محافظ الشرقية يترأس اجتماع اللجنة العامة لحماية الطفل    لجنة تطوير الإعلام تشكل 8 لجان فرعية والاجتماعات تبدأ غدًا    نائب رئيس المؤتمر: كلمة الرئيس السيسي تجسد ثوابت الدولة في الصمود والتحدي    بنك saib يطلق حملة لفتح الحسابات مجاناً بمناسبة اليوم العالمي للادخار    بعد زيادة أسعار الوقود.. نقابة العاملين بالقطاع الخاص تطالب برفع الحد الأدنى للأجور إلى 9 آلاف جنيه    زيادات مرتقبة في أسعار السجائر.. و«الشرقية للدخان» تعلن السعر الرسمي للمستهلك    الهيئة الوطنية للمتقاعدين العسكريين في فلسطين تدين جريمة إعدام هشام الصفطاوي    أستون فيلا يقلب الطاولة على توتنهام في الدوري الإنجليزي    وفد أممي رفيع في زيارة للأردن لبحث تعزيز التعاون التنموي    محمد صلاح يقود تشكيل ليفربول لمواجهة مانشستر يونايتد في الدوري الإنجليزي    الاتحاد السعودي يكشف تفاصيل إصابة ثلاثي الفريق    إصابة 5 أشخاص باشتباه تسمم إثر تناول وجبة رز وخضار بقرية دلجا بالمنيا    تأجيل محاكمة 62 متهما بخلية اللجان الإدارية    ماس رحيم تطلق أولى أغنيات ألبومها الجديد "ضيعتني"    أول تعليق للرئيس السيسي على الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود    الرئيس السيسي: تولى العنانى منصب مدير اليونسكو من إنجازات أكتوبر.. وسندعمه    يسرا خلال جلسة نقاشية : قولت ليوسف شاهين مش فاهمة حاجة من حدوتة مصرية.. قالى ما انتى حمارة    هل يجب إخراج الزكاة عند بيع المحصول أم قبل الحصاد؟.. الدكتورة إيمان أبو قورة توضح    هل يمكن العودة للصلاة بعد انقطاع طويل؟ .. أمين الفتوى يجيب    مشروبات مهمة تحسن سكر الدم بالجسم    تقرير: رافينيا يغيب عن برشلونة في دوري الأبطال من أجل الكلاسيكو    ما بعد حازم.. 3 بدائل لمساعدة فيريرا.. والبلجيكي يتمسك ب«الوحدة»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-10-2025 في محافظة قنا    بتهمة القتل.. تأجيل محاكمة خفير وعاطل أطلقا الرصاص على شخص بشبين القناطر    فيديو.. نقيب الإعلاميين يكشف لأول مرة رأيه في التناول الإعلامي لقضية إبراهيم شيكا    مستثمرو السياحة يتوقعون زيادة التدفقات السياحية بعد وقف الحرب على غزة    مشروب طبيعي قبل النوم، يساعد على تهدئة الأعصاب وتحسين المزاج    الثلاثاء.. محمد الحلو وريهام عبدالحكيم على مسرح النافورة    6 أبراج تفضل أن تتعلم مدى الحياة    وفاة الإعلامية فيفيان الفقي بعد صراع مع المرض    كشف ملابسات مشاجرة بالشرقية بعد تداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي    إنجاز جديد.. مصر تتوج بلقب بطولة العالم للأساليب التقليدية برصيد 54 ميدالية    البحوث الزراعية ينظم المنتدى الثقافي العلمي الثاني| الثلاثاء المقبل    رئيس البرلمان العربي يهنئ المستشار عصام الدين فريد بمناسبة انتخابه رئيسًا لمجلس الشيوخ    البورصة تغلق عند أعلى قمة اليوم.. وأسهم القطاع الطبي تتصدر الأكثر ارتفاعًا    جامعة المنوفية والتأمين الصحي يبحثان الإرتقاء بالمنظومة الصحية    شعبة الذهب تقدم نصيحة للمتعاملين.. شراء الذهب الآن أم التأجيل؟    اللواء محيى نوح: الرفاعي استشهد على تبة الصواريخ بعد تدمير دبابات العدو    تعرف على نصيحة توروب ل تريزيجيه بعد أول مباراة مع الأهلي    المتهمون بسرقة متحف اللوفر فتحوا علب مجوهرات نابليون باستخدام منشار كهربائى    نتنياهو يعلن عزمه الترشح مجددا بالانتخابات العامة في 2026    لماذا يُعد الاعتداء على المال العام أشد حرمة من الخاص؟.. الأوقاف توضح    عصابة العسكر تنتقم…حكومة الانقلاب تعتقل صحفيا بتهمة الكشف عن سرقة أسورة فرعونية من المتحف المصرى    «الخارجية» و«الطيران» تبحثان توسيع شبكة الخطوط الجوية مع الدول العربية والأفريقية    التعليم تعلن مقررات امتحان شهر أكتوبر 2025 لطلاب الصف الثاني الثانوي العام شعبة علمي    أول ملتقى توظيفي لدعم شباب الأطباء وتأهيلهم لسوق العمل بطب الإسكندرية    الاستخبارات التركية تساهم في وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان    اندلاع حريق في مصفاة نفط روسية بعد هجوم بطائرات مسيرة    قمة نارية في الدوري الإنجليزي بين ليفربول ومانشستر يونايتد.. تعرف على أبرز مباريات اليوم    توقيع وثيقة استراتيجية التعاون القُطري بين مصر ومنظمة الصحة العالمية    حالة الطقس بالمنيا ومحافظات الصعيد اليوم الأحد 19 أكتوبر    الرعاية الصحية: إنشاء إطار إقليمي موحد لدعم أداء المنشآت الصحية مقره مدينة شرم الشيخ    حكم الوضوء قبل النوم والطعام ومعاودة الجماع.. دار الإفتاء توضح رأي الشرع بالتفصيل    دعاء الفجر| اللهم جبرًا يتعجب له أهل الأرض وأهل السماء    حنان مطاوع تخوض سباق رمضان 2026 بمسلسل "المصيدة"    أحمد ربيع: نحاول عمل كل شيء لإسعاد جماهير الزمالك    تفاصيل محاكمة المتهمين في قضية خلية مدينة نصر    المشدد 15 سنة لمتهمين بحيازة مخدر الحشيش في الإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سر الغرفة «55» في موكب المومياوات.. حكاية «مصطفى» في 1000 يوم ترميم
نشر في الوطن يوم 03 - 04 - 2021

أوراق متناثرة وكتب عديدة، يجلس للقراءة فيها، يدون ملاحظاته هنا ويصحح الأخطاء هناك، يربط الأحداث ببعضها للخروج بمعلومات تاريخية، تسهم في نقلة حضارية تستفيد منها بلده، تلك الدراسة التي عكف عليها نحو 20 شهرًا منذ عام 2017، سخر مجهوده لها، يتعامل يوميا مع المومياوات وأشكالها، أسماؤها التي حفظها عن ظهر قلب، وأسراراها التي فتش في كواليسها، لمعرفة شكل حياة مرت منذ قرون بعيدة، واليوم تأتي اللحظة التي يتكلل فيها مجهوده بالنجاح، من خلال نقل موكب 22 مومياء من المتحف المصري بالقاهرة إلى متحف الحضارات بالفسطاط، بعد أكثر من ألف يوم من العمل داخل غرفة الأسرار بالمتحف المصري التى شهدت عملية الترميم لملوك الموكب.
أحب التاريخ القديم وأخلص له لسنوات طوال، كأنما أصابته «لعنة الفراعنة» فوقع في غرام حضارتها، ليُمنح فرصة لم تتح لغيره، لأعوام عديدة عكف الشاب المصري، مصطفى إسماعيل على ترميم ممياوات ملوك الفراعنة العظام، استعدادا لتهيئتهم لخروجهم في موكب حافل مهيب يشاهده العالم أجمع، هو حفل المومياوات الملكية الذي ينطلق من التحرير إلى متحف الحضارة، ليعيش معهم في «الغرفة 55» بالمتحف المصري، التي أعدت خصيصا لترميم الملوك استعدادا لتلك الحفلة.

حتى الساعات القليلة التي سبقت الحفل، لا يزال «مصطفى» يقبع في غرفة التحنيط بالمتحف لتجهيزها لاستقبال ملوك وملكات حكموا مصر في الزمن القديم، تلك المهمة التي وقعت على عاتقه منذ 5 أعوام، كُلف بوضع خطة ودراسة لنقل المومياوات، انتهاءً بصيانتها وتغليفها، وتحميله مسؤولية هذين الأمرين، تلك الدراسة التي استغرقت وقتا طويلا في تنفيذها «فضلت شغال على الخطة نحو 20 شهرا، دي كانت الفترة الأصعب»، لكونه يحاول ابتكار وسيلة يحافظ بها على المومياء عقب خروجها من النيتروجين، كي لا تتأثر أجساد الفراعنة.
التركيز في البداية على جمع المعلومات عن طبيعة كل مومياء
طوال تلك الفترة كان الشاب العشريني يركز كل جهده لدراسة كل مومياء وطبيعتها وحالتها، يجمع الملاحظات ويدونها في الكتيب الذي أعده لذلك، يجري الكثير من التجارب سواء في المتحف أو في غرفته بمنزله، يقضي أغلب وقته في تحضير الدراسات النظرية للتجارب العملية بالمتحف، «الفترة دي كان فيها معلومات جديدة من خلالها عملنا خطة الصيانة والنقل للمومياوات، وكمان عملنا خطة العلاج»، لتبدأ بعد تلك الفترة مرحلة التنفيذ العملي لها».
تجارب عديدة أجريت على نقل المومياوات، والتي كان الحذر والانتباه هو المسيطر في التعامل معها، فخروجها من الفتارين التي تحتوي على غاز النتيروجين إلى البيئة العادية تصبح معرضة للإصابة بالعفن والتلف، لذلك كان يجري لها صيانة وقائية بمواد مخصصة جرى تحضيرها خلال التجارب، «المواد دي مهمتها الحفاظ على المومياء في فترة من 6 إلى 8 أشهر، ودي مواد مؤقتة مهمتها الحفاظ على المومياء»، وخلال تلك الفترة يجري تغليف المومياء بعدة طبقات حتى لا تصاب بأي أذى.
مومياء تلو الآخرى تقع على يد الشاب الحاصل على درجة الماجستير، ويستعد حاليا للحصول على الدكتوراه، رسالة تتناول الحديث عن صيانة المومياوات، يريد استغلال كل المعلومات والدراسات التي أجرها، وخبرته التي اكتسبها من عمله بالمتحف القومي للحضارة في 2011، يستجمع ذلك كله داخل ال«غرفة 55»، التي خصصها المتحف لإجراء أعمال الصيانة، «رغم أني اتدربت واشتغلت على ترميم المومياوات منذ الجامعة وحتى في العمل، كل مرة الدنيا بتبقي سهلة بالنسبالي بس المرة دي هي الأصعب في حياتي»، فتلك المرة يقف أمام ملوك الفراعنة وينتظرهم موكب مهيب.
آخر مومياء تم تجهيزها للموكب هي رمسيس الثاني
مومياء الملك رمسيس الثاني.. هي آخر ما انتهى «مصطفى» من ترميمه، والتي كانت حالتها مناسبة مقارنة بغيرها من المومياوات الملكية، فهناك بعض الملوك كانت أجسادهم بها الكثير من الكسور وفي حالة سيئة، ما تطلب منه جهدا كبيرا في عملية الترميم، من الفريق الذي وصل عدده إلى 20 شخصا، «دي المرة الأولى يكون في فريق مصري بالكامل يتولى صيانة مومياوات ملكية، «ده فخر لينا أننا حققنا حاجة زي دي».
علمية الترميم انتهت وظل التحدي الأكبر، الطريقة التي سُينقل بها الملوك والملكات، فكان الحل الذي ابتكره في ال«غرفة 55»، هو عبارة عن «كبسولة»، توضع المومياء داخلها، وتحقن بغاز النيتروجين، ولكل مومياء حالة خاصة به، وتغلق بشكل محكم، «البيئة دي تضمن للمومياء أنها تفضل على حالتها، من غير تأثير لنحو 5 سنين»، كذلك المواد بداخل «الكبسولة» خالية من الحموضة، والمجال الكهربائي بها صفر، كي يتم القضاء على أي احتمالات لتأثرها بأي شكل من الأشكال.
أغلقت «الكبسولات»، ومعها تبدأ عملية تحضيرها للنقل جنبا إلى حنب، والتأكد من الغلق المحكم، وضمان عدم فتحها مرة أخرى حتى النقل لمقرها الجديد في المتحف القومي للحضارة المصرية في منطقة الفسطاط، الذي وضع حجر أساسه في عام 2002، وهناك يتم تجهيز غرفة هي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، «مجهزة بالنتروجين بالكامل، ومن الممكن أن تحفظ فيها المومياوات دون أضرار، حتى العرض في الفتارين».
في الساعات القليلة المتبقية، ينتظر «مصطفى» بفارغ الصبر موعد بدء الموكب، ليفخر بما قام به طوال السنوات الماضية التي تجاوزت الألف يوم، «هكون في قمة سعادتي أن هكون جزء من الحدث المهم ده واللي العالم كله منتظره».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.