تساقطوا فوق بعضهم البعض واحدا تلو الآخر، دماؤهم روت أرض استاد بورسعيد، ومشاهد جثثهم ملأت الأرض حزنا وبكاء وعويلا، لم يقترفوا ذنبا، فقط ذهبوا إلى بورسعيد لتشجيع فريقهم، 9 أشهر مرت على مذبحة بورسعيد ولم تصل حقوق الشهداء إلى ذويهم، أصوات كثيرة نادت بالقصاص وأخرى تؤكد أنه قريب، وبين هذا وذاك هناك صوت ينادى بتخصيص مدرج كامل من كل مباراة لصالح الشهداء، مع تسمية كل مباراة من مباريات الدورى باسم أحدهم تخليدا لذكراهم.. هذا ما جاء فى وقفة الرياضيين أمام وزارة الرياضة تحت شعار «آه» للمطالبة بعودة النشاط الرياضى. يموت كل يوم شهيد فيتم إنشاء صفحة على مواقع التواصل باسمه، «كلنا خالد سعيد»، «كلنا مينا دانيال»، «كلنا عماد عفت»، «كلنا أنس».. ويصل عدد مشتركيها لمئات الآلاف، ثم تتحول الصفحة لمصدر عادى للأخبار من خلاله تعرف آخر تطورات البلد ويتوارى بعدها اسم الشهيد الذى أنشئت من أجله الصفحة. عن حقه فى محاكمة قاتليه يقول فوزى عطوان، والد أحمد فوزى، أحد شهداء مذبحة بورسعيد: «ربنا يسهل» وعن القصاص الذى أقره ربنا فى كتابه: «قصاص مين؟ إحنا فى دولة قانون، اثبت بقى مين اللى قتل»، يرى الأب المكلوم أن كلام المسئولين «فارغ ومجرد مماطلة ومساومة»، معتبرا أن الدولة لو راعت أبناءها لكرمتهم بعودة حقوقهم وليس بإطلاق أسمائهم على شوارع أو تخصيص مدرج أو إقامة دورى على جثثهم -على حد تعبيره. الابن -الشهيد أحمد- كان قد تخرج فى كلية الهندسة قبل الحادث بشهور، ومنحته جامعته شهادة فخرية هى الشىء الوحيد الذى خفف من حزن الأب نسبيا، غير أنه يضيف بحسرة أثناء وقوفه وسط الآلاف من شباب الألتراس المنددين بعودة النشاط الرياضى: «من غير قصاص النار اللى جوانا مش هتهدى.. وما حدش يقولنا تكريم عشان يهدينا.. ولادنا ماتوا وحقهم عند الدولة.. حقهم لما يرجع يبقى ده أحسن تكريم».