تواصلت رحلات نقل المصريين العالقين على الحدود الليبية التونسية، أمس، ورصدت «الوطن» مأساة العائدين من مطار جربا التونسى. وأعدت القوات المسلحة 5 آلاف عبوة غذائية لتوزيعها على المصريين الفارين من ليبيا والموجودين حالياً بمنطقة رأس جدير بتونس، وجرى نقلها عن طريق الجسر الجوى الذى أقامته وزارة الطيران المدنى، لإجلاء الأسر المصرية الهاربة من الاقتتال الدائر حالياً فى ليبيا. وقال الطيار حسام كمال، وزير الطيران المدنى، إن شحنة تضم 13 طناً من المواد الغذائية، أرسلتها وزارة الدفاع على إحدى طائرات مصر للطيران، وصلت لمدينة جربا التونسية، صباح أمس، وجرى تسليمها للبعثة القنصلية هناك، لتوزيعها على المصريين النازحين من ليبيا عبر الحدود التونسية. قال حسام عطا الله، 24 سنة «عامل سيراميك من محافظة قنا» إنهم تعرضوا لكافة أنواع الإهانة خلال وجودهم بمنطقة رأس جدير الحدودية لمدة أسبوع، حيث قامت القوات الليبية بتصويرهم وهم يتقاتلون للحصول على زجاجة مياه وقطعة خبز وقطعة «بصل» كانت منظمة الهلال الأحمر تسلمها يومياً للعالقين، وكشف أن الرحلات التى جرى تنظيمها من قبَل السلطات المصرية ليست كافية لنقل آلاف المصريين الموجودين هناك. فيما أشار إبراهيم صلاح، عامل بمحافظة أسيوط، إلى وجود بعض الإصابات فى القدم لعدد منهم نتيجة إطلاق النار العشوائى من قبَل القوات الليبية، كاشفاً عن عدم وجود تعاطف من قبَل الليبيين والتونسيين تجاه العمالة المصرية بسبب وجود الرئيس عبدالفتاح السيسى على رأس السلطة فى مصر، ووجود تحريض إعلامى من قبَل القنوات المصرية ضد الليبيين. وأوضح وليد محمد، عامل من محافظة قنا، أن آلاف المصريين يواجهون الموت فى المنطقة الحدودية بين ليبيا وتونس، لافتاً إلى أنهم لاقوا الكثير من الأهوال حتى عادوا إلى مصر سالمين، مناشداً السلطات المصرية زيادة عدد رحلات الطائرات إلى تونس، وأضاف أنهم مكثوا 5 أيام فى الصحراء دون مأكل، مندداً بموقف السفير المصرى فى تونس وعدم مساعدته لهم خلال الأيام الماضية. وقال سيد إبراهيم إنه جرى اعتراض المصريين العالقين على الحدود التونسية الليبية من قبَل البلطجية وقاطعى الطريق بالمنطقة الحدودية، واستولوا على جميع متعلقاتهم الشخصية، ما جعل هناك صعوبة فى وصولهم للمنطقة التى يتم فيها انتشال المصريين من هناك، لافتاً إلى أنهم وصلوا إلى مطار القاهرة دون أى أموال، الأمر الذى يصعب عليهم الوصول إلى بلادهم رغم المعاناة التى لاقوها خلال الأيام الماضية، مطالباً الرئيس عبدالفتاح السيسى بالتدخل الفورى لإجلاء المصريين من ليبيا، بعد أن وصل عددهم إلى الآلاف. وأكد ربيع حامد، عامل من مدينة نجع حمادى، أن «آلاف المصريين يفترشون الصحراء دون أكل أو شرب ومن لا يموت من ضرب النار يموت جوعاً وعطشاً»، مضيفاً أنهم لا يمتلكون مصاريف السفر لمحافظاتهم، مطالباً الدولة بزيادة عدد الطائرات كل يوم من أجل إعادة جميع المصريين من ليبيا، مؤكداً أن السفير المصرى حضر فى أول أيام عيد الفطر وأخبرهم أنه سوف يتم إنقاذهم ولم يظهر مرة أخرى، كما أنهم تعرضوا لإهانات كثيرة من الليبيين والتوانسة لدرجة أن أحد الجنود الليبيين قال لهم «بلدكم مش سائلة فيكم.. تستاهلوا». «أنا ربنا كتب ليا عمر جديد علشان خاطر ولادى الغلابة»، بهذه الكلمات عبّر حسن الباجورى، أحد المصريين الفارين من اندلاع الاشتباكات المسلحة فى ليبيا، مؤكداً أن مشاهد الموت الذى فقد فيه 3 من العاملين معه لا تفارق عينيه، سواء الذين قتلوا فى طرابلس أو أثناء محاولتهم الهروب منها، واصفاً طريقة استهدافهم ب«البشعة»، حيث كانت الصواريخ تضرب على المكان فتنسفه بكل ما فيه من أحياء لا ذنب لهم فى أى شىء، وتحول جثامين الموتى إلى أشلاء تتناثر فى أرجاء المكان المستهدف. أما «حسن» الشاب العشرينى الذى يقيم فى إحدى القرى الصغيرة بمركز ديروط بمحافظة أسيوط، جاء إلى ليبيا منذ 3 أعوام بعد الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافى، استطاع الحصول على فرص عمل فى أكثر من مكان لكنه لم يأمن يوماً واحداً على حياته أثناء إقامته سواء فى طرابلس أو مصراتة التى كان يقيم فيها قبل انتقاله للعمل فى العاصمة الليبية. ووجه رسالة إلى المسئولين فى مصر «حرام عليكم الناس اللى مرمية على الحدود هناك لو فضلوا يومين كمان هيموتوا بالرصاص أو الصواريخ ولو استطاعوا الهروب منهم، هيموتوا من الجوع، مطالباً بعمل جسر جوى وعدم الاكتفاء بسيارة واحدة أو اثنتين فى اليوم».