سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الجولة الثانية من مفاوضات «النهضة» تنطلق اليوم بالخرطوم وتفاؤل «مصرى سودانى إثيوبى» بالتوصل إلى حل للأزمة «مغازى»: سنطرح رؤيتنا للحل ومخاوفنا من سعة السد ونظام الملء والتفريغ.. وبيان مشترك بنتائج الاجتماع فى اليوم الأخير
تبدأ اليوم بالعاصمة السودانية، الخرطوم، اجتماعات وزراء المياه بدول حوض النيل الشرقى لمناقشة الخلافات حول سد النهضة الإثيوبى وتقريب وجهات النظر «المصرية الإثيوبية» حول استكمال دراسات تقييم المشروع، وسط أجواء من التفاؤل الحذر ظهرت خلال استقبال الوزير السودانى لنظيريه المصرى والإثيوبى، أمس، ولقاء الوفدين المصرى والإثيوبى بفندق روتانا الذى ستُعقد به الاجتماعات، وارتفاع أعداد المشاركين من الوفد الإثيوبى عن العام الماضى، الأمر الذى يعكس الجدية فى اللقاء. وعقد الدكتور حسام مغازى، وزير الموارد المائية والرى، مؤتمراً صحفياً مع نظيره السودانى بمطار الخرطوم عقب وصوله مباشرة، وأبدى الوزيران تفاؤلهما ببدء المفاوضات، مشددين على ضرورة التوصل لنتائج إيجابية فى نهاية الجولة. وقال «مغازى» إن الاجتماع سيستمر ليومين وستُعقد خلاله 4 جلسات وستُطرح خلاله المخاوف المصرية الخاصة بسعة السد ونظام الملء والتفريغ ومعدلات الأمان، كما سيتم عرض الدراسات التى أجرتها كل دولة خلال نفس الفترة، وطرح الرؤية المصرية لحل الخلاف ورؤية كل دولة. وكشف أن الجلسات تبحث التوصل إلى آلية لتنفيذ توصيات اللجنة الدولية للخبراء الفنيين المنتهية من أعمالها فى يونيو قبل الماضى، وتشكيل لجنة فنية من الدول الثلاث لتقييم الآثار البيئية والهيدروليكية للسد من خلال الدراسات الفنية وفق جدول زمنى محدد يتم الاتفاق عليه، كما تبحث الاجتماعات كيفية حل الخلافات التى قد تظهر أثناء عمل اللجان، وكيفية حلها من خلال مكتب استشارى عالمى. وأضاف أن اليوم الأخير سيجرى الاتفاق فيه على إلقاء بيان مشترك على وسائل الإعلام نهاية الاجتماع، كما سيتم الاتفاق على موعد آخر لاستكمال اجتماعات اللجان الفنية للاتفاق النهائى على كافة التفاصيل. وأشار إلى أنه متفائل بشأن التوصل إلى حلول للخلافات حول سد النهضة، متوقعاً أن تشهد الخرطوم لقاءات مثمرة وإيجابية تحقق ما تصبو إليه حكومات وشعوب الدول الثلاث، وأن تكون فاتحة خير. من جانبه أبدى معتز موسى، وزير الموارد المائية والكهرباء السودانى، تفاؤله بالتوصل إلى اتفاق عقب انتهاء اجتماعات وزراء المياه لمصر والسودان وإثيوبيا واللجان الفنية المنبثقة عنها، يُرضى شعوب الدول الثلاث، مؤكداً أنه أكثر تفاؤلاً بنجاح الجولة الحالية من المفاوضات حول استئناف أعمال اللجنة الثلاثية للتوصل إلى أمثل السبل لتنفيذ توصيات الخبراء. وأضاف «موسى»، فى المؤتمر الصحفى الذى عقده خلال لقائه الدكتور حسام مغازى وزير الموارد المائية والرى، أمس، أن المياه لن تكون محوراً للخلافات بين القاهرةوالخرطوم، موضحاً أن «الاتفاقيات التى تربط البلدين توضح ذلك، ونحن نحترم الاتفاقيات الدولية مع مصر». وأشار الوزير السودانى إلى أن إجمالى كميات المطر التى سقطت على بعض المناطق فى إحدى الولايات السودانية خلال يومين يفوق إجمالى ما يسقط على السودان من مياه وفيضان طوال العام، لافتاً إلى أن المناطق المجاورة للخرطوم سقطت عليها 3 مليارات متر مكعب من الأمطار خلال الأيام الماضية، وهو ما يشير إلى أن تأثير التغيرات المناخية يدفع بارتفاع معدلات الأمطار والسيول سنوياً، وأن هذه الزيادات تسير باتجاه الشمال السودانى. وأبدت الوفود المصرية والسودانية والإثيوبية تفاؤلها بشأن التوصل إلى نتائج إيجابية تكون خطوة متقدمة نحو التوصل لحلول الخلافات بين مصر وإثيوبيا حول سد النهضة، خصوصاً مع زيادة أعداد الوفود من الخبراء والمسئولين، من الدول الثلاث، المشاركين فى اجتماعات الخرطوم. وكشف مراقبون عن مبادرة سودانية بإقامة حفل للتعارف بين الوفود الثلاثة بحضور الوزراء، لكسر الجمود الذى أصاب الجولات الأربع الماضية بالسودان، مؤكدين أن إثيوبيا لا تريد أن تدفع القاهرة إلى ما يطلق عليه الخيار الوحيد، بينما تسعى الخرطوم إلى نجاح الجولة الحالية بعد الزيارة الأخيرة التى أجراها الرئيس عبدالفتاح السيسى وزيارة الرئيس عمر البشير المرتقبة للقاهرة. وأكد المراقبون أن مبعث التفاؤل لدى الوزراء والوفود هو أن القيادات السياسية وضغوط الشارع فى الدول الثلاث تدعم التوصل إلى التقدم خطوة فى المفاوضات الحالية، يتم من خلالها الإعلان عن تحقيق نتائج إيجابية تمهد لاستكمال المفاوضات طبقاً لخارطة طريق تستهدف الاتفاق على حلول وسط للأزمة بدلاً من التمسك الشديد بالمواقف الذى شهدته المفاوضات السابقة. من جهته، قال السفير أسامة شلتوت، سفير مصر بالسودان، إن الرئيس السودانى عمر البشير يمر بظروف صحية صعبة، حيث أجرى جراحة حالت دون تنفيذ وعده بزيارة القاهرة وهو فى فترة نقاهة حالياً، نافياً إلغاء الزيارة لأسباب سياسية كما تشيع بعض وسائل الإعلام التى تسعى لبث الفتنة بين البلدين، مؤكداً التنسيق بين مصر والسودان للحد من عمليات التهريب عبر الحدود المشتركة، ورفع كفاءة قوات الشرطة، وأنه تم إنشاء قوات مقابلة بين الحدود لمراقبة وتأمين الحدود الجنوبية المصرية. وأضاف «شلتوت» خلال مؤتمر صحفى، أمس، أن الحكومة السودانية أكدت أنها لن تتدخل فى الشأن المصرى، وأنها لن تكون مكاناً لانطلاق أى معارضة تمس مصر، مع ملاحظة أن حكومة الرئيس البشير أشادت بموقف القيادة السياسية المصرية تجاه وجود المعارضة السودانية بالقاهرة، وأنها لن تسمح بإقامة أى أنشطة معادية لنظام الحكم الحالى بالسودان بهدف إسقاطه. وأوضح أن السودان دورها مهم ومحورى فى هذه المفاوضات وغيرها، حيث إنها طرف فيها وليست وسيطاً أو محايداً كما تحاول بعض وسائل الإعلام بثه بين الشعبين، لأن لها مخاوف أيضاً من سد النهضة، مشدداً على أنه لا يوجد تعارض بين المصالح السودانية والمصالح المصرية فى السد. وأشار إلى أن السودان تنظر لسد النهضة من منطلق حجم المكاسب والخسائر التى تعود عليها من إنشائه، علاوة على وجود شواغل سودانية بشأن مخاطر انهيار السد، وتأثير ذلك على مستقبل الدولة، خاصة فيما يتعلق بالتأكد من عنصر أمان السد كمنشأ خرسانى عملاق واقع بمنطقة حدودية، مؤكداً أن حكومة الخرطوم أعلنت التزامها التام بتوصيات اللجنة الثلاثية الدولية، وهو ما يعنى أنها طرف فى المفاوضات وليست وسيطاً. وأكد السفير المصرى بالخرطوم أن الاتفاقيات الموقعة بين مصر والسودان تحفظ حصص الدولتين، وأن السودان أكدت أكثر من مرة اتفاقها مع مصر حول أهمية هذه الاتفاقيات، وأن هذه الاتفاقيات غير قابلة للتفاوض، لافتاً إلى أن السودان ينحاز إلى مصالحه، وليس مصالح إثيوبيا، ولا بديل عن الحوار والتعاون وهو ما يُعتبر السبيل الوحيد للوصول إلى اتفاق بين الدول الثلاث. وأبدى «شلتوت» تفاؤله بأن المفاوضات هذه المرة ستصل إلى اتفاق، معللاً ذلك بأن هناك إرادة كبيرة وقوية لدى الدول الثلاث للوصول إلى حل للأزمة من خلال الحوار الذى لا بديل عنه لتحقيق التوافق والمكاسب للجميع، مضيفاً أن كل دول أفريقيا لها حق فى التنمية ولكن بمبدأ لا ضرر ولا ضرار، مضيفاً: «نتعامل مع الملف من منطلق أن نهر النيل للتعاون وليس للخلاف، ودور السودان مهم ومحورى، والاجتماعات تتم على أرضها». وأشار إلى أن الاجتماع الوزارى بالخرطوم يهدف إلى التوصل إلى آلية للحوار والتعاون المستقبلى فى المقام الأول، كما أن «الاجتماع ليس من نتائجه فشل أو نجاح المفاوضات، ولكنه نواة يمكن البناء عليها لاستمرار الحوار حول آليات تنفيذ توصيات اللجنة الثلاثية الدولية، بما يؤدى فى النهاية للتوصل إلى توافق وتحقيق مبدأ «الجميع يكسب»، وعلينا ألا نسبق الأحداث، ودعونا ننتظر اليوم الأول فى المفاوضات، وبعدها يمكن الحكم أو التوقع». وشدد على أن «ملف مياه النيل مسألة حياة أو موت بالنسبة لنا كمصريين»، ويتم متابعته على أعلى مستوى وتحت إشراف مباشر من القيادة السياسية للبلاد، وبالتالى فمن المؤكد أن هناك رؤى دبلوماسية وسياسية يمكن أن تشكل مخرجاً لأى أزمة، و«الخارجية المصرية» تشترك فى كافة الاجتماعات المتعلقة بالملف مع الجهات المعنية به وتتواصل معها لتحقيق التنسيق الكامل بين هذه الرؤى. وفيما يتعلق بافتتاح المعبر البرى الحدودى بين مصر والسودان «أشكيت - قسطل»، والمقرر له الأربعاء المقبل بحضور وزير النقل المصرى، أكد السفير المصرى بالسودان أن المعبر يساهم فى زيادة حركة التبادل التجارى بين مصر والسودان، وتفعيل العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين البلدين، مشيراً إلى أن المعبر الحدودى لن يقتصر على حركة التجارة وانتقال البضائع والأفراد فقط، ولكنه سيغذى أطر التواصل الاجتماعى بين شعبى وادى النيل فى مصر والسودان والدول الأفريقية. ونفى وجود اتفاقية دفاع مشترك بين الخرطوم وأديس أبابا للدفاع عن سد النهضة بمنطقة الحدود التى يقع بداخلها السد، مؤكداً أن هناك اتفاقية عامة بين البلدين من بينها مسألة تأمين الحدود، موضحاً أن هناك لجنة عليا بين البلدين تُعقد بصفة دورية برئاسة قادة البلدين وتناقش كافة القضايا المشتركة، ومنها التعاون الأمنى بالضرورة لضبط الحدود، والذى سبقته عدة اجتماعات لمناقشة الجوانب الفنية لتأمين الحدود. وفيما يتعلق بضبط الحدود المصرية السودانية للحد من محاولات التهريب للأسلحة، قال «شلتوت»: «الفترة الماضية منذ ثورة 25 يناير شهدت عدة اجتماعات بين وزيرى الدفاع بالبلدين، وبصفة خاصة عقب ثورة 30 يونيو، حيث اجتمع الخبراء الفنيون لتأمين الحدود، وجرى الاتفاق على آلية مشتركة أو قوات مقابلة على الحدود الجنوبية»، لافتاً إلى زيارة قائد حرس الحدود المصرى مؤخراً للسودان لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه على أرض الواقع مثل تسيير دوريات ثابتة ومتحركة، مع ملاحظة أن هذه الحدود طويلة نسبياً، مما يشكل إلى حد ما مشكلة لكلا البلدين.