هو أحد الفيروسات الصامتة، التي تدمر الكبد تمامًا في فترات قصيرة، صعوبته تكمن في عدم ظهور أعراضه على المريض، إلا بعد مرور أعوام طويلة من الإصابة وتلف الكبد.. "فيروس سي"، ذلك المارد الذي هاجم العديد من البيوت المصرية دون استئذان، وأصاب ما يزيد عن 10 مليون مواطن بآلام تمنوا زوالها أو فضلوا الموت عن احتمالها. عديد من المحاولات العلاجية لجأ إليها الأطباء من أجل مقاومة فيروس "سي"، أبرزها العلاج بدواء "الإنترفيرون"، الذي لا يستخدم إلا في حوالي 20% من حالات الإصابة، بحسب إحدى الدراسات الطبية، ثم يتم اللجوء لنوع آخر من العلاج، يتطلب حقن المريض بمزيج من "الإنترفيرون" مع دواء "الريبافيرين"، ويستمر عادة العلاج من 6 شهور إلى سنة، إلا أن نجاحه لا يتعدى نسبة 40% من المصابين، ويبقى الباقون أسرى للمرض. أمل جديد يداعب القلوب وطموحات بالتخلص من ذلك المرض، يولدها إعلان القوات المسلحة، في 23 فبراير 2014، عن توصل إدارتها الهندسية لاختراع جهاز يقضي على الإيدز وفيروس "سي" تمامًا، يعززه تأكيد اللواء إبراهيم عبد العاطي، مخترع العلاج، أنه سيأخذ المرض من المريض ويعيده له على هيئة "صباع كفتة" يتغذى عليه، إلا أن ذلك الأمل ما لبث وأن تبدد بإعلان الفريق الطبي للجهاز عن تأجيل استقبال مرضى فيروس "سي" والإيدز، قبل الموعد المحدد لذلك بيومين، ليبيت الحلم الذي راود المرضى ضائعًا. "البقرة هي الحل"، ربما كان ذلك هو لسان حال الكثيرين، ممن ضاقت بهم السبل وفقدوا الأمل في الشفاء من مرض فيروس "سي"، ولم يجدوا ضالتهم إلا في بقرة "مبروكة"، ظهرت في قرية بني أحمد الغربية بالمنيا، يزعم صاحبها أنها تشفي مرضى فيروس "سي"، وأنه فوجئ بها تدر لبنًا دون أن تلد، معلنًا أن لبنها محجوز للمحتاجين، صدقة لوجه الله، حتى شهر أبريل من العام 2015 المقبل، "وعندما علم الناس بهذه المعجزة تردد عليّ الكثير وحجزوا احتياجاتهم من اللبن". من جانبها، ترجع الدكتورة منال زكريا، أستاذة الطب النفسي، أسباب تصديق المصريين لمثل هذه النبوءات إلى كثرة الضغوط التي يتعرضون لها، التي تجعلهم أقل قدرة على إعمال العقل فيما يسمعونه، مضيفة أن اليأس الذي قد يصلون إليه تجاه شيء بعينه، يجعلهم أكثر رغبة في تجريب كل شيء أمامهم، للخلاص عن طريقه. وتوضح "زكريا"، أن المصريين تعرضوا لأزمات نفسية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وسقطت الرموز المتدينة التي كانوا يعتبرونها قدوة في حياتهم، وهذا جعلهم يميلون إلى تصديق الخرافات دون التفكير فيها، إلى جانب عدم وجود أي معيار لديهم للتفريق بين الصواب والخطأ.