بعزيمة فاقت عزيمة الأبطال، ما بين إرادة وتحدي والرضا بقضاء الله وقدره، تغّلبت سهير عبدالرحمن النساج، ابنة قرية تزمنت الشرقية بمحافظة بني سويف، على إصابتها بفقدان البصر في عمر 27 عاماً، وحفظت القرآن الكريم كاملًا، وبدأت الدراسة في معهد القراءات وحصلت على الدراسات الأولى لتجسد مثالًا حيًا ونموذجا مشرفا للبنت المصرية، والتي استقلت قطار التحدي رغم كل الصعوبات وتمكنت من نيل صفة الحافظة و الحاملة لكتاب الله. سهير: فقدت البصر ومّن الله علي بالبصيرة عزيمة وإصرار جعلاها لا تفكر في الإحباط أو التذمر مما أصابها، بل إن إعاقتها تلك كانت حافزا لها على حفظ القرآن الكريم والتواصل مع الخالق العظيم من خلال حفظها للمصحف كاملًا، و أن الإنسان قادر على صنع المعجزات، وتحدي جميع الصعاب إذا تحلى بالعزيمة والإصرار واليقين والإيمان، فهي ورغم أنها قد وُلدت مُبصرة إلا أنها تقول دوما: «مّن الله علي بنعمة أكبر وهي البصيرة». لمشاهدة لقاء الوطن مع سهير بنت بني سويف اضغط هنا بنت تزمنت: أحمد الله بخدم نفسي بنفسي وبعمل أحسن طبيخ شخصية مرحة وبشوشة محبوبة من جميع من الأهل والجيران والزميلات لها حتى المدرسات، وكل من يتعامل معها يشعر وكأنه يعرفها منذ عشرات السنين، بابها مفتوح للجميع، أطفال وبنات وسيدات «كل دول حبايبي، أهلي وأخواتي مش بيسبوني، وأنا الحمد لله بعمل كل حاجة لنفسي من طبخ وغسيل وتنظيف منزل»، هكذا تروي سهير النساج، بنت قرية تزمنت الشرقية التابعة لمركز بني سويف قائلة: «أحمد الله أولا على كل شئ، فأنا كنت بصيرة حتى أنهيت دبلوم التجارة حتى 27 عامًا تقريبًا، وبدأت أشعر بغياب النظر تدريجيا إلى أن أختفى تماما». حكاية سهير مع حفظ القرآن الكريم كاملًا بعد فقدانها البصر وأضافت: «في بداية الأمر كان الموضوع صعب عليا وشيئا فشيئا تعودت على ذلك وتقبلت الأمر برضا من الله، وكانت بدايتي لحفظ القرآن الكريم غريبة جدا، وكنت أعيش حياتي عادي جدا مثل أي فتاة، وفي ذات ليلة دخلت غرفتي لأنام، وما إن دخلت الغرفة حتى فوجئت بأنوار غير عادية كأنها الشمس والقمر مجتمعين في الغرفة فاعتقدت أنني أبصرت ونظرت إلى يدي اليمنى فلم أرها فأيقنت أنني مازلت فاقدة البصر، وأن هذا النور من عند الله، فدعوت على وجه السرعة قائلة يارب اللهم أني اسالك أن أحفظ القرآن بالشكل الذي يرضيك عني، ومن بعدها سبحان الله انشرح صدري للقرآن ولم أجد محفظا لي في سني الكبير الذي قارب على الثلاثين فاعتمدت على الله ثم على نفسي في الحفظ واستعنت بالله ثم بشرائط الشيخ مشاري بن راشد العفاسي إلى أن استطعت حفظ كتاب الله كاملًا». بنت بني سويف: نفسي أقابل السيسي وشيخ الأزهر واطلع عمرة وتكمل «سهير»: «أعيش في منزل الأسرة المكون من طابقين حيث أخي أحمد الكفيف هو مؤذن القرية، وزوجته في الطابق العلوي، وأنا أعيش بمفردي في الطابق الأرضي، ولا يوجد لي دخل سوى معاش والدي الذي كان يعمل بالصحة»، مضيفة: «اعتمد على نفسي في كل متطلبات المنزل من طهي لغسيل لعمل الحلويات وكل شئ تفعله ربة المنزل في بيتها أفعله بحمد الله دون مساعدة من أحد وبتوفيق من الله يخرج كما لو كان معدا في جهة متخصصة بشهادة الجميع بالتوازي مع التحاقي بمعهد القراءات وحفظي للقرآن الكريم وختمت القرآن واجتزت قراءة حفص، وحاليا أنا استعد للشهادة العالية والقراءات العشر، فبعد وفاة والدتي التي كانت تملأ علي حياتي أصريت على حفظ القرآن الكريم». وتختتم «سهير»، حديثها قائلة «أمنيتي أن أتم القراءات العشر الصغرى والكبرى وأن أذهب لأداء العمرة عن طريق القرآن، نفسي أقابل الشيخ مشاري راشد الفاسي، وأقابل الرئيس السيسي وشيخ الأزهر ومحافظ بني سويف».