علاقة غريبة تجمع الروح بالجسد، تبدأ من العدم.. حيث اللاروح واللاجسد، تدب الروح في بذرة البدن فتمنحه الحياة والقيمة، فمعادلة الحياة تستمر بين العطاء الروحي والحاجة البدينة وصولا إلى محطة الفراق، الجسد النقي يتمرد ويأبى البقاء مع رفيقته (الروح) الطاهرة.. يغادر جثمانه ويحل مكانه حزنا يملأ الصدور ودموع قطراتها تذكر وترثي غياب "كمال أبوعقيل". قبل عشر سنوات بالتمام ظننت أن عمي "كمال" كتب البيت الأخير من قصيدة وُلدت ونشأتُ على ترانيمها ومقاماتها التي بدأها السلف وتَبعَهم الأجداد وصولا إليه، وتعشمت أن تخيب هذه الظنون.. فكمال أبوعقيل لم يكن فقط عماد عائلة وبرلمانيا ورمز مجتمع، بل سرا تعيشه وتحيا به أجيال، النائب كمال عاش واهبا حياته ووقته لأبنائه وأهله وناسه وعندما سطر القدر الحرمان منه استجاب لأوامره.. عاهدا إلى روحه بالبقاء والمواصلة، ليكمن هذا السر الأبوي في أحمد وأشرف كمال يملآن الشغف الذي خلفه. عمي "كمال".. أنت مدرسة من دروسها تعلمنا العطاء والود.. أبا وأخا قلبه عامرا بالحب والوصل.. مثالا لطيب الأعمال وخير الأفعال، أيها الغائب الحاضر؛ نعلم أنك غائب الجسد.. حاضر الروح، تعيش فينا لحظات وأيام وسنوات المواساة على الفقد والشوق، رحلت بإذن الله إلى جوار خالقك وشَغلك غير منقطع بهمومنا، عيونك تنظر إلينا وأنظارنا تائهة عنك.. ولسانك يحدثنا لكن أذاننا أصابها الصمم، "أبو أشرف" نقول في رسالتنا إليك "فارقت الدنيا وأنت تملأ كل تفاصيلها". اليوم.. تمر علينا الذكرى العاشرة لذهابك إلى مرقدك الأخير، ولأني أعلم أنها ستتكرر كثيرا.. فعزائي دائما بأنك عشت ابنا لهذا القدر، استبقت عاقبتك وزرعت لنا وفينا سر الحياة العزيزة مرفوعة القامة، تاركا قلوب تهفو دوما إليك وإرثا من الحب يشفع لك في الدنيا ويوم الجمع بك.. ربنا يرحم النائب كمال ويسكنه فسيح جناته.