وصفت منظمة العفو الدولية، عملية فض اعتصام رابعة العدوية ب«المذبحة» التى شهدت مقتل أكثر من 600 محتج على أيدى قوات الأمن فى يوم واحد، دون ملاحقة أى من الضباط الذين شاركوا فى عملية الفض جنائياً، بينما سارعت السلطات بإلقاء القبض على أنصار الرئيس المعزول محمد مرسى، ومحاكمتهم وإصدار العقوبات بحقهم، عقب محاكمات جماعية جائرة جداً، على حد قولها، فيما أكد حقوقيون أن المنظمة تنحاز للإخوان بشكل متعمد وفج، وتجاهلت الإرهاب الذى كان يصدره الاعتصام، رغم إصدارها بياناً سابقاً أشارت فيه إلى وجود أسلحة خفيفة فى ميدان رابعة. وقالت المنظمة، فى تقرير أصدرته أمس، أعده الباحث محمد المسيرى، المتخصص فى الشئون المصرية، بعنوان «أحلك أيام مصر»، إنها طوال السنة الماضية عكفت على مناشدة الحكومة كى تجرى تحقيقاً محايداً ومستقلاً فى استخدام قوات الأمن للقوة المفرطة فى 14 أغسطس 2013، وعلى الرغم من توافر الأدلة الدامغة التى تثبت تورط الجيش فى قتل المحتجين، فلم يحاكم فرد واحد من ضباط الأمن على أفعاله، فى إحدى أكثر الحوادث دمويةً فى تاريخ مصر الحديث، وتُعد هذه الحقيقة وحدها إهانة للبشرية، ويجب على مصر أن تقاضى المسئولين عن ذلك، وتستدعيهم للمثول أمام العدالة. وقال «المسيرى» فى شهادته بالتقرير: «استيقظت فى ذلك اليوم على اتصال هاتفى فى السابعة صباحاً، وقال المتحدث على الطرف الآخر من الخط: لقد بدأت.. بعد شهر ونصف من الاعتصام، نفد صبر قوات الأمن المصرية، فاتصلت بأحد معارفى الذى كنت أعلم أنه موجود فى الميدان فرد قائلاً: إن الرصاص الحى ينهمر علينا بشكل عشوائى، وبدأت قوات الأمن بفض الاعتصامين فى ميدانى رابعة العدوية والنهضة. وكان بوسعى أن أسمع صدى صوت إطلاق الرصاص عبر الهاتف». وأضاف: «هرعت رفقة أحد زملائى العاملين مع منظمة العفو الدولية إلى موقع الاعتصام فى ميدان رابعة، وحاولنا أن نسلك المخرج من شارع النصر الذى صنفته وزارة الداخلية يومها على أنه ممر آمن، ولكن كان الرصاص يتطاير فى كل مكان هناك، وكان المصابون ملقين على الأرض وهم ينزفون فى كل شارع، ويُسحبون إلى مداخل البنايات فى محاولة من المسعفين لعلاجهم». وتابع: «فى حوالى الساعة الحادية عشرة صباحاً، دخلنا مسجد السلام الكائن فى الشوارع الخلفية القريبة من ميدان رابعة، وتم تحويل المسجد إلى مستشفى ميدانى، وشاهدت 8 جثث على الأقل قُتل أصحابها جراء إصابتهم بالرصاص فى منطقتى الرأس أو الصدر، ثم بدأ جلب الجرحى واحداً تلو الآخر إلى المسجد، وأُصيب معظمهم بالرصاص الحى فى الجزء الأعلى من الجسم، ونزف أغلب الجرحى حتى الموت فى غضون 5 ل10 دقائق من جلبهم إلى المسجد». وذكر فى التقرير أن الشرطة كانت تزعم أن لديها القدرة على التمييز بين المحتجين السلميين ومستخدمى العنف، مشيراً إلى تصريحات أحد ضباط الأمن المركزى لمنظمة العفو الدولية، قال فيها: «لدينا مركبات تتمتع بتقنية عالية، ومزودة بكاميرات بوسعها تقريب صور الأجسام من على بعد مسافة تصل إلى 8 كم، وبهذه الطريقة استطعنا التمييز بين المحتجين السلميين والمسلحين عندما لجأنا إلى استخدام القوة». وقال «المسيرى»: «عند وصولنا للمشرحة، كان موظفوها انتهوا من تشريح حوالى 108 جثث، وتنتظرهم 100 جثة أخرى، وبالعودة إلى مسجد السلام مجدداً كانت الجثث مكوّمة فوق بعضها على أرضية المسجد، ويصل عددها إلى 98 جثة، ووثق سجل كان موجوداً فى زاوية المسجد، عدد الجثث التى قبل أن يتسلمها الأهالى، ب267 جثة، من بينهم نساء وأطفال، وقُتل معظمهم جراء إصابته بالذخيرة الحية فى منطقة الرأس أو فى الجزء العلوى من الجسم، ولاحظنا وجود 6 جثث متفحمة فى المسجد، وكان بعضها متفحماً إلى درجة يصعب معها التعرف على هوية أصحابها». فى المقابل، قال الدكتور إيهاب الخراط، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى السابق، ل«الوطن»، إن تقرير «العفو الدولية» منحاز للإخوان بصورة متعمدة، خاصة أن المنظمة أصدرت وقت الاعتصام بياناً أشارت فيه إلى وجود أسلحة خفيفة داخل ميدان رابعة العدوية، وللأسف تجاهلت المنظمة عن عمد استخدام هذه الأسلحة فى قتل بعض الضباط الذين استشهدوا فى بداية عملية الفض، ولم تذكر أن الاعتصام كان مسلحاً.