اليوم.. «محامين المنيا» تعلن الإضراب عن محاكم الاستئناف رفضًا لرسوم التقاضي    الجرام يتجاوز 5540 جنيهًا.. ارتفاع كبير في أسعار الذهب والسبائك اليوم الخميس بالصاغة    بحضور نواب البرلمان.. «الاتحاد» ينظم حلقة نقاشية موسعة حول الإيجار القديم| صور    الصين: لا جدال في سيادة مصر على قناة السويس واحتفاظها بحق إدارة القناة    إعلام إسرائيلي: تل أبيب وواشنطن تسعيان لإقناع الأمم المتحدة بالمشاركة في خطة إسرائيل لغزة    تفاصيل إطلاق كوريا الشمالية عدة صواريخ اتجاه بحر الشرق    مستعد لأي شيء، حكم مباراة إنتر ميلان وبرشلونة يرد على الانتقادات    ميدو يكشف موقف الزمالك حال عدم تطبيق عقوبة الأهلي كاملة    إكرامي: عصام الحضري جامد على نفسه.. ومكنش يقدر يقعدني    شوبير يوجه رسالة بشأن قرارات لجنة التظلمات المنتظرة الخاصة بمباراة الأهلي والزمالك    تفاصيل خطة التعليم الجديدة لعام 2025/2026.. مواعيد الدراسة وتطوير المناهج وتوسيع التعليم الفني    «التعليم» تحسم مصير الطلاب المتغيبين عن امتحانات أولى وثانية ثانوي.. امتحان تكميلي رسمي خلال الثانوية العامة    خبى عليا وعرض نفسه للخطر، المخرج خالد يوسف يكشف عن مشهد لا ينسي ل خالد صالح (فيديو)    قنوات ومواعيد عرض مسلسل محمد الفاتح الحلقة 45 (ملخص وتفاصيل الحلقة)    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    قاض أمريكي يمنع ترحيل مهاجرين إلى ليبيا دون منحهم فرصة للطعن القضائي    ارتفاع الأسهم الأمريكية في يوم متقلب بعد تحذيرات مجلس الاحتياط من التضخم والبطالة    "اغتيال معنوي لأبناء النادي".. كيف تعامل نجوم الزمالك مع اختيار أيمن الرمادي؟    هدنة روسيا أحادية الجانب تدخل حيز التنفيذ    محمد ياسين يكتب: وعمل إيه فينا الترند!    إطلاق موقع «بوصلة» مشروع تخرج طلاب قسم الإعلام الإلكتروني ب «إعلام جنوب الوادي»    رسميًا.. جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2025 بالمنيا    الدولار ب50.59 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الخميس 8-5-2025    الشرع يكشف عن إجراء مفاوضات غير مباشرة بين سوريا والاحتلال    قبل ضياع مستقبله، تطور يغير مجرى قضية واقعة اعتداء معلم على طفلة داخل مدرسة بالدقهلية    معتدل والعظمى في القاهرة 34.. حالة الطقس اليوم    نشرة حوادث القليوبية| شاب يشرع في قتل شقيقته بسبب السحر.. ونفوق 12 رأس ماشية في حريق    بنك التنمية الجديد يدرس تمويل مشروعات في مصر    وزارة التموين تكشف موعد التحول للدعم النقدي    السفارة المصرية بالتشيك تقيم حفل استقبال رسمي للبابا تواضروس    مستشار الرئيس الفلسطيني يرد على الخلاف بين محمود عباس وشيخ الأزهر    خبر في الجول - أشرف داري يشارك في جزء من تدريبات الأهلي الجماعية    إعلام حكومة غزة: نرفض مخططات الاحتلال إنشاء مخيمات عزل قسري    نقيب المحامين: زيادة رسوم التقاضي مخالفة للدستور ومجلس النواب صاحب القرار    بوسي شلبي ردًا على ورثة محمود عبدالعزيز: المرحوم لم يخالف الشريعة الإسلامية أو القانون    أسفر عن إصابة 17 شخصاً.. التفاصيل الكاملة لحادث الطريق الدائري بالسلام    لا حاجة للتخدير.. باحثة توضح استخدامات الليزر في علاجات الأسنان المختلفة    مدير مستشفى بأسوان يكشف تفاصيل محاولة التعدي على الأطباء والتمريض - صور    واقعة تلميذ حدائق القبة.. 7 علامات شائعة قد تشير لإصابة طفلك بمرض السكري    عودة أكرم وغياب الساعي.. قائمة الأهلي لمباراة المصري بالدوري    تحرك جديد من المحامين بشأن أزمة الرسوم القضائية - تفاصيل    رسميًا خلال أيام.. موعد صرف مرتبات شهر مايو 2025 بعد قرار وزارة المالية (احسب قبضك)    الأكثر مشاهدة على WATCH IT    «لعبة الحبّار».. يقترب من النهاية    أحد أبطال منتخب الجودو: الحفاظ على لقب بطولة إفريقيا أصعب من تحقيقه    حدث بالفن| عزاء حماة محمد السبكي وأزمة بين أسرة محمود عبدالعزيز وطليقته    تفاصيل اعتداء معلم على تلميذه في مدرسة نبروه وتعليم الدقهلية يتخذ قرارات عاجلة    بلاغ للنائب العام يتهم الفنانة جوري بكر بازدراء الأديان    سحب 116 عينة من 42 محطة وقود للتأكد من عدم «غش البنزين»    بيولي ل في الجول: الإقصاء الآسيوي كان مؤلما.. وأتحمل مسؤولية ما حدث أمام الاتحاد    "الرعاية الصحية": تقديم الخدمة ل 6 مليون مواطن عن منظومة التأمين الصحي الشامل    أخبار × 24 ساعة.. التموين: شوادر لتوفير الخراف الحية واللحوم بدءا من 20 مايو    صحة الشرقية تحتفل باليوم العالمي لنظافة الأيدي بالمستشفيات    عمرو الورداني يقدّم روشتة نبوية لتوسعة الخُلق والتخلص من العصبية    المحامين": النقاش لا يزال مفتوحًا مع الدولة بشأن رسوم التقاضي    أمين الفتوى: مفهوم الحجاب يشمل الرجل وليس مقصورًا على المرأة فقط    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الدستور الأصلي» ترصد معاناة المرضى داخل معهد الكبد القومي
نشر في الدستور الأصلي يوم 27 - 01 - 2014


مرضى الكبد.. وجع وخراب ديار

إعداد: شيماء مطر

يأتون من كل ربوع مصر إلى المعهد القومى للكبد، يجرون أجسادهم التى أهلكها مرض قاتل فتاك لا يرحم فقرهم ولا ضعفهم، يتسلل إلى أجسادهم من حيث لا يشعرون، يتمكن منهم فى غفلة، لا يتركهم إلا جثثا هامدة، لتُكمل الدولة على البقية الباقية، برفض إصدار قرارات العلاج على نفقة الدولة، بحجة ارتفاع التكاليف. رحلة مريرة خاضتها «الدستور الأصلي» مع المرضى الذين قاسوا الويلات على أبواب المعهد القومى للكبد، كواحد من مبانٍ عديدة ومستشفيات ومعاهد قومية تخصصت فى الأمراض المزمنة التى نهشت فى أجساد المصريين، مثل السكرى والسرطان والكلى. الصورة أمام معهد الكبد لا تختلف عن غيرها على امتداد شارع قصر العينى، حيث تمتزج رائحة الدواء برائحة عرق الفلاحين، بينما تفترش عباءات النساء السوداء السلالم المتربة، أما «جلابيب» الرجال فقد انتفخت بالهواء، بعد أن نحل الجسد داخلها.

المرضى يفترشون الأرض بالليالى انتظارا لدورهم فى العلاج.. وقائمة الانتظار تصل إلى منتصف 2015

عقارب الساعة تتحرك.. لا يشعر بها طوابير المرضى التى لا تتحرك أمام المعهد القومى لأمراض الكبد. هم ظلوا أمامه بالأيام، وربما بالشهور، آملين فى فرصة للعلاج، أو الحصول على قرار بالعلاج على نفقة الدولة. تمتزج عقارب الساعة بالألم الذى ينهش فى ضلوعهم، وبالإبر التى لم تترك مكانا فى أجسادهم إلا وقد لمسته. فى الحالات القليلة التى تستطيع تدبير تكلفة «الحقنة» التى يصل ثمنها إلى 1500 جنيه، والتى لا تتوفر باستمرار فى معاهد الكبد ال16 على مستوى الجمهورية، لذا يحتاج المريض فى مصر إلى الحصول على إقرار بالعلاج على نفقة الدولة، من أجل تغطية مصاريف العلاج الباهظة، وهى إقرارات سيئة السمعة على قلب كل مواطن مصرى، حيث تستمر رحلة محاصرة الفيروس عاما على الأقل، يخضع خلالها المريض لبرنامج دوائى، ويحقن بها 48 مرة سنويا، ويصل سعر حقنة الإنترفيرون إلى 1500، أى ما لا يقل عن 75 ألف جنيه، علاوة على أن المرضى لا يستطيعون إجراء تحاليل الكشف المبكر عن المرض، والذى يدعى تحليل «إل بى يس آر» الذى يصل تكلفته إلى 800 جنيه، ويكشف معدلات الإصابة بالفيروس داخل جسم المريض، ومن هنا يبدأ العلاج المبكر، وهو ما يفوق إمكانية أغلب المصريين، حيث تصل نسبة من يعيشون فى فقر شديد، وفق إحصاءات منظمة الصحة العالمية، إلى 19.6% من الشعب المصرى.

«قائمة انتظار مرضى الكبد تصل إلى منتصف 2015، وأتحدى أى مريض يستطيع حجز سرير أو تلقى علاج قبل نهاية عام 2014». هذا ما أكده مصدر مسؤول فى معهد الكبد، وأرجع ذلك إلى ارتفاع عدد المرضى مقابل غياب كبار الجراحين والاستشاريين الذين يجرون عملية واحدة فقط خلال الأسبوع، وهو ما يعكس حال العشرات من المرضى الذين يفترشون أرض المعهد.

محمد عبد الرحمن، البالغ (36 عاما)، أصيب بفيروس «سى» منذ أربعة أعوام، ولعدم قدرته على الانتظام فى شراء جرعات الدواء المرتفعة التكاليف تضاعف المرض إلى أن أصابه ب«تليف» فى الكبد، مصاحب بغيبوبة كبدية، تنتابه أكثر من مرة شهريا، ما أعاقه عن العمل، وأجبره على التقاعد فى المنزل، معتمدا على قرارات العلاج على نفقة الدولة، التى لم تصرف له سوى 400 جنيه من ثمن الحقنة الواحدة، التى تصل سعرها كما أسلفنا إلى 1500 جنيه، ولذا اضطر إلى اللجوء إلى معهد الكبد لانتظار دوره فى العلاج بالمجان.

عم محمد قال: «أنا خايف أموت على رصيف المعهد قبل أن يأتى دورى»، أما شعبان عبد الرازق، (58 عاما)، فقال بصوت مجهد: «أصبت بفيروس (سى) منذ ستة أعوام، وبعد فشل علاجى داخل مستشفيات التأمين الصحى بأسيوط، جئت إلى المركز القومى للكبد على أمل حجز دور لبدء العلاج بالإنترفيرون، ولكن الأطباء بشرونى بمكان لى خلال شهور، وهو ما يجعلنى أنتظر بالليالى أمام المركز فى انتظار دورى، وخلال فترة انتظارى التى تطول أسمع يوميا صرخات لرحيل أحد المرضى، قبل أن يحصل على فرصة فى العلاج، لذا أحيانا ألجأ إلى أهل الخير لإجراء التحاليل المكلفة، ولاستكمال علاجى لارتفاع تكلفته».

وزارة الصحة تقتل المرضى بالإهمال

جرائم وزراء ال20 عاما الماضية تسببت فى إصابة 12 مليون مريض بسرطان الكبد.. وخبراء يطالبون بوزارة خاصة للمرض

18مليون مريض كبد فى مصر يضعون آمالهم على وزير الصحة، الدكتورة مها الرباط، لتوفير العقار الجديد لمرضى الكبد بأسعار مخفضة، لكن مخاوف المرضى ما زالت كبيرة، خصوصا مع الجرائم التى ارتكبها الوزراء السابقون فى حق المرضى. الجرائم بدأت بعدم اهتمام كامل من وزارة الصحة بإنشاء مراكز متخصصة لمرضى الكبد، سوى معاهد القاهرة والمنوفية التى لا تستوعب عدد المرضى المنتشرين بكثافة داخل قرى بأكملها، فهناك عزب بأكملها موبوءة بالمرض، كعزبة «ذو الفقار» بالمنصورة، و«الحناوى» بكفر الشيخ، و«جريس» بالشرقية.

أما الجريمة الكبرى التى ارتكبت فى حق مرضى الكبد تتمثل منذ ظهور «الإنترفيرون» الأجنبى قوى المفعول وباهظ الثمن، حيث كانت وزارة الصحة تصرفه لبعض الحالات بأسعار خاصة فى إطار العلاج على نفقة الدولة أو التأمين الصحى، لكن لم تتمكن الدولة من توفيره للمرضى بكميات كافية مخفضة الثمن، فخدعتهم بالنجاح فى إنتاجه محليا دون مراعاة مدى فاعليته، فارتكبت جريمة بإجبار مرضى التأمين الصحى على صرف «الإنترفيرون» المصرى رخيص الثمن وقليل المفعول، والذى لا يتعدى تأثيره ال20%، رغم تعالى التحذيرات من عدم فعالية «الإنترفيرون» المصرى، وعدم إجراء التجارب الكافية عليه، وهو ما بث الخوف فى قلوب المرضى، الذين لجؤوا إلى الجمعيات الخيرية لمساعدتهم فى شراء «الإنترفيرون» الأجنبى، بعد أزمة فاعلية «الإنترفيرون» المحلى، الذى أصاب نحو 12 مليون مصرى بسرطان الكبد، فى الوقت الذى أعلنت فيه وزارة الصحة عن مشروع قومى لعلاج الكبد لكن بشروط، فى مقدمتها أن لا يكون المريض بدأ كورس العلاج داخل أى من مستشفيات أو مراكز الكبد على مستوى الجمهورية.

أما مؤسس جمعية مرضى الكبد فى المنصورة الدكتور جمال شيحة فقال إن الحكومة المصرية أمام اختبار حقيقى لتلبية طلبات ملايين من ضحايا الفيروس اللعين الذين لا يجدون طريقا لتناول الدواء، خصوصا أن العقار الحديث نجح بنسبة 90%، ومناسب للجين الرابع الموجود فى مصر، وهو ما سيمكن نحو 190 مليون مريض فى العالم من الشفاء، من هذا الفيروس، مشيرا إلى أنه يعد أول عقار يتم تناوله عن طريق الفم لعلاج الفيروس، بخلاف نوعين آخرين متداولين حاليا فى العالم كله، لم يتم اعتمادهما حتى الآن. كما أوضح شيحة أن وزيرة الصحة عليها اتباع سياسات جادة لتوفير العقار الجديد لمرضى الكبد، خصوصا أن القضية أصبحت أمنا قوميا، بعد أن أصبحت أمراض الكبد من الأمراض المزمنة التى انتشرت مؤخرا بصورة كبيرة خصوصا فى المرحلة السنية المتوسطة، التى تعد عماد الاقتصاد القومى، ما يؤثر بالسلب على الناتج العام.

فمن المعلن أن إجمالى عدد مرضى الكبد بمصر 22% من إجمالى تعداد السكان فى مصر، وتزيد النسبة فى الريف عن المدن، ما تظهر معه خطورة المرض وتأثيره الهدام، بعد أن احتلت مصر أعلى دول العالم فى معدل انتشار الالتهاب الكبدى الوبائى «سى»، حيث يصل إلى 14.7%، بنسبة 17.4% بين الرجال، و12.2% بين النساء، وترتفع النسبة بين سكان المناطق الريفية عن مثيلاتها فى الحضر، وفى المرحلة العمرية المتقدمة عن صغار السن.

رئيس المركز المصرى للحق فى الدواء، محمود فؤاد، قال إن «الإنترفيرون» و«الريبافيرين» الدعامة الأساسية لعلاج الالتهاب الكبدى «سى» غير متاح على نطاق واسع فى مصر، حيث يتم التمييز بين مرضى التأمين الصحى الذى يجبر المريض على تعاطى عقار آخر غير معروف عالميا! مشيرا إلى أن هذا العقار تم تسجيله فى (غرفه وزير الصحه الأسبق الدكتور حاتم الجبلى، وهو عقار قال عنه مسؤولو الصحة فى مصر إنه رخيص الثمن، وإلى الآن ترفض البلاد الإفريقية تسجيله، ولم يرد أى شىء عنه فى الدوريات الطبية العالمية أو المؤتمرات الطبية المتعددة!».

رأى رئيس المركز المصرى للحق فى الدواء أن وزارة الصحة غير جادة فى المفاوضات مع الشركات المنتجة للعقار الجديد، مشيرا إلى أن تاريخ وزارة الصحة مع أزمات مرضى الكبد فى مصر يؤكد التجاهل التام فى توفير العلاج لمرضى الكبد خلال العقود الماضية، ولم تهتم بتوفير «الإنترفيرون» بأسعار مناسبة، رغم علم وزارة الصحة أن الشركتين اللتين تنتجان الإنترفيرون قد ربحتا نحو مليارى جنيه مصرى فى آخر عشر سنين فقط بفضل انتشار المرض فى مصر، إضافة إلى أن هذه الشركات يتحتم عليها أن تتحلى بالمسؤولية الأخلاقية تجاه الشعب المصرى فى وقت تصرف فيه نحو 50 مليونا إلى 70 مليونا لتمويل مؤتمرات طبية وهمية ورحلات طيران وهدايا باهظة الثمن لعدد محسوب من الأطباء سنويا بدلا من توفير هذا المبلغ لعلاج مليون مريض.

العقار الجديد.. الأمل الجديد

رئيس المركز المصرى للحق فى الدواء: كل طموحات الوزيرة التفاوض ليظل المريض تحت رحمة الشركات الأجنبية

هل تملك الحكومة الإرادة السياسية وتسير على خُطى الهند فى الحصول على رخصة إنتاج العقار الجديد لفيروس «سى» محليا؟

هل تملك الحكومة فى مصر الإرادة السياسية لتسير على خطى الهند التى نجحت فى الحصول على موافقة من الشركة المنتجة للعقار الجديد للعلاج من فيروس «سى»، حتى إنها بدأت فى خطوات جادة لإنتاجه محليا، لتوفيره بأسعار مناسبة للمرضى دون أن تضع مرضاها تحت رحمة الشركات الأجنبية، التى تهدف إلى الربح فى المقام الأول. الهند قررت الخوض فى حرب الإرادة لإنتاج العقار الجديد لفيروس «سى» محليا دون الرجوع إلى الشركة الأجنبية، أسوة بتجارب الدول التى انتشر فيها الوباء، وهو ما أكده المركز المصرى للحق فى الدواء، مستنكرا نجاح دولة فى الحصول على رخصة إنتاج العقار الجديد محليا، فى حين ما زالت وزيرة الصحة تعلن عن مفاوضات مستمرة لتوفير العقار الجديد بأسعار مخفضة، ليظل المريض تحت رحمة الشركات الأجنبية، متجاهلة حق مصر فى إنتاجه محليا وفقا للاتفاقيات العالمية.

ومن تجارب الدول للتعامل مع انتشار الوباء يقدم الزعيم الراحل نيسلون مانديلا نموذجا لتحدى الشركات الأجنبية، من أجل حصول الشعب على دواء رخيص، ففى عام 2002 ارتفعت نسبة الإصابة بجنوب إفريقيا إلى 7 ملايين مريض، فقرر مانديلا خوض الحرب ضد 39 شركة أجنبية، بعد أن أصدر قرارا بإعطاء الحكومة الحق فى عدم التقيد بنظام براءة الاختراع فى مجال دواء الإيدز وإنتاجه، بعد أن تفشى بفيروس «إتش.آى.فى» المسبب للمرض، وإنتاج أدوية رخيصة للإيدز منتجة محليا أو استيرادها من دول العالم الثالث بأسعار رخيصة، دفعه إلى الدخول معهم فى معارك قضائية، فضلا عن محاولات الشركات لإصدار تشريع ضد إعطاء حكومة جنوب إفريقيا حق إنتاج أدوية رخيصة الثمن خوفا على اهتزاز الثقة عالميا فى نظام براءة الاختراع والذى يمثل شريان الحياة وجنى الأرباح لهم.

مانديلا تسلح فى معركته ضد الشركات الأجنبية الكبرى بتصدير فكرة أن صناعة الدواء لا تتحلى بأخلاق المهنة، خصوصا بعد حرمان الدول الفقيرة من فرصة الحصول على أدوية علاج الإيدز بأسعار مخفضة، مما اضطرت إلى تدعيمه جماعات مكافحة الإيدز، لتوفير الرعاية الصحية المستدامة لملايين المواطنين الذين حرموا منها خلال فترة حكم الأقلية العنصرية البيضاء. وبعد سنوات فى ساحات القضاء انتهت بسحب 39 شركة أجنبية القضية التى أقامتها ضد مانديلا، وبعد أن كسر مانديلا قاعدة التقيد ببراءة الاختراع فى مجال الدواء، شجع البرازيل، التى تعانى من وباء الإيدز، الخطى على دربه، وأجبرت الشركات على تخفيض أسعار عقاقير الإيدز وجعله مناسبا للدول الفقيرة.

ومن جنوب إفريقيا للبرازيل، اتبعت الهند نظرية أخرى كمحاولة لإيجاد حلول لوباء الإيدز، خصوصا عدم قدرتها على إنتاج أدوية المرض محليا، فاستغاثت بمنظمة الصحة العالمية، التى أعلنت حق دولة الهند فى توفير الدواء بأسعار رخيصة لا تتعدى 1% من أسعارها العالمية، إضافة إلى العلاج الجماعى للمرضى حتى تمت السيطرة على الوباء، وبعد أن حاولت السيطرة على الوباء قررت إنهاء احتكار عقار غالى الثمن لمعالجة السرطان حتى لا تتكرر مأساة مرضى الإيدز وتجبر الدولة إلى اللجوء إلى منظمة الصحة العالمية.

رئيس المركز المصرى للحق فى الدواء يعود ليؤكد أن ربع الشعب المصرى أصيب بفيروس «سى»، الذى يتحول إلى وباء قاتل، حيث تستقبل مصر سنويا نحو 250 ألف مصاب، موجها رسالة إلى رئيس الجمهورية يطالبه فيها بتشكيل لجنة قومية من كبار أساتذة الطب للمشاركة فى كتابة روشتة متكاملة ووضع خطط شاملة حتى تتم محاصرة الوباء والقضاء عليه، مؤكدا أنها خطط تحتاج إلى سنوات، وتحتاج إلى بداية إعلان الحرب على وباء استوطن أرضها واستباح أجساد شعبها المنهك.

الدكتور فؤاد النواوى، وزير الصحة الأسبق، والذى تبنى المشروع القومى للوقاية والكشف المبكر لأورام الكبد، أكد أن الحالات المتأخرة من فيروس «سى» تصاب بأورام الكبد، مؤكدا أن سرطان الكبد أحد أصعب الأورام من حيث إمكانية علاجه بالأدوية الكيميائية، حيث أثبتت الدراسات الإكلينيكية عدم جدوى جميع الأدوية «الكيميائية والهرمونات» فى علاج حالات سرطان الكبد المتأخر. وزير الصحة الأسبق طالب من الحكومة الاهتمام بالأمراض التى يصعب علاجها وتتسبب فى ارتفاع معدلات الوفيات، مؤكدا أهمية البحث عن أسباب انتشار الأمراض المسرطنة فى مصر والتى فى مقدمتها رش الطعام بالسم المسرطن، كما أكد أننا بحاجة إلى سن تشريع للحفاظ على صحة المصريين وتطبيق أقصى عقوبة على من يسهم فى تلوث التربة المصرية وسرطنة الطعام. ومن جانبه أكد الدكتور مصطفى منيع، أستاذ جراحة الأورام ورئيس الجمعية المصرية لجراحة الأورام، أن فيروس «سى» السبب الرئيسى لزيادة أورام الكبد فى مصر، مشيرا إلى أن الإحصاءات تشير إلى إصابة 3٪- 5% كل سنة بسرطان الكبد من المرضى المصابين بفيروس «سى»، وهى كارثة ستكلف مصر المليارات، ما لم يتم التحرك من الآن، على الأقل للوقاية من تزايد الإصابات بفيروسات الكبد، الدكتور أشرف عمر، سكرتير الجمعية المصرية لأورام الكبد، شدد على ضرورة تشكيل وزارة مستقلة عن وزارة الصحة تسمى وزارة «أمراض الكبد»، وذلك أن تكون هناك لجنة قومية تحت رعاية رئيس الجمهورية، مشيرا إلى أن هناك أسبابا عديدة للمرض منها التعرض للمبيدات الحشرية ومادة الأفلاتوكسين فى كثير من البقوليات ومضاعفات فيروس «سى» مع التدخين، حيث تصل النسبة 12 إلى كل 100 ألف حالة من السكان، وبمعدل 5% من حالات فيروس «سى» تصاب بالأورام سنويا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.