ملامح الرجولة تظهر على وجوههم قبل الأوان بسبب حياتهم البائسة التى لا يعيشها الأطفال فى مثل سنهم، يربط الحبل حول وسطه وينزل لتسليك الطرنشات بالعقارات التى ليس بها صرف صحى بكرداسة وناهيا والقرى المجاورة.. لم يشعر حسين ومحمد وعلاء، الإخوة الثلاثة، بسنوات اللعب والمرح الأولى التى عاشها معظم الأطفال، فقرروا تحمل المسئولية والعمل مكان والدهم الذى يلازم الفراش حالياً والمريض بفيروس «سى»، والذى لم يعد قادراً على العمل، اختاروا أن يتركوا الحياة ولذتها ويستكملوا عمل والدهم حتى يجدوا لقمة العيش. «باربط الحبل حوالين وسطى وننزل فى الحوش بتاع العمارة.. إخواتى يفتحوا البلاعة وأنا علشان رفيع باسلّك الطرنشات برجلى وإيدى»، قالها حسين محمود الكومى الذى لم يكمل 9 سنوات وهو أصغر إخوته سناً، مشيراً إلى أن المهنة التى يرى والده منذ أن ولد يعمل بها تعوّد عليها وأصبحت بالنسبة له من أسهل ما يمكن، «حسين» لديه القدرة على تسليك البالوعات والطرنشات دون أن يضع كمامة على وجهه أو حتى يرتدى قفازاً، فيقول «حسين»: «باقلع الجلابية وأنزل عريان ولما بسلك البلوعات ونفضى الطرنشات باستحمى بمسحوق الغسيل». ويروى «محمد»: «بنتعرض كل يوم لاختناقات نتيجة تسليك البالوعات وبناخد فى الآخر 20 جنيه أو بالكتير 30 جنيه والشغل كمان مش كل يوم»، مشيراً إلى أن والده كان يعمل بتلك المهنة حراً وليس موظفاً بالحكومة وأنه أصيب بالمرض من هذه المهنة فضلاً عن زملائه الذين لقوا مصرعهم نتيجة الاختناق من الصرف. «علاء»، الذى يكبرهم سناً أتم عامه ال14، يسكن حجرة خشبية بأحد أحياء كرداسة وفقد والدته بمرض السرطان: «إحنا بنتعرض لمخاطر كتير، وربنا يستر علىّ وعلى اخواتى، بنخلى بالنا من بعض ومرة رجلى اتزحلقت ووقعت فى البلاعة واتعورت فى دماغى»، قالها «علاء» الذى لا يكل من التفكير فى والده: «نفسى أعمل له حاجة تساعده على الشفاء، لكن ما باليد حيلة».