أوضحت المنظمة الدولية لمراقبة حقوق الإنسان " هيومن رايتس ووتش" في تقريرها، يوم الاثنين 19 أغسطس، بعنوان ( قوات الأمن المصرية تستخدم القوة المفرطة )، تفاصيل الاعتصام من بدايته في نهاية يونيو، وتابعت موضحة رأي وزارة الداخلية في الاعتصام وأسباب الاستخدام المُفرط، واهتمت المنظمة بسرد كافة الشهادات التي حصلت عليها من موقع الحدث . فقالت المنظمة أنه منذ نهاية يونيو، قام أنصار الإخوان المسلمين بعمل اعتصامًا قُرب مسجد رابعة العدوية في مدينة نصر. وحسبت " هيومن رايتس " باستخدام الصور الجوية، أنه كان هناك 85 ألف متظاهرًا على الأقل في الاحتجاجات . وأضافت أن رجال الأمن ظلوا لأسابيع يَعِدون بأن فض الاعتصام سيكون تدريجيًا، بدءً بعمل طوق حول الاعتصام وتوجيه التحذيرات للخروج الآمن، وبخاصة للنساء والأطفال. ولقد قامت وزارة الداخلية في 14 أغسطس بمطالبة المحتجين بمغادرة الساحات، ولكن دون تحديد إطارًا زمنيًا للفض. وتابعت المنظمة أنه في حوالي 6:15 صباحًا يوم 14 أغسطس، أي حوالي 15 دقيقة قبل بدأ الهجوم، استخدمت قوات الأمن مكبرات الصوت لحث السكان على البقاء بعيدًا عن النوافذ. وقال الصحفي المصري " ماجد عاطف " لهيومن رايتس أنه سمع المكبرات تقول للمحتجين أنه يجب عليهم المغادرة من مخرج شارع النصر. وقالت إحدى الساكنات لهيومن رايتس أنه في حوالي 8 صباحًا سمعت مكبرات الصوت تعطي تعليمات بأنه هناك مخرج آمن من شارع الطيران، لكن المحتجين والصحفيين أكدوا أنه بمجرد أن بدأ الفض، قامت قوات الأمن بإطلاق الطلقات النارية بكثافة والغاز المسيل للدموع جعل التحرك مستحيلًا. فعلى سبيل المثال قالت والدة صبي عمره 15 سنة، أن ابنها اتصل بها من الاعتصام عندما بدأ الفض قائلًا أنه أراد الخروج، لكنه لم يستطع لأنه كان هناك إطلاق النار في الأماكن الذي قد أعلن الجيش أنها مخارج آمنة. ثم أشارت المنظمة في تقريرها أنه في الساعة 6:45، صباح يوم 14 أغسطس، تحركت قوات الأمن داخل الاعتصام من مدخل بجوار طيبة مول في شارع النصر، ومن المداخل الشرقية، مع قيامها بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع وكذلك مع إطلاق النار في الهواء. ويبدو أن وقتها قامت قوات الأمن المتمركزة على سطح مبنى المخابرات العسكرية القريب من الاعتصام ببدء إطلاق الذخيرة الحية، على الرغم من أنه ليس واضحًا من بدأ إطلاق الرصاص الحي أولًا. وقال صحفي أنه شهد أول إطلاق النار في الساعة 6:45 صباحًا في المدخل الشرقي للاعتصام، في شارع عباس يوسف. وقال طبيب في المستشفى الميداني بالاعتصام لهيومن رايتس أنه تلقى أول مريض أصيب بالرصاص الحي في السابعة صباحًا . هذا واستمر إطلاق النار خلال الساعات العشر التي تبعت ذلك الوقت، حتى حوالي الخامسة مساءً، وفقًا لرواية العديد من الشهود. وإطلاق النار جاء من قوات الأمن المتمركزة على أسطح المنازل وكذلك من مدرعات الشرطة، ومع بعض إطلاق نار من جانب المحتجين. وأوضحت المنظمة أن النساء كانوا من بين القتلى، بينهم أسماء البلتاجي ( 17 عامًا )، ابنة محمد البلتاجى، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين. كما أكدت ( مؤسسة حرية الفكر والتعبير المصرية ) قتل أربعة صحفيين هُم : " مايك دين " من سكاي نيوز، " حبيبة عبد العزيز " من أخبار الخليج، " مصعب الشامي " من رصد، و" أحمد عبد الجواد " من صحيفة الأخبار . أما عن عنف المُحتجين فقد ذكرت المنظمة، أنه على الجانب الآخر في مؤتمر صحفي، في 14 أغسطس، أكد وزير الداخلية، أن قواته تمارس ( أقصى درجات ضبط النفس )، وأن 43 من ضباط الشرطة لقوا حتفهم، كثير منهم قتل في رابعة العدوية. وقال أحد السكان الذين ذهبوا خارج سكنهم عندما سمع صوت إطلاق النار حوالي الساعة 7:30 صباحًا، أنه رأى ثلاثة من ضباط الشرطة المقتولين، وهم محمولين خارج مركز التسوق طيبة مول بالقرب من أحد مداخل الاعتصام . وقالت المنظمة أنه وفقًا للشهود ومراجعة لقطات الفيديو، تؤكد أن بعض الأعيرة النارية قد أطلقت من جانب المتظاهرين، وخاصة من ناحية مسجد رابعة العدوية. على سبيل المثال، قالت إحدى الساكنات بالمنطقة أنها شاهدت ثلاثة أشخاص على الأقل يحملون بنادق آلية ومسدسات في حوالي الساعة 8:30 أو 9 صباحًا، ويطلقون النار باتجاه الشرطة في شارع يوسف عباس. وأكدت " هيومن رايتس" أن أقوال الشهود الذين قابلتهم بما في ذلك الصحفيين الدوليين، والملاحظات الشخصية من قبل باحث " هيومن رايتس " الذي كان في المنطقة خلال لحظة الفض، كلها تشير إلى أن الغالبية العظمى من المُحتجين لم يكن بحوزتهم أسلحة النارية. وقال شهود عيان أن المحتجين أشعلوا النيران باستخدام إطارات السيارات والأخشاب، لتخفيف تأثير الغاز المسيل للدموع، وألقوا القطع المكسورة من الرصيف على الشرطة. وشددت المنظمة على أن المعايير القانونية الدولية تسمح باستخدام القوة في ظروف محدودة فقط، وأن الاستخدام المتعمد للقوة المُفرطة لا يُسمح به إلا عند الضرورة القصوى لحماية الأرواح، والتي تشمل أيضًا الأفراد الذين يستخدمون الأسلحة النارية التي تستهدف الشرطة. ومع أن الأجهزة الأمنية تبرر استخدامها لدرجة من القوة بهدف وقف المتظاهرين من إلقاء الحجارة أو قنابل المولوتوف، لكن عنف المتظاهرين لا يمكن أن يبرر استخدام القوة المُفرطة، على نطاق واسع كما تم مشاهدته في يوم 14 أغسطس. فأولئك الذين يخططون لعمليات الفض كان يجب أن يكون عليهم واجب صارم لاتخاذ جميع التدابير المُمكنة عمليًا، لكي تضمن عمليات الفض الحد الأدنى من المخاطر في الأرواح، ولكن المنظمين فشلوا بشكل شامل على القيام بذلك. وتابعت المنظمة في تقريرها عن " ارتفاع عدد القتلى " حيث قالت أنه قد تم جلب المحتجين الذين أصيبوا وقتلوا لاثنين من أهم "المستشفيات الميدانية" بالاعتصام واللتان كانا عبارة عن: ( ثلاث غرف ملحقة بالمسجد حيث كان المتظاهرون يُخزنون الإمدادات الطبية الأساسية، وكذلك عيادة رابعة العدوية الطبية وهو مبنى مكون من أربعة طوابق مع المعدات الطبية الأساسية ). وذكرت أنه في صباح يوم 15 أغسطس، قام فريق هيومن رايتس الذي تواجد في مسجد الإيمان بشارع مكرم عبيد، بإحصاء 235 جثة والذي تم جلبهم من المستشفى الميداني ومركز رابعة الطبي بالاعتصام. وقال شهود إن سبع جثث أخرى وصلوا إلى المسجد في وقتٍ لاحق. حيث أن الجثث لم تؤخذ إلى أية جهةٍ حكومية، فمن غير المرجح أن يتم حصرها ضمن أعداد الوفيات الخاص بوزارة الصحة، والذي كان في ذلك الوقت قد بلغ 102 قتيل فيما يخص رابعة العدوية وحدها . وبالإضافة إلى ذلك، قال مسئول كبير في مستشفى الدمرداش القريبة من الأحداث أن 20 شخصًا من اعتصام رابعة توفوا في المستشفى متأثرين بجروحهم. وفي وقتٍ لاحق، أعلن مجلس الوزراء أن وزارة الصحة لن تقوم بعد ذلك بنشر أي بيان عن عدد القتلى . وفي 14 أغسطس اضطر المتظاهرين إلى ترك الجثث في رابعة عندما قامت الشرطة بطردهم من العيادات في الخامسة مساءً. وقال رجلان أن الشرطة سمحت لهم بالعودة إلى جمع الجثث في الثامنة مساءً، فقاموا بإحضارها إلى المسجد الإيمان. وقالت إحدى الساكنات أنه في 8:25 مساءً، في يوم 14 أغسطس، رأت من شقتها مجموعة من يحملون الجثث، وأضافت أن أقاربها قد ذهبوا للمساعدة في حمل الجثث معهم. وقال أحد سكان شارع مكرم عبيد أنه في حوالي 9:30 مساءً رأى جثتين على سطح سيارة سائرة باتجاه مسجد الإيمان. وزارت " هيومن رايتس " مركز رابعة الطبي، في الساعة 3:30 مساءً، يوم 14 أغسطس، وشاهدت 64 جثة هناك. وقال الدكتور محمد عبد العزيز، الذي يعمل بالمركز، أن الجميع قتلوا بالرصاص الحي، في الرأس والصدر، ما عدا رجلًا واحدًا أحرق حتى الموت في خيمته. وقال أحد حراس المبنى أنه ساعد في حمل الرجلين اللذان كانا في خيمتهما عندما احترقتا، وقال أن أحدهما لقي حتفه في مدخل المبنى الذين يعالجون فيه الناس. وأشارت المنظمة أن لقطات الفيديو لتسع جثث تم حملها إلى العيادة، تُبين أن اثنين تم اطلاق النار عليهما في الصدر، وخمسة في الجزء الخلفي من الرأس، واثنتان في الوجه.