أدق وصف لحالة الزراعة فى مصر الآن، ورد فى مداخلة مع عمرو أديب.. مشاهد من كفر الشيخ يسأل: هو برنامج السيسى فيه إيه للفلاحين؟ رد عليه فلاح من المنيا قال له: الزراعة القديمة فى الدلتا والوادى «منسية» مش على الجدول. والكلام دلوقتى عن المليون فدان، ووزير الزراعة الجديد، كل همُّه هيصلح المليون إزاى، وبكام، ومنين؟.. ومحدش بيتكلم عن الفلاح اللى طالع روحه، ومش لاقى ياكل.. مداخلة من فلاح فصيح قال له: يا أستاذ.. الزراعة مش على الجدول ولا فى الصفحة الأولى.. الزراعة بقت فى الصفحة الأخيرة.. «صفحة الوفيات».. الله يرحمها.. وأطالب حضراتكم بنشر هذا النعى بالأهرام: «انتقل إلى رحمة الله تعالى، قطاع الزراعة والثروة السمكية والداجنة والحيوانية، بجمهورية مصر العربية، عن عمر يناهز ستة آلاف سنة، بعد صراع طويل مع المرض، استمر عشر سنوات فى عهد المخلوع، ثم المخلول، وحتى تاريخه، لاعتبارها من عصور التخلف، وجب الخلاص منها». الحمد لله.. القطن و«أباظة» جاب أجله.. اشترى ال11محلج، وباعهم أنقاض لأغراض سياحية وتجارية، وكسب مليار جنيه اتسجن بيهم سنتين.. وقال لك وقتها: انسوا القطن دا موضة قديمة زى موضة الطرابيش الحمرا زمان.. «والقمح» قال لك: شرا العبد ولا تربيته»، وشجع زراعة البرسيم لتصديره مجففاً إلى حيوانات الجيران، ولجذب أصدقائه الخليجيين يزرعوا برسيم فى العوينات وتوشكى، وكله بيجامل بعضه، وشيلنى وأشيلك. ونفس هذه السياسات هى التى دمرت الثروة السمكية.. بعد تحويل كل قطاع إنتاجى إلى قطاع اقتصادى، يعنى سيادتك عامل هيئة للثروة السمكية، ومعهد بحوث وتكنولوجيا، ومحطات تفريخ فى العباسة، ومحطات على بحيرة السد و.. و.. وفى النهاية بحيرة قارون الآن تنتج «ألفى طن سنوياً»، وبحيرة ناصر مليون وربع مليون فدان مسطح تنتج 20 ألف طن.. باختصار 350 كم شواطئ، و9 بحيرات، ونهر نيل بفروعه.. والنتيجة: نستورد 350 ألف طن نفايات أسماك من أوكرانيا وشرق آسيا، والمغرب بنفس الشواطئ تصدر سنوياً ب2 مليار يورو، سمك مدخن، ومملح، ومجفف، ومعلب. وهكذا بكل القطاعات الملحقة بوزارة الزراعة.. جبت وزير حالى عالم وخبير وأستاذ × الزراعة قعد مع المرشح السيسى وأقنعه بفكرة الصوب الزراعية، والمليون فدان الجديدة التى كانت مخططة، وجاهزه للأخ جمال مبارك عندما يجلس على كرسى العرش، كل هذا لا بأس.. ولكن بعد رفع سعر السولار الذى هو حياة الفلاح، ومع الإهمال خلال العشر سنوات الأخيرة لأحوال الفلاح، ومع تركيز الدولة الآن لاستصلاح مليون فدان، كل مشاكل الغلابة أبوقيراطين وخمسة قراريط.. كل سنة وأنت طيب.. صباح الخير سيادة الرئيس طريق جهنم مفروش بالنوايا الحسنة.. وطريقتنا الآن فى التعامل مع قطاع الزراعة.. أهم وأخطر قطاع فى مصر (55% من الوظائف فى هذا القطاع، 40: 50 مليون يعملون بالزراعة وملحقاتها) من ثروة داجنة، وحيوانية، وسمكية، وتجارية وخدمية وتصديرية وتصنيع زراعى.. إلخ.. إلخ.. أخشى من التداعيات. فى كل بلدان العالم «الزراعة» تستحوذ على الأولوية والرعاية والاهتمام.. فى فرنسا مثلاً تجد نقابة المزارعين أهم من نقابة المحامين والأطباء والصحفيين، والمعرض الوحيد الذى يحضره رئيس الجمهورية من ديجول حتى أولاند هو المعرض الزراعى.. تجد الرئيس ومعه رئيس الحكومة والوزراء حاضرين.. يطبطبوا على البقرة، ويحسسوا على الخرفان (بلاش الخرفان) على النعاج.. يسمعوا آراء المزارعين، يحققوا مطالبهم.. فهل فرنسا المنتجة للسلاح والموضة والعطور، والسيارات، وأكبر بلد جاذبة للسياحة (75 مليون سائح) هل أهملوا الزراعة، هل اعتبروها حاجة عيب؟ وهل الفلاح هناك يهان بهذه الطريقة، ولا أحد يتبنى قضاياه وهمومه وأوجاعه، لا مسلسلات ولا أفلام، ولا توك شو، ولا صحافة تُشكل رأياً عاماً ضاغطاً على أصحاب القرار، ولا تتركه مسجوناً، أو هارباً من مديونياته لبنك الائتمان الزراعى و.. و.. و.. سيدى الرئيس: وزارة الزراعة الآن مجندة لخدمة مشروع سيادتك.. مشروع المليون فدان - الاجتماعات - المقابلات، التمويل.. لا أحد يتحدث أو يهتم بالأربعة ونص مليون فدان القديمة.. لا أحد يعنيه الآن مشاكل الفلاحين، مدخلات الزراعة من (أسمدة ومبيدات وتقاوى وإرشاد، أو تمويل).. الفلاح اليوم يخسر فى زراعة الفدان الواحد «ألفى جنيه» بالورقة والقلم.. لماذا؟ لأنه لا توجد تعاونيات.. ولا جمعيات، ولا بنك ائتمان، والآن لا وزارة له، بعد أن انشغلت بالمليون فدان.. «مشروع الرئيس».. الخلاصة: أنا قلقان وخايف من تكرار الأخطاء، وغياب الاستراتيجيات، وتخبط السياسات، ثم نفاجأ قريباً بأن «الفلاحة» التى تحولت الآن إلى «مناحة» قد انقرضت وصارت نقوشاً على جدران المعابد. ياريس: كيلو أى حاجة ينتجه الفلاح الآن يخسر فيه 4/1 جنيه، أما التاجر والسمسار والقومسيونجى بيكسبوا فى نفس الكيلو جنيه واثنين وخمسة وعشرة. والحل: قلناه ألف مرة فى المقالات السابقة.. اقرأها على النت. س سؤال: تفتكروا ليه إحنا بنرغى كثير.. بنلت ونعجن.. بنعيد ونزيد.. نقول المتقال، ونعيد المتعاد؟ والسؤال المهم: كيف استطاعت «سوريا» أن تصمد 3 سنوات، رغم الحصار - رغم قطع الطرق - رغم المعارك الطاحنة - رغم خواء الخزينة من النقد الأجنبى؟ والإجابه: لأن «حافظ الأسد» زرع كل الوديان والسهول والجبال.. بالقمح والخضراوات والبقول، و90 مليون شتلة زيتون وزعها بالمجان على المزارعين.. فحقق الاكتفاء الذاتى من الغذاء، ولولاها لأصبحت سوريا وبشار فى خبر كااان!! علينا أن نفهم أنه فى بلد ال90 مليون أن الأمن الغذائى = الأمن القومى.