مواطن يقف فى انتظار طابور الخبز، وآخر يحجز موقعه فى طابور البنزين، وسيدة تزاحم فى طابور أمام مستودع بوتاجاز، ومحدود الدخل يحلم أن يأتى دوره ليتسلم سلعة تموينية مدعمة، دورة حياة المواطن المصرى يومياً منذ نعومة أظافره حتى يغادر الحياة فى طابور جنائزى أيضاً لا يدعه إلا وقد غطى الثرى عينيه. لم تكد تنتهى مشكلة الخبز لتوها حتى تظهر أزمة الوقود ليعود المواطن إلى طابور جراكن المياه ثم الوقود وصولاً إلى السلع التموينية، المشكلة التى تؤرق «أشرف منير»، الذى يقطع مسافة يومية من منزله بمنطقة المنيب حتى ميدان الجيزة، ليحجز دوره فى طابور طويل على أمل الحصول على المواد المدعمة الموجودة ببطاقته التموينية: «بقالى شهر ونص بحاول أستلم أى حاجة من السلع اللى موجودة على البطاقة، كل يوم يقولوا فوت علينا بعد يومين». «كل اللى عايزه السلع الأساسية فقط» هكذا أكد «أشرف»، متمنياً صرف الزيت والسكر والأرز ليعفى من شرائها بأسعار السوق حتى لا يتكبد فى ثمنها نصف ما يتقاضاه من معاشه تقريباً: «معاشى 250 جنيه، السلع دى لما بشتريها من السوق حوالى 110 جنيه، علشان تكفينى الشهر كله»، الانتظار أفضل حالاً من الاستدانة بقية الشهر، بحسب الرجل الستينى: «أستنى فى الطابور أحسن ما أشترى حاجات تمنها غالى عليا». «الطوابير موجودة فى كل بلاد أوروبا، لكن فارق بين طابور ناتج عن النظام وآخر بسبب قلة الحيلة»، بحسب الخبير الاقتصادى مصباح قطب: «فى دول العالم المتقدم الطابور أمام الأوتوبيس أو محطة المترو سببه انتظار المواطن دوره، أما فى بلدنا الطابور يعنى الاستهانة بحاجة المصريين وعدم مصارحتهم بالحقائق أولاً بأول». المبادرات الشخصية تلعب دوراً كبيراً فى حل أزمة الطوابير، فالمواطن الذى ضاق به الحال ولجأ إليها طوعاً وكرهاً بإمكانه مقاطعتها حتى تنصلح أحوال الدولة، بحسب «مصباح»: «الشباب الصغير لازم يحفز المواطن الكادح اللى مش لاقى مكان فى طابور العيش أو البوتاجاز أو التموين إنه مش هيقدر ياخد حقه غير لما يتحرك ويرفض التعتيم، واستغلال التجار والدولة».