لم ينشغل أهل المنطقة الشرقية فى سيناء مثل كل المصريين بصنع مستلزمات العيد.. لم ينتظر الأطفال انقضاء الليلة الأخيرة فى رمضان لإخراج ملابسهم الجديدة والذهاب إلى الصلاة صبيحة اليوم التالى.. فقط كان التركيز على كيفية التخفى والابتعاد بأى طريقة عن أصوات القصف ورائحة البارود التى ملأت الأرجاء بعد تصاعد الاشتباكات بين الإرهابيين وقوات الجيش وقيام الطائرات والدبابات بقصف مناطق الشيخ زويد وقرى التومة والغرا والجورة والطويل والسكاسكة والشلاق والزوارعة والمقاطعة، باختصار فى الوقت الذى احتفل فيه المصريون بعيد الفطر كان قرار سكان تلك المناطق رغماً عنهم هو النزوح من المركز باتجاه القرى المجاورة. وأكد شهود عيان ل«الوطن» أن المئات من الأهالى أدوا صلاة العيد فى منازلهم ولم يذهبوا إلى المساجد بعد تصاعد حدة أصوات القصف، وقامت الأسر صباح أمس بالنزوح إلى المناطق الآمنة ولم يقوموا بزيارة أقاربهم مثل كل الأعياد السابقة، بعد انشغالهم بتحميل متاعهم والرحيل من المنطقة فى صورة مأساوية. «أسوأ عيد علينا وعلى أطفالنا»، وصف للأحداث الراهنة، يلخص معاناة سكان المنطقة الشرقيةبسيناء، جاء على لسان «عبدالرحمن. ع» من قرية «الشلاق حديثة»، مشيراً إلى نزوحه وأسرته إلى قرية الطويل شرق العريش ليبتعد عن منطقة الاشتباكات، ولكن القدر لاحقه، بقذيفة سقطت على مقربة منه أثناء اصطحابه أبناءه الأربعة، فاضطر إلى الانتقال لقرية أخرى، بعد ورود معلومات من أحد أقربائه أكدت اتساع نطاق العمليات العسكرية ضد الإرهاب لتشمل قرية الطويل وضواحيها، وتابع عبدالرحمن بصوت مُجهد: «أبحث عن مكان للإقامة فيه بعد أن تم تأجير جميع المنازل للنازحين وسأضطر إلى العيش فى عشة أنا وأولادى». فيما قال «سالم. س. ع» إن «الأطفال يقضون عيدهم فى الحدائق ويحتفلون بأول أيام عيد الفطر، وأطفالنا يقضون ليلة العيد وسط أصوات الرصاص ودوى الانفجارات، فلم يشعر أطفالنا بهذا العيد ولم ينعموا بالفرحة كباقى الأطفال، حتى ملابس العيد عجزنا عن توفيرها لأطفالنا، لأن المشهد غاية فى الصعوبة وظروفنا المادية سيئة جداً ونحن نستعد للرحيل من منازلنا». وقال «عيد. س» من أبناء قرية التومة: «لأول مرة نقوم بقضاء العيد بعيداً عن ديارنا، حيث نزحت أنا وأسرتى إلى مركز بئر العبد هرباً من الحرب على الإرهاب بالشيخ زويد ولا نعلم شيئاً عن بيوتنا التى تركناها والتى ربما يعبث بها الإرهابيون ويقومون بسرقة محتوياتها». ووصف عياد أبوصالح، من سكان المنطقة، العيد بأنه عيد الرحيل والهجرة من القرى وليس عيد الفطر المبارك، على حد تعبيره، مشيراً إلى أن أهالى قرى الشيخ زويد يعيشون معاناة فى أول أيام العيد، بعد أن كذبت توقعاتهم باحتمال توقف الاشتباكات خلال إجازة العيد، وحدث النقيض حيث تصاعدت الاشتباكات بين الإرهابيين والجيش، لافتاً إلى أن سكان المنطقة يبحثون عن منطقة آمنة ليعيشوا فيها، بعد تواتر أنباء عن مقتل وإصابة أسرة بأكملها نتيجة سقوط قذيفة عليهم داخل منزلهم. واستكمل عياد قائلاً: «عن أى عيد نتحدث؟ إننا نعيش كما يعيش الغزاويون فى فلسطين، والحياة الاقتصادية فى أسوأ حالاتها والله لا أجد إيجار السيارة التى تقوم بنقلى أنا وأسرتى». وأشار مصدر قبلى رفض الإفصاح عن هويته، خوفاً من التصفية من قبل الإرهابيين، إلى أن الأهالى بمنطقة الشيخ زويد، خاصةً القرى الواقعة جنوبالمدينة، يعيشون مأساة حقيقية، حيث رحل الآلاف منها، وهناك مواطنون لا يجدون ثمن إيجار السيارة التى تنقلهم واضطر بعضهم للرحيل على عربات الكارو، وأضاف أن سائقى سيارات النقل استغلوا الوضع ورفعوا أسعارهم، علاوة على ارتفاع إيجار الشقق السكنية بمدينة العريش، واضطر بعض الأهالى إلى السكن فى عشش بضواحى مدينة العريش ويخشون التعرض لحملات أمنية تقوم بحرق عششهم.