تراجع جديد لسعر الذهب في بداية تعاملات اليوم الإثنين بالبورصة العالمية    بعد توقف 14 عامًا، استئناف العمل بالمنطقة الحرة في مطار دمشق (صور)    ترامب: أغادر ماليزيا بعد توقيع اتفاقيات تجارية وصفقات للمعادن النادرة    مصرع شخصين وإصابة 26 في تصادم أتوبيس مع سيارة نقل بطريق الزعفرانة - رأس غارب    التنظيم والإدارة ينتهي من عقد الامتحانات الإلكترونية للمتقدمين لوظيفة مدير عام بمصلحة الضرائب    قوات الدعم السريع السودانية تعلن سيطرتها الكاملة على مدينة الفاشر    مستند رسمي.. عضو اتحاد الكرة السابق ينشر خطاب إيقاف دونجا في السوبر (صورة)    شعبة السيارات: الوكلاء يدفعون ثمن المبالغة في الأسعار.. والانخفاضات وصلت إلى 350 ألف جنيه    «أحكموا غلق النوافذ ليلا».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: الصغرى تُسجل 10 مئوية    بسبب خناقه مخدرات.. تحقيق عاجل مع سيدة قتلت نجلها ببولاق الدكرور    أول أيام الصيام فلكيًا.. متى يبدأ شهر رمضان 2026؟    عاد إليها بعد إصابتها بالسرطان.. الفنان ياسر فرج يروي تفاصيل ابتعاده 5 سنوات لرعاية زوجته الراحلة    فريدة سيف النصر تعلن عن يوم ثانٍ لاستقبال عزاء شقيقها    مباريات اليوم الإثنين بمجموعتي الصعيد بدوري القسم الثاني «ب»    مصرع شخص سقط من الطابق الرابع بمنطقة التجمع    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 27 أكتوبر    "ديلي تلجراف": لندن تبحث إقامة شراكة نووية مع ألمانيا تحسبًا لتراجع الدعم الأمني الأمريكي    «الداخلية» تضبط «دجال» بتهمة النصب على المواطنين في الإسكندرية    دبابة إسرائيلية تطلق النار على قوات اليونيفيل جنوب لبنان    رئيس هيئة المتحف المصري الكبير: قناع توت عنخ آمون يبعث رهبة واحترامًا للحضارة المصرية    «الموسيقى العربية» يسدل الستار على دورته ال 33    عمرو سلامة يشيد ب محمد صبحي: «أفلامه ذكية وممتعة وتستحق إعادة الاكتشاف»    فنزويلا: اعتقال مرتزقة مرتبطين بالاستخبارات الأمريكية فى ترينيداد وتوباغو    بسملة علوان ابنة القليوبية تحصد المركز الثاني ببطولة الجمهورية للكاراتيه    وصفة «الميني دوناتس» المثالية لأطفالك في المدرسة    انقلاب سيارة الفنان علي رؤوف صاحب تريند "أنا بشحت بالجيتار" (صور)    أمين عام حزب الله يتحدث عن إمكانية اندلاع حرب جديدة مع إسرائيل    لاتسيو يقهر يوفنتوس.. وتعادل مثير بين فيورنتينا وبولونيا في الدوري الإيطالي    عبد الحفيظ: لا أميل لضم لاعب من الزمالك أو بيراميدز إلا إذا..!    الداخلية تضبط شخصين استغلا مشاجرة بين عائلتين بالمنيا لإثارة الفتنة    وكيله: سيف الجزيري لم يتقدم بشكوى ضد الزمالك    التوقيت الشتوي،.. نظام يساعد الأطباء على تحسين جودة الخدمة الطبية وتوازن الحياة العملية    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    الطب الشرعي يحسم الجدل: «قاتل المنشار» بكامل قواه العقلية    أسعار طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025    سعر الدولار اليوم الاثنين 27102025 بمحافظة الشرقية    وفاة طفلين خلال حريق عقار في أبو النمرس.. تفاصيل    ارتكب 4 جرائم قتل.. قاتل الأم وأبناءها الثلاثة يواجه الإعدام    اسعار الحديد فى الشرقية اليوم الأثنين 27102025    النجم الساحلي يودع الكونفيدرالية ويبتعد عن طريق الزمالك والمصري    مصدر مقرب من علي ماهر ل في الجول: المدرب تلقى عرضا من الاتحاد الليبي    بهدف قاتل ومباغت.. التأمين الإثيوبي يفرض التعادل على بيراميدز بالدور التمهيدي من دوري الأبطال    "البلتاجي "على كرسي متحرك بمعتقل بدر 3 ..سر عداء السفاح السيسى لأيقونة يناير وفارس " رابعة"؟    عمرو أديب: موقع مصر كان وبالا عليها على مدى التاريخ.. اليونان عندها عمودين وبتجذب 35 مليون سائح    ريهام عبد الغفور تطرح بوستر مسلسلها الجديد «سنجل ماذر فاذر»    أنظمة الدفاع الروسية تتصدى لهجمات بطائرات مسيرة استهدفت موسكو    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    «عائلات تحت القبة».. مقاعد برلمانية ب«الوراثة»    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025    احذري، كثرة تناول طفلك للمقرمشات تدمر صحته    نمط حياة صحي يقلل خطر سرطان الغدة الدرقية    الزبادي اليوناني.. سر العافية في وجبة يومية    الجمع بين المرتب والمعاش.. التعليم تكشف ضوابط استمرار المعلمين بعد التقاعد    حماية المستهلك: ضبطنا مؤخرا أكثر من 3200 قضية متنوعة بمجال الغش التجاري    شيخ الأزهر: لا سلام في الشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس    الحسابات الفلكية تكشف موعد بداية شهر رمضان 2026    من هو صاحب الذهب المشتراه من مصروف البيت ملك الزوجة ام الزوج؟.. أمين الفتوى يجيب    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر والريادة الإقليمية.. الداخل أولاً
نشر في الوطن يوم 15 - 07 - 2014

فى الأسابيع الماضية، ظهرت بعض مؤشرات إيجابية للتحرك المصرى عربياً وإقليمياً، نشير هنا إلى ثلاثة تحركات، أولها زيارة وزير الخارجية سامح شكرى إلى العراق، وفيها أكد ضرورة التوافق الداخلى واحترام التكامل الإقليمى للعراق والوقوف ضد جماعات التكفير والعنف. وثانيها مشاركة مصر فى اجتماع إقليمى فى تونس اختص بالوضع فى ليبيا وبسيطرة الدول المجاورة لها على الحدود المشتركة، وثالثها مبادرة مصر لوقف العدوان الإسرائيلى على غزة، والتى أعلن عنها فى اجتماع وزراء الخارجية العرب، وسبقتها اتصالات مع كل من واشنطن وبرلين وكندا. وتتوالى المؤشرات على أن الطرفين الإسرائيلى وحركة حماس بغزة سوف يقبلان بالخطة المصرية، لأنها تشكل لهما أرضية مناسبة للتراجع واستعادة الهدوء وإن بضوابط معينة.
التحركات المصرية الثلاثة تكشف عن عودة مصر إلى ملعبها الطبيعى عبر الاشتباك الإيجابى مع القضايا المحورية التى تهز المنطقة واستقرارها وتؤثر بشكل مباشر على المصالح العليا لمصر. وكل من التحركات المشار إليها ذو قيمة بالنسبة للقاهرة، كما هو مرتبط بمصالح حيوية لا يمكن التضحية بها كرفض تقسيم الدول، والتمسك بصيغة شاملة للسلام العربى الإسرائيلى، والإصرار على مواجهة جماعات التطرف الإسلامى. والبديهى أن احترام التكامل الإقليمى للعراق لن يتم إلا عبر توافق عراقى تسنده حكومة فاعلة ومؤسسات قادرة على التعبير عن الدولة العراقية والمجتمع العراقى بكل أطيافه دون إقصاء أو استعداء. وأعتقد أن مصر مثل دول أخرى تستشعر خطر تحلل مؤسسات الدولة العراقية، وكذلك خطر انتصارات «داعش» وإعلانها دولة خلافة على أجزاء من العراق وسوريا، ويزداد الخطر مع تأكد وجود علاقة استراتيجية بين منظمات مقاومة بعثية وسنية تستهدف الرد على إقصاء حكومة المالكى للمجتمع السنى العراقى ككل من جانب، وبين منظمة «داعش» الجهادية التكفيرية من جانب آخر، وهى العلاقة التى أعلن عنها عزة الدورى، الرمز الأكبر المتبقى من نظام صدام حسين، والذى يقود ما يعرف المقاومة السنية ضد الاحتلال الفارسى الصفوى فى إشارة إلى النفوذ الإيرانى الغالب فى العراق وحكومة نورى المالكى ذات النزعة الطائفية البغيضة. ومكمن الخطورة فى هكذا تحالف يكمن فى أن المناطق السنية إن انفصلت عن العراق الكبير بمساعدة داعش، فسوف تكون مرتعاً للجماعات التكفيرية والجهادية، وسوف يمتد تأثيرها حتماً إلى العالم العربى ككل. وفى كل الأحوال سنكون أمام فأل سيئ بالنسبة لمستقبل المنطقة.
ومع اعترافنا بأن إعلان دولة الخلافة الداعشية فى أجزاء من العراق لن ينتج دولة جديدة بالفعل، ولكنه على الأقل يرسخ مؤشرات تقسيم العراق بين سنة وشيعة وعرب وأكراد، وهو مربط الفرس فى الانزعاج المصرى جنباً إلى الانزعاج من التأثيرات المعنوية للانتصارات الداعشية على الحركات والمجموعات الجهادية التكفيرية فى مناطق عربية أخرى، كسيناء على سبيل المثال. واستطراداً للقلق المصرى من تقسيم دولة العراق وما يؤدى إليه بالمزيد من الانهيارات العربية بالمعنى الاستراتيجى، هناك القلق المباشر مما يجرى فى ليبيا، حيث تترسخ يومياً عوامل انهيار الحكومة المركزية وزيادة سطوة الجماعات المسلحة ومنها الجماعات التكفيرية والجهادية والإخوانية، وكلها تضمر الشر لمصر. وليس بخافٍ على أحد أن هذه الجماعات الجهادية الليبية على تواصل مباشر بدولة «داعش» التى تسعى إلى أن يكون لديها موطئ قدم فى ليبيا تتخذه لاحقاً منصة للانطلاق على مصر، وفقاً لما أعلنته بيانات داعش نفسها فى أكثر من موقع إخبارى وثيق الصلة بالحركات الجهادية. الأمر الذى تتخذه مصر مأخذ الجد وتحسب له ألف حساب، ومن ثم تتحرك وتشارك فى مسارات عدة محلياً وعربياً لإحكام السيطرة على الحدود الليبية لمنع تهريب الأسلحة والأفراد.
أما المبادرة المصرية بشأن وقف العدوان الإسرائيلى على غزة، فقد عبرت عن دور مصرى تقليدى، تكرر عشرات المرات من قبل استناداً إلى قناعات راسخة بأن قضية فلسطين هى القضية المحورية الأولى للعرب، فضلاً عن قناعة أخرى بأن القضية الفلسطينية تمثل لمصر أمناً قومياً بالمعنى المباشر، الأمر الذى يستدعى تحركات فاعلة تنتهى غالباً بوثيقة تعدها مصر مرفقة بضمانات حول انتهاء العدوان الإسرائيلى يتلوها فترة من الهدوء، ثم تنظيم جزئى لفتح المعابر بين غزة والأرض الفلسطينية المحتلة، ثم تعود الكرة من جديد بعد فترة من الزمن. وهو مشهد سوف يتكرر مرات أخرى فى المستقبل إذا لم يتم تحقيق اختراق جاد على صعيد المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية.
ومن الواضح أن التحركات المصرية عربياً وإقليمياً تستند أساساً إلى عناصر القوة الناعمة، وتحديداً خبرات الدبلوماسية المصرية التى تشكل مدرسة مرموقة، والتى يرافقها ظهير إعلامى معقول، وهو الأمر الذى يعوض مصر عما تواجهه من صعوبات وتحديات جسيمة فى عوامل القوة الصلبة كالاقتصاد والإدارة والمشاركة السياسية. والعوامل الأخيرة بجوار عنصر القوة العسكرية هى التى تحدد شكل الريادة ومدى القدرة على تحمل الأعباء وحتى أى زمن مقبل. وبالتالى فإن استعادة الريادة المصرية إقليمياً لن يحقق اختراقات مهمة إلا بعد أن يكون لمصر نموذج سياسى واقتصادى يغرى آخرين باتباعه بكل سلمية ووعى. فالأصل فى كفاءة القوة الناعمة للدولة مرتبط أساسا بمدى كفاءة الاقتصاد والإدارة واتساع مساحة المشاركة وهكذا. والأمر على هذا النحو يفرض على مصر أولاً حكومة وشعباً التفكير فى النظام السياسى الذى يجب أن تكون عليه مصر. وبالرغم من أن دستور 2014 مُحمل بكم كبير من المبادئ التى تؤسس لنظام سياسى فاعل، فإن العبرة هنا هى فى اللحظة التى نصل إليها وقد صار لدينا نظام سياسى كفؤ يتسم بالديمقراطية وعدالة التوزيع والإنصاف فى الفرص. ومن الواضح أن هذه اللحظة مؤجلة لبعض الوقت نتيجة التراكمات التى تشكلت على مدى زمنى يفوق النصف قرن، والتى بدورها تتطلب جهوداً هائلة من أجل معالجتها سلوكياً وتشريعياً.
وخلاصة الأمر أن طموحنا باستعادة ريادة إقليمية فاعلة مرتبط أساساً بمدى نجاحنا كشعب قبل الحكومة فى إدراك وتقبل التضحيات التى يتطلبها إعادة البناء والنهوض بعد مرحلة من التعثر والتراجع، إذ مهما كانت عناصر القوة الناعمة والنفوذ المعنوى، فلن تؤتى ثمارها من حيث التأثير والانتشار إلا إذا كانت مصحوبة بقوة صلبة ونظام سياسى فاعل وديناميكى فى الداخل، وتكون لديه قدرة طبيعية على تفعيل قواه الناعمة بكل أريحية فى الخارج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.