كشف المستشار محمود كامل الرشيدى، رئيس محكمة جنايات القاهرة التى تنظر «قضية القرن»، التى يحاكم فيها الرئيس الأسبق حسنى مبارك ونجلاه «علاء وجمال» ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى، ومساعدوه، عن أنه أجرى عملية جراحية عاجلة فى الظهر، قبل جلسة أمس بيوم واحد، ليتمكن من حضور الجلسة. وقال «الرشيدى»، فى تصريحات خاصة ل«الوطن»، إن فريقاً طبياً كان يحضر بالمحكمة لمتابعة حالته الصحية أثناء الجلسة، إضافة إلى أنه سيجرى عمليتين أخريين خلال الشهر الجارى، وعقب إجازة عيد الأضحى، بالظهر والعين، مؤكداً أن أوراق القضية ال160 ألفاً هى أمر مرهق جداً، وأنه أصيب بالظهر والعين بسبب عكوفه اليومى على دراستها وكتابة أسباب الحكم فى القضية، التى اعتبرها «قضية وطن». واستنكر المستشار الرشيدى الهجوم عليه فى وسائل الإعلام المختلفة بسبب التقرير المصوّر الذى أذيع خلال الجلسة، وأجرت فيه مراسلة قناة «صدى البلد» جولة داخل مقر إقامته وصوّرت جميع أوراق القضية، وقال «الرشيدى»: «يؤلمنى الهجوم علىّ بهذه الطريقة، وعلى من يهاجمنى النظر لكمية الأوراق التى تدرسها هيئة المحكمة ووضع نفسه مكانى ومكان زميلى فى هيئة المحكمة، والإعلام ينظر للأمر من منطلق ميثاقه الخاص، وهو الحصول على السبق، دون النظر لمغزى ما فعلت، وأؤكد أن التقرير لم يكن عليه لوجو المحطة». وتساءل «الرشيدى»: «كيف كنت سأعرض تلك التفاصيل للشعب وللوطن بأكمله؟ وهل كان يصح أن أخرج والجميع ينتظر إصدار الحكم وأنطق بقرار مد الأجل دون توضيح الأسباب التى دفعتنى لاتخاذ هذا القرار؟». وتابع: «لدىّ ظروفى الخاصة، وحاولت أن أكون قاضياً أميناً أتمتع بالشفافية، وقلت إن القضاء به المظهر والجوهر، إلا أن الجميع تجاهل ما أتعرض له خلال عام ونصف العام أقرأ فى ورق القضية، وأتعالج من الآلام التى تسببها لى تلك المهمة بدراسة 160 ألف ورقة، والجميع كان يبحث عن الشخص أو الجهة التى تقوم بالتصوير». ووجه «الرشيدى» حديثه لوسائل الإعلام بقوله: «المفروض أن تنظروا لعدد الورق وتشجعوا القاضى والقضاة الآخرين وتنظروا للمضمون وتُجنّبوا الخلافات الإعلامية بينكم، فأنا لم أسمع أحداً يتحدث عن المجهود الذى نقوم به أو الدعاء للمحكمة بالتوفيق والعون من الله، أنا حاولت نقل حال القضية لأكون أميناً دون ترك الأمر وأسباب مد الأجل للتكهنات». وأضاف «الرشيدى»: «أنا أتحمل فوق عبء القضية وظروفى الصحية بها، عبء خلافات الإعلام مع بعضه، وأنا حجزت القضية للحكم فى تلك المدة القصيرة، وكنت أدعو الله أن يبارك لى فى الوقت، لكننى أصبت بظهرى، وأجريت عملية جراحية عاجلة قبل جلسة الحكم بيوم واحد»، وعن هجوم بعض القضاة السابقين عليه، قال: «مع احترامى لكل القضاة، هذه وجهة نظر، لكنى أرى أنى سننت سُنة حسنة بتوضيح الأمور للشعب، لأن القضية ليست عادية»، ورد «الرشيدى» على من يقولون إن أوراق القضية كلها على الكمبيوتر، بقوله: «هناك أجزاء مكتوبة يدوياً وهو ما أظهرته وأوضحت أنى قمت بتوثيق هذا الكم الهائل من الأوراق لأحافظ على الحقوق بالنسبة للمحامين والمدعين بالحق المدنى، وفى الجلسة المقبلة سينطق بالحكم مباشرة، إذا لم يطرأ جديد، وأتمنى أن يدعوا لنا المصريون بتوفيق الله». وأكد أنه تعمد ذكر المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية والخاصة بانقضاء الدعوى الجنائية فى حال وفاة أحد المتهمين، للرد على الأقاويل التى ترددت مؤخراً بشأن رغبة المحكمة فى إطالة أمد القضية. وأضاف أنه سيكتب الحكم متضمناً أسبابه لكل متهم حتى فى حال وفاة أحدهم، لافتاً إلى أنه حرصاً على توضيح الصورة كاملة أمام الرأى العام، كان لا بد من التطرق إلى هذه المادة والتأكيد على أن المحكمة مستمرة فى نظر القضية وكتابة الحكم فيها بأسبابه سواء كان بالإدانة أو البراءة. وأضاف «الرشيدى» أنه سيغادر خلال الأيام المقبلة إلى فرنسا لإجراء عملية جراحية بالعمود الفقرى بأحد المراكز الطبية هناك بعد معاودة الآلام له مرة أخرى بسبب نظره لهذه القضية التى تخطت أوراقها 160 ألف ورقة، موضحاً أنه سبق له إجراء عملية جراحية بأحد المستشفيات بمصر، ولكن عاوده الألم مرة أخرى بسبب عمله لما يقرب من 20 ساعة يومياً حتى ينتهى من الفصل فى «قضية القرن»، ما دفعه لاتخاذ قرار السفر إلى الخارج للعلاج عن نفقته الخاصة. وقال: «قررت عرض أوراق القضية على الرأى العام ليتأكد مما تتكبده المحكمة من معاناة كبيرة أثناء نظر القضية ولطمأنته أيضاً أن القضية فى أيد أمينة، خاصة أن القضية لا تخص المتهمين وحدهم كما هو الحال فى قضايا أخرى، بينما هى قضية وطن ويتابعها العالم كله». وأوضح «الرشيدى» أنه لم يفكر فى التنحى عن نظر القضية أو الاعتذار عن عدم الاستمرار فيها رغم الإرهاق الشديد الذى يعانيه، لأنه إذا اتخذ هذا الإجراء فسيؤدى ذلك إلى إعادة أوراق القضية برمتها إلى محكمة استئناف القاهرة لاختيار دائرة أخرى وهو الأمر الذى يعنى البداية من الصفر، وتترتب عليه إطالة أمد التقاضى، ولن يتقبل المتهمون أو الرأى العام ذلك.