حصيلتها في ميدان التأليف 3 مجموعات قصصية، وثلاث روايات، وقصص للأطفال، إلى جانب بضع مؤلفات أكاديمية، أعمالها تُرجمت إلى 5 لغات أجنبية، واحدة من هذه الأعمال كانت لها الفضل في حصول الروائية العمانية جوخة الحارثي على لقب أول شخصية عربية تفوز بجائزة «البوكر» الدولية منذ تأسيسها، وذلك في مثل هذا اليوم الموافق 20 مايو عام 2019، عن رواية «سيدات القمر»، تلك الرواية التي صدَرت عام 2010، لتُحدث بعدها بنحو 9 سنوات جدلًا كبيرًا، بل وتترجم إلى 21 لغة. الرواية التي لم يتجاوز عدد صفحاتها ال224 صفحة من القطع المتوسط، أصبحت مثار احتفاء وهجوم عبر منصات التواصل الاجتماعي، فور إعلان فوز كاتبتها ب«البوكر»، ففريق من الكتاب والنقاد والجمهور رأى أنَّ الجائزة انتصار للمهمشات وإعادة صناعة الماضي بل وبوابة جديدة لعالمية الرواية العربية التي بلغت من التجربة والخبرة ما يؤهلها للمنافسة، فيما انتقد فريق آخر المصطلحات الواردة بها خاصة الإسقاطات الجنسية. «سيدات القمر» أو «الأجرام السماوية» عنوانان لرواية تقول شيئا مختلفًا تبوح بمعان فوق السطور وبينها، كتبتها الروائية العمانية على مدار خمس سنوات، ثم استغرقت الأكاديمية الأمريكية مارلين بوث بضع سنوات أخرى لترجمتها ترجمة لم تقم فقط على مجرد اختزال واختصار النص، حتى تربعت على عرش أفضل رواية مترجمة إلى اللغة الإنجليزية عام 2019، «هذا يفتح المجال لأن يُقرأ الأدب العربي بشكل أفضل وأن يحظى الكتاب العرب بمزيد من الاعتراف الدولي، لأن الأدبُ العربي أدبٌ عظيم جدًا ويستحق الاعتراف، ويستحق أن يُقرأ في كل العالم»، هكذا تعلق الروائية العمانية إبان إعلان فوزها في أحدِ لقاءاتها التليفزيونية. «إلى أمي» إهداء الروائية العماينة كما جاء في مطلع روايتها يطالع القارئ بمجرد أن يفتح أولى الصفحات والتي تذكر في أحد مقاطعها: «حين رأَتْ ميّا علي بن خلف، كان قد أمضى سنواتٍ في لندن للدراسة وعاد بلا شهادة. لكنَّ رؤيتَه صَعَقَتْ ميّا في الحال. كان طويلًا إلى درجة أنَّه لامسَ سَحابةً عَجْلى مرقتْ في السماء، ونحيلًا إلى درجة أنَّ ميّا أرادت أن تسندَهُ من الريح التي حَمَلَت السحابةَ بعيدًا. كان نبيلًا. كان قدِّيسًا. لم يكن من هؤلاء البشر العاديِّين الذين يتعرَّقون وينامون ويشتمون. أحلف لك يا ربِّي أنِّي لا أريد غيرَ رؤيته مرَّة أخرى». لا تنغلق الرواية على عالمها، بل تذهب في رحلة عبر تحوُّلاتِ الماضي والحاضر، في لغةٍ رشيقة، بين معاناة بشر لا ينقصهم شيء ومآسي آخرين ينقصهم كل شيء، تحكي عن عادات وتقاليد المجتمع العماني، وطغيان الحداثة على الحياة العصرية، ومدى تمسك المجتمع بالجوهر الإنساني خاصة مع صراع الأجيال في ظل المتغيرات الاقتصادية المتلاحقة. الجائزة التي أُعلن عنها في لندن وتزيد قيمتها على 63 ألف دولار يتقاسمها المؤلف والمترجم مناصفة، ولا يعرف مشقة ترجمة رواية من لغتها الأصلية إلا من تقمس شخصية الكاتب وأبطال العمل حتى نطق بلسانهم وباح بمكنوناتهم «لأني لا أعرف اللهجة أو اللغة العمانية، كان لابد أن اعتمد كثيرًا على الكاتبة وقد كانت تساعدني كثيرًا، وأحيانًا كانت ترسل لي صورًا لبعض الثقافات العمانية»، تقول مترجمة الرواية التي اختارتها لجنة التحكيم ما بين مائةٍ وثمانِ روايات كتبت بخمسٍ وعشرين لغة مختلفة حول العالم، في الوقت الذي قالت فيه رئيسة لجنة التحكيم المؤلفة والمؤرخة البريطانية بيتان هيوز، إنَّ «الرواية استحوذت على القلوب والعقول على حد سواء». وجائزة «البوكر» من أهم الجوائز الأدبية المخصصة للأعمال الروائية باللغة الإنجليزية، وذلك منذ تأسيسها عام 1968، أعضاء لجنة التحكيم هم من نخبة النقّاد والكتّاب والأكاديميين، ويتغيّرون كل سنة بغية الحفاظ على مصداقية الجائزة ومستواها، والجائزة خاصة بالرواية حصرًا، وتُمنح سنويًا لعمل واحد مترجم إلى الإنجليزية ومنشور في بريطانيا أو أيرلندا، والجائزة لها تأثير على الكاتب الذي يفوز بها، إن كان معنويًا أو ماديًا.