سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ابن عباس: «محمد» تزوج «خديجة» وعمرها 28 سنة فقط «ابن المبرد» فى «الشجرة النبوية»: أنجبت «عبدالله» بعد 15 سنة من البعثة النبوية.. فكيف تنجب وعمرها 55 سنة؟
فى كتاب «الشجرة النبوية فى نسب خير البرية»، للإمام جمال الدين يوسف بن حسن بن عبدالهادى المقدسى، وكنيته «ابن المبرد»، يقول: على الرغم من تجارة محمد المحدودة، فإنه اكتسب فيها شهرة كبيرة لأمانته وشرفه المشهود له بهما فى مجتمعه، ومن ثَم كان كثير من تجار مكة يعرضون عليه العمل لهم فى تجارتهم مقابل أجر أكبر من أقرانه. وكانت خديجة بنت خويلد، إحدى أشراف مكة ومن أكبر تجارها، تستأجر الرجال ليتاجروا بما لها فى أسواق الشام والحبشة مقابل أجر لهم، ولما سمعت عن شهرة محمد تمنت أن يكون أحد رجالها، وكان يومها فى ال25 من عمره، فعرضت عليه أن يخرج لها فى تجارة إلى الشام على أن تدفع له أجر رجلين، فقبل محمد وخرج فى تجارتها، ومعه غلامها ميسرة، وابتاع واشترى وعادت تجارته رابحة أكثر مما كانت تتوقع السيدة خديجة، وأثنى خادمها على محمد ثناء مستطابا. وبنظرة متأنية فى أمر هذه الرحلة، يتضح أنه عليه السلام لم تكن هذه أول رحلة له إلى الشام، بعد رحلته مع عمه أبى طالب، فخبرته بالطريق والمسالك المؤدية إلى الشام، وكذلك خبرته بطريقة البيع والشراء التى عليها أهل الشام، وشراؤه السلع من الشام يروج بيعها فى مكة؛ كل ذلك يعطينا الحق فى أن نقول إن محمدا قام بأكثر من رحلة إلى الشام قبل رحلة خديجة، اكتسب فيها كل الخبرة والمهارة، وللأسف لم تسعفنا المصادر التاريخية بشىء من ذلك. وكانت خديجة فى ذلك الوقت، أرملا بلا زوج، وعرض كثير من أشراف مكة الزواج منها، ولم تقبل لأنهم يطمعون فى ثرواتها، ولكنها سمعت عن محمد صلى الله عليه وسلم، من حلو الشمائل وجميل الصفات وأغبطها، وتأكدت بعد أن عمل لها فى تجارتها ورأت، عن قرب، من صفاته أكثر مما سمعت. ولم يكن إلا رد الطرف حتى انقلبت غبطتها حبا، جعلها تفكر فى أن تتخذه زوجا، وسرعان ما عرضت عليه الزواج بواسطة إحدى صديقاتها، فوافق وتزوج بها وفقا للعادات المتبعة فى زواج الشرفاء من أهل مكة، التى تبدأ بخطبة من أهل العريس يوضحون فيها رغبة ابنهم فى الزواج من العروس، ويسمون المهر، ويرد أهل العروس بخطبة أخرى، يوافقون فيها ويباركون الزواج. وتزوج رسول الله خديجة، وولدت له أولاده كلهم، عدا إبراهيم، فإنه من «ماريا» القبطية، وولدت له من الذكور القاسم، وبه كان يكنى، وعبدالله، الملقب بالطيب والطاهر، وقيل إن الطيب والطاهر اسمان لولدين آخرين، لكن الأول هو الأشهر، كما ولدت له من الإناث زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة. والمشهور عند المؤرخين، أن محمدا تزوج خديجة وعمره 25 سنة، وعمرها 40، إلا أن «ابن عباس»، يروى أنها تزوجت الرسول وعمرها 28، وكانت أكبر من الرسول بقليل، وهذه الرواية لها ما يؤيدها من تاريخ أم المؤمنين، رضى الله عنها؛ فالمعروف أنها أنجبت عبدالله بعد البعثة النبوية، لذا لقب بالطاهر الطيب، ولما كانت البعثة النبوية بعد زواجها ب15 عاما، فعلى رواية الأربعين يستلزم أن يكون عمرها عند إنجابه أكثر من 55 سنة، وكيف تنجب سيدة فى تلك السن؟! لذا كانت رواية «ابن عباس» الأقرب إلى الصحة، خلافا لكثير من المؤرخين. وإذا صح ما جاء فى «اليعقوبى»، من أن الرسول تزوج وعنده 30 سنة، وحاولنا عقد مقارنة بينه وبين رواية «ابن عباس» لاتضح لنا أن الرسول كان وقت زواجه أكبر من خديجة بعامين، وكان زواجهما مباركا وموفقا، ووجد محمدا فى خديجة سكنا ورفيقا، ووجدت فيه زوجا بارا كريما، فوقفت جانبه، تؤازره وتناصره، ما جعله يثنى عليها دائما بالخير ولم يتزوج عليها طوال حياتها.