بدلًا من تفسير ما حدث، خرج وزير الكهرباء محمد شاكر، ليبرر حادث الإظلام الكلي الذي تعرضت له مصر، في خطوة استفزت الكثيرين ممن انتظروه طويلًا ليفسر لهم ما وقع، لكنه كان انتظارًا بلا فائدة. على الرغم من استيقاظها المبكر وذهابها لعيادتها في مواعيد عملها الطبيعية، إلا أن الانقطاع المفاجئ للكهرباء جعل، سمر علي، طبيبة الأسنان الشابة، تظل 8 ساعات بانتظار تيار كهربائي لم يأت أبدًا، خسرت خلاله إيراد العيادة ليوم كامل: "أنا بس كان نفسي يطلعوا يقولوا أيه اللي حصل، ولو الكارثة غير مسبوقة وجابتلهم شلل، يطلعوا تاني يوم بتقرير يوضح حجم الخساير ويفهمنا الانقطاع كان بنسبة قد أيه". ترى "سمر" أن التعامل مع المصريين في الأزمة تم على طريقة "شيخ البلد" :"إحنا كنا بنتواصل شفهيا وبنخمن، الناس هي اللي عرفت بعضها أن في انقطاع كامل للكهرباء، مش الوزارة، وأخرة المتمة طلع الوزير يقولنا مناورة؟!يعني أيه؟ سايبنا طول النهار نخمن وجاي في الآخر تقولنا كلام مش مفهوم منه أي حاجة!"؟. "تعامل الوزير والوزارة مع الجمهور خلال الأزمة كان سيئ جدًا، توقيت المؤتمر كان متأخر، وتضمن استخدام كثيف للمصطلحات لغة غير مناسبة زادت من الأزمة" يتحدث ماهر عزيز، إستشارى الطاقة مشيرًا إلى أن حالات الإظلام الشامل تحدث بالفعل لكن في حالات نادرة جدًا، وتكرارها يحدث على فترات متباعدة تمامًا، كما حدث في أمريكا حين تعرضت لإظلام شامل سنة 1965 وتكرر الأمر سنة 2003، أما مصر فقد كان آخر إظلام تام فيها مطلع التسعينات. "اللغة التبريرية التي استخدمها الوزير كانت غير ناجحة في نقل الصورة والوضع" يواصل عزيز حديثه موضحًا أن أزمة التسعينات حدثت بسبب سيول جارفة اقتلعت الأبراج الحاملة للشبكة الواصلة من السد العالي للقاهرة، ما تسبب في خروج مفاجئ لكل الوحدات ووقع الإظلام الشامل: "هذه المرة الخطأ بسبب بشري، وهو ما يعد إهمال جسيم، يتطلب رفع كفاءة العاملين وتدريبهم، لأن الخطأ البشري أكثر ندرة في حالات الاظلام الشامل التي غالبًا ما تقع بسبب أحداث طبيعية خارجة عن نطاق السيطرة". "عزيز" قارن بين جهد الوزارة الآن وفي التسعينات: " استطاعوا في المرتين استعادة العمل بسرعة كبيرة، خلال عدة ساعات، تعاملهم مع الأزمة تقنيًا كان احترافيًا، لكن تعاملهم مع الجماهير لم يكن به أدنى قدر من الاحتراف أو الوضوح الذي كان يحتم عليهم الخروج بتقرير بعد نصف ساعة من حدوث الإظلام ليوضحوا حقيقة الأمر".