سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السؤال الصعب: «إحنا ليه ماعندناش بابا وماما ثابتين زيكم؟» «مهند»: قلت لبابا محسن أنا آسف عشان ما صليتش مع إخواتى.. وإعاقة «باسم» لم تمنعه من حفظ القرآن الكريم
وجوه تسكن البراءة ملامحها، ولا تنقطع ضحكاتها رغم الألم، تخجل نفسك من الحزن إذا رأت ابتسامتها، ملائكة يسكنون الأرض، وعلى الرغم من اختلاف الدماء فى عروقهم وتنوع أنسابهم وأسمائهم، فإن عقولهم لا تعترف بأية فروق بينهم، فالجميع إخوة فى الإنسانية وشركاء فى المسكن والمأكل، لا يفرق بينهم سوى شهادة ميلاد تحمل عدداً من السنوات التى غالباً ما تعد على أصابع اليد الواحدة، وإن تخطت ذلك بقليل قد يكون الفراق الذى لا يعترف بالأخوة واليتم اللذين جمعا طفولتهم فى مؤسسة أو دار أو ملجأ للأيتام، فالنظام يحتم نقل مجموعة منهم إلى مكان آخر واستقدام آخرين مكانهم. وبين أمل يأمله القلب الصغير فى مستقبل أفضل، وألم تخلقه إعاقة جسدية أو ذهنية لا ذنب لهم فيها، تدور حياة أطفال «دار السندس للأيتام المعاقين». يطرق العيد أبواب دارهم فيدخل معه فريق «الوطن»، ويستقبل الأطفال الزائر بسعادة، داخل حجراتهم تعيش «الوطن» عيدهم. على أعتاب الدار يستقبلك طفل صغير أسمر اللون لا يتعدى عمره 4 سنوات، يملأ المكان حركة ونشاطاً، حركته لا تعرف السكون ووجهه البرىء لا تفارقه الابتسامة. يقبض على بضعة جنيهات فى كفيه الصغيرتين ويطلب من أحد إخوته أن يحتفظ له بنقوده لشراء حلوى بعد أداء صلاة العيد، إنه مهند أحمد «فاكهة الدار» كما يطلقون عليه وأصغر أبنائها سناً، ولكنه الأرجح عقلاً وتفكيراً، وعلى الرغم من شقاوته فإن الجميع يحبه ويسعد إذا رأى ابتسامته الساحرة. «مهند» لا يعرف مكاناً ثابتاً، فالمكان كله ملك له فى أية زاوية تحلو له تجده إما جالساً أو مصلياً أو لاهياً وسط أقرانه. على الرغم من صغر سنه، فإنه يدرك تماماً أهمية الصلاة ويحافظ على أدائها بصحبة الأستاذ محسن المعلم الخاص بالأطفال أو «بابا محسن» كما ينادونه، أكثر من يرتبط به الطفل الصغير ولا يفارقه فيتعلق فى ذراعه عند خروجه لصلاة الفجر ويطيل البكاء إذا ابتعد عنه، الأمان والسعادة ل«مهند» يراها فى «بابا محسن» الذى يحرص على رضائه دائماً. ببراءة الملائكة يتحدث «مهند»: «قلت لبابا محسن أنا آسف لأنه كان زعلان منى عشان ماصليتش مع إخواتى، أنا باحب بابا محسن أكتر واحد، بحبه قد البحر لأنه بيجيبلى حاجات حلوة وآيس كريم ومش باحب حد تانى زيه كده». يجلس «مهند» أمام شاشة التليفزيون مع إخوته يتابعون أحد أفلام الكارتون فى سعادة، تتبدل ملامحهم البريئة بتغير مشاهد الفيلم، بينما يحاول رمضان محمد، ذو الثمانى سنوات، الجلوس معهم فتتعثر قدماه ليسرع «مهند» لمساعدته. «رمضان» يعانى إعاقة ذهنية وحركية، تمنعه من الحديث بشكل مفهوم، فكل ما يقدر عليه إصدار بعض الإيماءات والأصوات يفسرها «مهند» بدقة ويستطيع تحديد ما يريده «رمضان» بسهولة ويقدم له ما يريد من المساعدة. لم يختلف حال باسم صبحى إبراهيم، 7 سنوات، كثيراً عن «رمضان»، «باسم» هو الآخر يعانى إعاقة بصرية بقرنية العين، لكن إعاقته لم تمنعه من حفظ القرآن الكريم كما لم يمنعه صغر سنه من صوم رمضان والتعامل مع التكنولوجيا الحديثة. ينتهى الفيلم فيجتمع الأطفال الثلاثة، وينادون على باقى أقرانهم للتخطيط لأيام العيد، فيأتى الاتفاق مطابقاً للبرنامج الذى وضعته الإدارة، ولكن هم من وضع خطوط تنفيذه العريضة. ويبدأ البرنامج بصلاة العيد فى المسجد بصحبة «بابا محسن»، كما اعتادوا فى كل عيد، ثم العودة إلى الدار، وتناول وجبة الإفطار واستقبال الزيارات التى يترقبها الأطفال لأنها وسيلتهم للتعامل مع العالم الخارجى، فضلاً عن حفلة لهم، ثم اللعب فى صالة الألعاب وتزيين الطرقات بالبالونات الملونة والزينات التى تشاركوا فى تجميل دارهم بها.