطار السادس للعودة الطوعية للسودانيين من محطة مصر (صور)    ترامب: رئيس البنك المركزي يضر بقطاع الإسكان وعليه خفض أسعار الفائدة    مصدر أمني ينفي تداول مكالمة إباحية لشخص يدعي أنه مساعد وزير الداخلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالفيديو| "الوطن" تنشر النص الكامل لخطاب الرئيس السادات عقب نصر أكتوبر
نشر في الوطن يوم 06 - 10 - 2014

في الذكرى ال41 لانتصارات حرب أكتوبر المجيدة، تنشر "الوطن" النص الكامل لخطاب الرئيس الراحل محمد أنور السادات، والذي ألقاه في افتتاح الدورة الاستثنائية لمجلس الشعب في 16أكتوبر 1973، والذي اشتهر ب"خطاب النصر" الذي عرض فيه تفاصيل الحرب مع إسرائيل واجتياز قواتنا المسلحة خط بارليف المنيع في 6 ساعات.
"بسم الله، أيها الإخوة والأخوات، كان بودي أن أجيء إليكم قبل الآن، ألتقي بكم وبجماهير شعبنا وأمتنا، لكن مشاغلي كانت كما تعلمون وكما تدرون، وأثق أنكم تقدرون، ومهما يكن فلقد أحس بكم وبشعبنا وأمتنا معا فيما أخذت على مسؤوليتي تعبيرا عن إرادة أمة، وتعبيرا عن مصير شعب، مناسبا أن أجيء إليكم اليوم أتحدث معكم ومع جماهير شعبنا ومع شعوب أمتنا العربية وأمام عالم يهمه ما يجري على أرضنا لأنه وثيق الصلة بأخطر القضايا الإنسانية، وهي قضية الحرب والسلام، ذلك لأننا لا نعتبر نضالنا الوطني والقومي ظاهرة محلية أو إقليمية لأن المنطقة التي نعيش فيها بدورها الإستراتيجي والحضاري في القلب من العالم وفي الصميم من حركته ولأن الحوادث كبيرة ولأن التطورات متلاحقة ولأن القرارات مصيرية فإنني أريد أن أدخل مباشرة فيها أريد أن أتحدث معكم وسوف أركز على نقطتين: الحرب والسلام.
أولا: الحرب
لست أظنكم تتوقعون مني أن أقف أمامكم لكي نتفاخر معا ونتباهي بما حققناه في أحد عشر يوما من أهم وأخطر بل وأعظم وأمجد أيام تاريخنا، وربما جاء يوم نجلس فيه معا لا لكي نتفاخر ونتباهى ولكن لكي نتذكر وندرس ونعلم أولادنا وأحفادنا جيلا بعد جيل، قصة الكفاح ومشاقه ومرارة الهزيمة وآلامها وحلاوة النصر وآماله، نعم سوف يجيء يوم نجلس فيه لنقص ونروي ماذا فعل كل منا في موقعه، وكيف حمل كل منا الأمانة وكيف خرج الأبطال من هذا الشعب وهذه الأمة في فترة حالكة ليحملوا مشاعل النور وليضيئوا الطريق حتى نستطيع أن نعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء، ذلك كله سوف يجيء وقته وأظنكم توافقونني على أن لدينا من المشاغل والمهام ما يستحق أن نكرس له وقتنا وجهدنا، وإذا جاز لي أن أتوقف قليلا وأنا أعلم أنني أتوق شوقا إلى سماع الكثير فإنني أقول ما يلي:
أولاً : فيما يتعلق بنفسي فقد حاولت أن أفي بما عاهدت الله وما عاهدتكم عليه، حاولت أن أفي بما عاهدت الله وما عاهدتكم عليه قبل ثلاث سنوات بالضبط من هذا اليوم، عاهدت الله وعاهدتكم أن قضية تحرير التراب الوطني والقومي هي التكليف الأول الذي حملته ولاء لشعبنا وللأمة، عاهدت الله وعاهدتكم على أن لن أدخر جهدا ولن أتردد دون تضحية مهما كلفني في سبيل أن تصل الأمة إلى وضع تكون فيه قادرة علي دفع إرادتها إلى مستوى أمانيها، ذلك أن اعتقادنا دائما كان ولايزال أن التمني بلا إرادة نوع من أحلام اليقظة يرفض حبي وولائي لهذا الوطن أن تقع في سرابه أو في ضبابه.
عاهدت الله وعاهدتكم علي أن نثبت للعالم أن نكسة 1967 كانت استثناء في تاريخنا وليست قاعدة وقد كنت في هذا أصُر عن إيمان بأن التاريخ يستوعب (7000) سنة من الحضارة ويستشرف آفاقاً أعلم علم اليقين بأن نضال شعبنا وأمتنا لايعلو عنها وللوصول إليها وتأكيد قيمها وأحلامها العظمى، عاهدت الله وعاهدتكم على أن جيلنا لن يسلم أعلامه إلى جيل سوف يجيء بعده منكسة أو ذليلة، وإنما سوف نسلم أعلامنا مرتفعة هاماتها عزيزة صواريها قد تكون مخضبة بالدماء، لكننا ظللنا نحتفظ برؤوسنا عالية في السماء وقت أن كانت جباهنا تنزف الدم والألم والمرارة.
عاهدت الله وعاهدتكم على ألا أتأخر عن لحظة أجدها ملائمة ولا أتقدم عنها لا أغامر ولا أتلكأ، وكانت الحسابات مضنية والمسؤولية فادحة، لكنني أدركت كما قلت لكم وللأمة مرارا وتكرارا أن ذلك قدري، وأني حملته على كتفي، عاهدت الله وعاهدتكم وحاولت مخلصا أن أفي بالوعد ملتمسا عون الله وطالبا ثقتكم وثقة الأمة، وإني لأحمد الله.
ثانيا: لقد كان كل شيئا منوطا بإرادة هذه الأمة، حجم هذه الإرادة وعمق هذه الإرادة، وما كنا نستطيع شيئا، وما كان أحد ليستطيع شيئا لو لم يكن هذا الشعب، ولو لم تكن هذه الأمة، لقد كان الليل طويلا وثقيلا ولكن الأمة لم تفقد إيمانها أبدا بطلوع الفجر وإني لأقول بغير ادعاء إن التاريخ سوف يسجل لهذه الأمة أن نكستها لم تكن سقوطا، وإنما كانت كبوة عارضة وأن حركتها لم تكن فورانا وإنما كانت ارتفاعا شاهقا لقد أعطى شعبنا جهدا غير محدود وقدم شعبنا تضحيات غير محددة وأظهر شعبنا وعيا غير محدود وأهم من ذلك كله أهم من الجهد والتضحيات والوعي، فإن الشعب احتفظ بإيمان غير محدود، وكان ذلك هو الخط الفاصل بين النكسة والهزيمة، ولقد كنت أحس بذلك من أول يوم تحملت فيه مسؤوليتي وقبلت راضيا بما شاء الله أن يضعه على كاهلي، كنت أعرف أن إيمان الشعب هو القاعدة، وإذا كانت القاعدة، سليمة فإن كل ما ضاع يمكن تعويضه، وكل ما تراجعنا عنه نستطيع الانطلاق إليه مرة أخرى، وبرغم ظواهر عديدة بعضها طبيعي وبعضها مصطنع من تأثير حرب نفسية وجهت إلينا، فقد كان سؤالي لنفسي ولغيري في كل يوم يمر: هل القاعدة سليمة؟
وكنت واثقاً أنه ليس في قدرة أية حرب نفسية مهما كانت ضراوتها أن تمس صلابة هذه القاعدة، ومادامت القاعدة بخير فإن كل شيء بخير، وغير ذلك لن يكون إلا زوبعة في فنجان كما يقولون.
لست أنكر إننا وُجهنا بمصاعب جمة، مصاعب حقيقية مصاعب في الخدمات، مصاعب في التموين مصاعب في الإنتاج، مصاعب في العمل السياسي أيضا. وكنت أعرف الحقيقة، ولكنني لم أكن في موقف يسمح لي بشرحها كنت أعرف إننا نحاول نجعل الحياة مقبولة للناس وفي نفس الوقت فإن علينا أن نحتاط لما هو منتظر وكنت واثقا إنه سوف يجيء يوم تظهر فيه الحقيقة لغيري كما كانت ظاهرة لي، وحين تظهر الحقيقة فإن الناس سوف يعرفون وسوف يقدرون وأحمد الله.
ثالثا: لقد كانت هناك إشارة واضحة إلى وجود تمزق في ضمير الأمة العربية كلها، وكنت أرى ذلك طبيعيا لأسباب اجتماعية وفكرية وزادت عليها مرارة النكسة، كان هناك من يسألونني ويسألون أنفسهم هل تستطيع الأمة أن تواجه امتحانها الرهيب وهي على هذه الحالة من التمزق في ضميرها.
كنت أقول أن هذا التمزق فضلا عن أسبابه الطبيعية يعكس تناقضا بين الواقع والأمل وليس في ذلك ما يخيف بل كنت أعتقد أنه ليس هناك شفاء لضمير الأمة ولا راحة له إلا عندما تواجه الأمة لحظة التحدي ولم أكن في نفس الأوقات على استعداد للدخول في مناقشات عقيمة، هل نعالج التمزق قبل مواجهة التحدي؟ وكان رأيي أن الأمم لا تستطيع أن تكشف نفسها أو جوهرها إلا من خلال ممارسة الصراع وبمقدار ما يكون التحدي كبيرا بمقدار ما تكون يقظة الأمة واكتشافها لقدراتها كبيرة، لست أنكر وجود خلافات اجتماعية وفكرية فذلك مسار حركة التاريخ، لكنني في نفس الوقت كنت أعرف أن الأمم العظيمة عندما تواجه تحدياتها الكبرى فإنها قادرة على أن تحدد لنفسها أولوياتها بوضوح لا يقبل الشك، كنت مؤمنا بسلامة وصلابة دعوة القومية العربية وكنت مدركا للتفاعلات المختلفة التي تحرك مسيرة أمة واحدة.
لكنني كنت واثقا أن وحدة العمل سوف تفرض نفسها على كل القوى وعلى كل الأطراف وعلى كل التيارات، لأننا جميعا سوف نعي أن هذا الظرف ليس مساواة بين الاجتهادات وإنما هو الصراع بين الفناء والبقاء لأمة بأسرها وأحمد الله.
رابعا: ولقد كنت أعرف قواتنا المسلحة ولم يكن حديثي عنها رجما بالغيب ولا تكهنا، لقد خرجت من صفوف هذه القوات المسلحة وعشت بنفسي تقاليدها وتشرفت بالخدمة في صفوفها وكنت في ألويتها.
إن سجل هذه القوات كان باهرا، لكن أعداءنا الاستعمار القديم والجديد والصهيونية العالمية، ركزت ضد هذا السجل تركيزا مخيفا لأنها أرادت أن تشكك الأمة في درعها وفي سيفها، ولم يكن يخامرنا الشك في أن هذه القوات المسلحة، كانت من ضحايا نكسة سنة 1967 ولم تكن أبدا من أسبابها.
كان في استطاعة هذه القوات سنة 1967 أن تحارب بنفس البسالة والصلابة التي تحارب بها اليوم لو أن قيادتها العسكرية في ذلك الوقت لم تفقد أعصابها بعد ضربة الطيران التي حذر منها عبد الناصر أو لو أن تلك القيادة لم تصدر قرارا بالانسحاب العام من سيناء بدون علم عبد الناصر.
إن قواتنا لم تعط الفرصة لتقاتل عام 1967 أن هذه القوات لم تعط الفرصة لتحارب دفاعا عن الوطن وعن شرفه وعن ترابه، لم يهزمها عدوها ولكن أرهقتها الظروف التي لم تعطها الفرصة لتقاتل.
إن القوات المسلحة المصرية قامت بمعجزة على أعلى مقياس عسكري، ولقد شاركت مع جمال عبد الناصر في عملية إعادة بناء القوات المسلحة ثم شاءت الأقدار أن أتحمل مسؤولية استكمال البناء ومسؤولية القيادة العليا لها أن القوات المسلحة قامت بمعجزة على أعلى مقياس عسكري استوعبت العصر كله تدريبا وسلاحا بل وعلما واقتدارا حين أصدرت لها الأمر ان ترد علي استفزاز العدو وان تكبح جماح غروره فإنها أثبتت نفسها أن هذه القوات أخذت في يدها بعد صدور الأمر لها زمام المبادرة وحققت مفاجأة العدو وأفقدته توازنه بحركاتها السريعة
إن التاريخ العسكري سوف يتوقف طويلاً أمام عملية يوم 6 أكتوبر 1973 ولست اتجاوز اذا قلت أن التاريخ العسكري سوف يتوقف طويلاً بالفحص والدرس أمام عملية يوم 6 أكتوبر 73 حين تمكنت القوات المسلحة المصرية من إقتحام مانع قناة السويس الصعب واجتياز خط بارليف المنيع وعبور الضفة الشرقية من القناة بعد أن أفقدت العدو توازنه
لقد كانت المخاطرة كبيرة والتضحيات عظيمة لمعركة 6 أكتوبر خلال الساعات الست الأولي من حربنا كانت هائلة فقد العدو توازنه إلي هذه اللحظة
وإذا كنا نقول ذلك اعتزازاً وبعض الاعتزاز إيمان فان الواجب يقتضينا أن نسجل من هنا وبإسم هذا الشعب وبإسم هذه الأمة ثقتنا المطلقة في قواتنا المسلحة ثقتنا في قياداتها التي خططت وثقتنا في شبابها وجنودها الذين نفذوا بالنار والدم ، ثقتنا في إيمان هذه القوات المسلحة في قدرتها علي إستيعاب هذا السلاح
أقول باختصار أن هذا الوطن يستطيع أن يطمئن ويأمن بعد خوف إنه قد أصبح درع وسيف
أريد من هنا أن أشد إنتباه حضراتكم معي إلي الجبهة الشمالية حيث يحارب الجيش السوري العظيم معركة من أمجد معارك الأمة العربية تحت القيادة المخلصة والحازمة للأخ الرئيس حافظ الأسد
وأريد أن أقول لإخوتنا في الجبهة الشمالية إنكم عاهدتكم وكنتم الأوفياء للعهد وصادقتكم وكنتم أشرف الأصدقاء وقاتلتم وكنتم أشجع المقاتلين ،، انكم حاربتم حرب رجال وصمدتم صمود الأبطال
ولم يكن في مقدورنا أن نجد رفقة سلاح أكثر مدعاة للطمأنينة والفخر من هذه الرفقة التي تشرفنا بالقتال فيها معكم ضد عدو واحد لنا هو عدو أمتنا العربية كلها ، لقد كنا من طلائع المعركة ، تحملنا ضراوتها ودفعنا معاً أفدح تكاليفها من دمائنا ومن مواردنا ، ولسوف نواصل القتال ، ولسوف نتحدي الخطر ، ولسوف نواصل مع إخوة لنا ، تنادوا الي الساحة صادقين مخلصين سوف نواصل جميعاً دفع ضريبة العرق والدم حتي نصل إلي هدف نرضاه لأنفسنا وترضاه أمتنا لنضالها في هذه المرحلة الخطيرة من مراحله المتصلة المستمرة
أيها الإخوة والأخوات
كل ذلك عن الحرب والآن ماذا عن السلام ؟
عندما نتحدث عن السلام فلابد لنا أن نتذكر ولا ننسي كما لابد لغيرنا ألا يتناسي حقيقية الأسباب التي من أجلها كانت حربنا وقد تأذنون لي أن أضع بعض هذه الأسباب محددة قاطعة أمام حضراتكم
أولاً : اننا حاربنا من أجل السلام 00 حاربنا من أجل السلام الوحيد الذي يستحق وصف السلام ، وهو السلام القائم علي العدل ، إن عدونا يتحدث احياناً عن السلام ولكن شتان ما بين سلام العدوان وسلام العدل ، إن دافيد بن جوريون هو الذي صاغ لاسرائيل نظرية فرض السلام والسلام لا يفرض والحديث عن فرض السلام معناه التهديد بشن الحرب او شنها فعلاً
والخطأ الكبير الذي وقع في عدونا إنه تصور أن قوة الإرهاب تستطيع ضمان الأمن ولقد أثبت عملياً اليوم وفي ميدان القتال عقم هذه النظرية
السلام لا يفرض وسلام الأمر الواقع لا يقوم ولا يدوم ، السلام بالعدل وحده ، والسلام ليس بالارهاب مهما أمعن في الطغيان ومهما زين له غرور القوة أو حماقة القوة
ذلك الغرور وتلك الحماقة اللتين تمادي فيها عدونا ليس فقط خلال السنوات الست الأخيرة بل خلال السنوات الخمس والعشرين ، أي منذ قامت الدولة الصهيونية بإغتصاب فلسطين ولقد نسأل قادة إسرائيل اليوم : أين ذهبت نظرية الأمن الإسرائيلي التي حاولوا اقامتها بالعنف تارة وبالجبروت تارة اخري ، طوال خمس وعشرين سنة ؟ لقد انكسرت وتحطمت ، قوتنا العسكرية تتحدي اليوم قوتهم العسكرية وها هم في حرب طويلة ممتدة وهم أمام إستنزاف نستطيع نحن أن نتحمله بأكثر وأوفر مما يستطيعون وها هم عمقهم معرض إذا تصوروا أن في إستطاعتهم تخويفنا بتهديد العمق العربي
وربما أضيف كي يسمعوا في إسرائيل أننا لسنا دعاة إبادة كما يزعمون أن صواريخنا المصرية العربية عابرة سيناء من طراز ظافر موجودة الآن علي قواعدها ، مستعدة للإنطلاق بإشارة واحدة إلي الأعماق في اسرائيل ولقد كان في وسعنا منذ الدقيقة الأولي للمعركة أن نعطي الإشارة ونصدر الأمر خصوصاً وأن الخيلاء والكبرياء الفارغة أوهمتهم بأكثر مما يقدرون علي تحمل تبعاته لكننا ندرك مسئولية استعمال أنواع معينة من السلاح ونرد أنفسنا بأنفسنا عنها ، وإن كان عليهم أن يتذكروا ما قلته يوما ومازلت أقوله العين بالعين والسن بالسن والعمق بالعمق
ثانياً : اننا لم نحارب لكي نعتدي علي أرض غيرنا وإنما حاربنا ونحارب وسوف نواصل الحرب لهدفين اثنين
الأول : استعادة أراضينا المحتلة بعد سنة 1967
الثاني : إيجاد السبل لإستعادة وإحترام الحقوق المشروعة لشعب فلسطين ، هذه هي أهدافنا من قبول مخاطر القتال ولقد قبلناها رداً علي استفزازات لا تحتمل ولا تطاق ولم نكن البادئين إنما كنا فيها ندافع عن أنفسنا وعن حرياتنا وعن حقنا في الحرية والحياة
إن حربنا لم تكن من أجل العدوان ولكن ضد العدوان ولم نكن في حربنا خارجين علي القيم ولا القوانين التي إرتضاها مجتمع الدول لنفسه وسجلها في ميثاق الامم المتحدة الذي كتبته الشعوب الحرة بدمائها بعد انتصارها علي الفاشية والنازية بل لعلنا نقول ان حربنا هي إستمرار للحرب الإنسانية ضد الفاشية والنازية ، ذلك لأن الصهيونية بدعواها العنصرية وبمنطق التوسع بالبطش ليس إلا تكراراً هزيلاً للفاشية والنازية يثير الإزدراء ولا يثير الخوف ويبعث علي الإحتقار أكثر مما يبعث علي الكراهية
إننا في حربنا كنا نتصرف وفق نص روح وميثاق الأمم المتحدة وليس مجافاة للروح ولا للنص وإلي جانب الميثاق نفسه فقد كنا نتصرف تقديراً واحتراماً لقرارات المنظمة الدولية سواء علي مستوي الجمعية العامة للأمم المتحدة أو علي مستوي مجلس الأمن
أيها الإخوة والأخوات
لقد شهد العالم كله لنا بالحق وأشاد بشجاعتنا دفاعاً عن هذا الحق
أدرك العالم إننا لسنا البادئين بالعدوان ولكننا المبادرون بواجب الدفاع عن النفس ، لسنا ضد قيم وقوانين مجتمع الدول ولكننا مع قيم وقوانين مجتمع الدول لسنا مغامري حرب وانما نحن طلاب سلام
أدرك العالم ذلك كله وكان يتعاطف من قبل ذلك مع قضيتنا واليوم زاد علي تعاطفه معنا إحترامه لتصميمنا علي الدفاع عن هذه القضية ولقد كنا نطمئن بعطف العالم ونحن الآن نعتز بإحترامه وأقول لكم بصدق وأمانة إنني افضل إحترام العالم ولو بغير عطف علي عطف العالم اذا كان بغير إحترام وأحمد الله
أيها الإخوة والأخوات
إن دولة واحدة اختلفت مع العالم كله ولم تختلف معنا فقط انما مع العالم كله كما قلت ، وهذه الدولة هي الولايات المتحدة لقد فوجئت كما تدعي بأننا حاولنا رد العدوان ولسنا نفهم كيف ولماذا فوجئت هذه الدولة ، لم تكتف كما تقول بأنها فوجئت وإنما أفاقت من المفاجأة دون أن تعود إلي الصواب ، ومن المؤسف والمحزن أن يكون هذا موقف واحدة من القوي الأعظم في هذا العصر لقد كنا نتوقع أو ربما نتمني ضد الشواهد والتجارب كلها أن تفيق الولايات المتحدة الامريكية من المفاجأة إلي الصواب لكن ذلك لم يحدث ورأينا الولايات المتحدة تخرج من المفاجأة إلي المناورة والعودة إلي خطوط ما قبل 6 أكتوبر وكان يمكن أن نغضب من هذا المنطق المعكوس ولكننا لم نغضب لأننا نثق في أنفسنا من ناحية ومن ناحية أخري لأننا بالفعل نريد أن نساهم في سلام العالم
إن العالم يدخل في عصر من الوفاق بين القوتين الأعظم ونحن لا نعارض سياسة الوفاق ، كان لنا تحفظ واحد عليها ومازال تحفظناً قائماً ، إذا كنا نريد أن يدخل العالم بعد إستحالة الحرب العالمية إلي عصر من السلام فإن السلام ليس معني مجرداً او مطلقاً السلام له معني واحد هو أن تشعر كل شعوب الأرض إنه سلام لها وليس سلاماً مفروضاً عليها
واني لأقول امام حضراتكم وعلي مسمع من العالم : نحن نريد ان تنجح وان تتدعم سياسة الوفاق ونحن علي إستعداد للمساهمة في إنجاحها وتدعيمها
إن أي نسيان لهذه الحقيقة البديهية ليس تجاهلاً فحسب وإنما هو إهانة لا نرتضيها لأنفسنا ولا للعالم الذي يعرف أهمية وقيمة المنطقة التي نعيش فيها وعليه أن يعرف الآن أن هذه المنطقة قادرة علي أن تمنح وأن تمنع
أيها الإخوة والأخوات
إن الولايات المتحدة بعد المناورة التي رفضنا مجرد مناقشتها خصوصاً بعد ان فتحنا طريق الحق بقوة السلاح إندفعت إلي سياسة لا نسطيع أن نسكت عليها 00 لا نستطيع أن نسكت عليها أو تسكت عليها أمتنا العربية 00 ذلك إنها أقامت جسراً سريعاً تنقل به المعونات والمساعدات العسكرية لإسرائيل
لم يكف الولايات المتحدة أن سلاحها هو الذي مكن إسرائيل من تعطيل كل محاولات الحل السلمي لأزمة الشرق الاوسط فاذا هي الآن تتورط فيما هو افدح ، فيما هو اخطر في عواقبه بينما نحن نقاتل العدوان وبينما نحاول إزاحة كابوسه عن أراضينا المحتلة إذ هي تسارع إلي العدوان تعوضه عما خسره وتزوده بما لم يكن لديه
إن الولايات المتحدة تقيم جسراً بحرياً وجوياً تتدفق منه علي إسرائيل دبابات جديدة وطائرات جديدة ومدافع جديدة وصواريخ جديدة واليكترونيات جديدة ونحن نقول لهم إن هذا لن يخيفنا ولكن عليكم وعلينا قبل أن تصل الأمور إلي نقطة اللاعودة أن نفهم إلي أين وإلي متي وأين ونحن خريطة الشرق الاوسط وليست إسرائيل ، إلي أين ومصالحكم كلها عندنا وليست في إسرائيل ؟ الي اين والي متي ؟
أيها الإخوة والأخوات
لقد فكرت في أن أبعث إلي الرئيس ريتشارد نيكسون بخطاب أحدد فيه موقفنا بوضوح ولكنني ترددت خشية إساءة التفسير ولذلك قررت ان استعيض عن ذلك بتوحيد رسالة مفتوحة إليه من هنا ، رسالة لا يمليها القول ولكن تمليها الثقة ، رسالة لا تصدر عن ضعف ولكن تصدر عن رغبة حقيقية في صون السلام ودعم الوفاق ، أريد أن اقول إنه بوضوحإن مطلبنا في الحرب معروف لا حاجة بنا لإعادة شرحه ، وإذا كنتم تريدون معارضة مطلبنا في السلام فإليكم مشروعنا للسلام
اولاً : إننا قاتلنا وسوف نقاتل لتحرير أرضنا التي أمسك بها الإحتلال الإسرائيلي سنة 67 ولإيجاد السبيل لإستعادة وإحترام الحقوق المشروعة لشعب فلسطين ، ونحن في هذا نقبل إلتزامنا بقرارات الأمم المتحدة في الجمعية العامة ومجلس الأمن
ثانياً : إننا علي استعداد لقبول وقف إطلاق النار علي أساس إنسحاب القوات الاسرائيلية عن كل الأراضي المحتلة فوراً وتحت اشراف دولي إلي خطوط ما قبل 5 يونيو1967
ثالثاً : إننا علي إستعداد فور إتمام الإنسحاب من كل هذه الأراضي أن نحضر مؤتمر سلام دولي في الأمم المتحدة سوف أحاول جهدي أن اقنع به رفاقي من القادة العرب المسئولين مباشرة عن إدارة الصراع مع العدو كما إنني سوف أحاول جهدي أن أقنع به ممثلي الشعب الفلسطيني وذلك لكي يشارك معنا ومع مجتمع الدول في وضع قواعد وضوابط السلام في المنطقة يقوم علي إحترام الحقوق المشروعة لكل شعوب المنطقة .
رابعاً : إننا علي إستعداد في هذه الساعة من هذه الدقيقة أن نبدأ في تطهير قناة السويس وفتحها أمام الملاحة الدولية لكي تعود أداء دورها في رخاء العالم وازدهاره ولقد أصدرت الأمر بالفعل إلي رئيس هيئة قناة السويس بالبدء في هذه العملية غداة إتمام تحرير الضفة الشرقية للقناة وقد بدأت بالفعل مقدمات للإستعداد لهذه المهمة
خامساً : إننا لسنا علي إستعداد في هذا كله لقبول وعود بمهمة أو بمبادرات مضللة تقبل كل تفسير وكل تأويل وتستنزف الوقت مما لا جدوي منه وتعيد قضيتنا إلي جمودها لم نعد نقبل به مهما كانت الأسباب لدي الغير أو تضحيات بالنسبة لنا ، ما نريده الآن هو الوضوح ، الوضوح في الغايات والوضح في الوسائل
أيها الإخوة والأخوات
لقد قلنا كلمتنا وأدعو الله مخلصاً أن يفهمها الجميع في إطارها الصحيح وأن يضعوها علي الخط المستقيم وأن يحسنوا تقدير الأمور إن هذه المسألة تتطلب شجاعة الرجال وعقل الرجال ومن جانبنا فإننا نواجه هذه الساعات بخضوع الصادقين مع الله ومع أنفسهم ومع أمتهم ومع إنسانيتهم هذه ساعات تدور فيها معارك أكبر مما دار من أسلحة تقليدية حتي في حروب العمالقة، هذه ساحات تتقرر فيها مصائر وتتحدد فيها علاقات سوف تفرض نفسها علي المستقبل وهي تؤكد نفسها في الحاضر هذه ساعات يتقدم فيها أبطال ، وهذه ساعات يسقط بل يرتفع فيها شهداء هذه ساعات حافلة بمشاعر متباينة تمتزج فيها صيحة الفرح بمشاعر عميقة أخري ذلك إننا كنا ولازلنا نريد الحق ولا نريد الحرب لكننا كنا ولانزال نريد الحق حتي إذا فرضت علينا الحرب وحين كانت نشوة الانتصار تملأ كل القلوب فانني كنت فيما بيني وبين ربي أعرف مدي العناء الإنساني الذي ندفعه في سبيل النصر
ولقد كنت أتتبع أنباء إنتصارنا في خشوع لإنني أعرف الحرب ولقد كان أعز القائلين هو الذي علمنا كتب عليكم القتال وهو كره لكم
أيها الإخوة والأخوات
هذه ساعات نعرف فيها أنفسنا ونعرف فيها الأصدقاء ونعرف فيها الأعداء ، ولقد عرفنا انفسنا ولقد عرفنا اصدقائنا وكانوا بأصدق وأخلص ما نطلب من الأصدقاء ولقد كنا نعرف عدونا دائماً ولسنا نريد أن نزيد من أعداءنا بل اننا لنوجه الكلمة بعد الكلم والتنبيه بعد التنبيه ، والتحذير بعد التحذير لكي نعطي للجميع فرصة يراجعون ولعلهم يتراجعون لكننا بعون الله قادرون بعد الكلمة وبعد التنبيه وبعد التحذير أن نوجه الضربة بعد الضربة ولسوف نعرف متي وأين وكيف إذا أرادوا التصاعد فيما يفعلون ، الأمة العربية كلها وأسمح لنفسي أن أعبر عنها ، لن ننسي مواقف هذه الساعات أن الأمة العربية لم تنس اصدقاءها هذه الساعات الذين يقفون معها ولن ننسي أعداء هذه الساعات الذين يقفون مع عدونا " ربنا كن لن عونا وهدي .. ربنا وبارك لنا في شعبنا وأمتنا ربنا انك وعدت ووعدك الحق " ان تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم "
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.