تمثل «السبع وصايا» لمحمد أمين راضى وخالد مرعى بالنسبة لى حالة من الدهشة والمتعة، فلنصفق جميعاً لمن استطاعوا أن يضعونا يومياً أمام الشاشة لأكثر من ساعة مستنفرين انتظاراً لما سيحدث لأولاد السيد نفيسة بعد جرمهم القاتل بإنهاء حياة أبيهم من أجل إرث بالملايين، فمات الأب واختفت الجثة واستقرت التعاسة والشقاء فى مسار حياة الأبناء السبعة الجاحدين، وبين الحياة والموت تدور الحكاية المتلازمة مع أجواء صوفية استثنائية تبركية بأولياء الله الذين ماتوا فى المحروسة، لا أتوقف هنا عند رانيا يوسف السجينة، أو هنا شيحة البسيطة، أو صبرى فواز المبدع، أو محمد شاهين الاكتشاف النجم، أو هيثم أحمد زكى الصادق، أو ناهد السباعى المتمكنة، بل أتوقف عند مصريين رأيتهم فى وجوه أنجال السيد نفيسة، فقد قتلوا وطنهم بانتظام مع سبق الإصرار والترصد من أجل صالحهم ومصالحهم دونما ذرة من ضمير أو وازع لدين أو احترام لأمانة أو انتماء لأرض، هؤلاء نزعوا عن وطنهم مواطن الحياة ومحاليل التقدم وفيتامينات الرخاء، وساروا فى جنازة تراجعه وتخلفه بل وزعوا احتفالاً واحتفاءً بالمناسبة «صبّار الأنانية»، وعفوا عن منح خبز العطاء وطحين الإيثار، وقدموا مواطنيهم المطحونين قرباناً لثرائهم وتوحش أرصدتهم! أولاد السيد نفيسة الجاحدون ما زالوا يرتعون وسط ميدان التقشف وضجيج الأزمة، ويسعون إلى جنى المزيد من دماء شعب مكتوب عليه دفع الأثمان حتى عندما اختار بحريته مساراً جديداً لمستقبله، أولاد السيد نفيسة فى الواقع كثيرون واختلافهم الوحيد عن دراما راضى ومرعى هو أنهم لم يشقوا بما حصدوه أو فعلوه، بل بالعكس زادهم الأمر طغياناً وسعياً وراء أصفار المليارية والحسابات البنكية والأراضى الصحراوية، بوسى وإيمى وإخوتهما تلاميذ فى مدرسة الشر الواقعى فى المحروسة، فهم أشبه بنبت فى مقابل شجرة كبيرة باسقة زرعها ذئاب لئام، المواطن فى نظرهم دجاجة تبيض ذهباً بتجويعه واستغلاله وتنفيض جيوبه وتجريف ثرواته! ننتظر مصائب أولاد السيد نفيسة فى المسلسل وندعو الله أن نراها فى الواقع بإلحاح السلطة القائمة، فالإنصاف يقتضى أن يدفع الجميع من أجل الجميع، ولا يدفع الفقير من أجل الجميع، وهذه أمور بعيدة عن فذلكات السياسة أو تربيطات التحالفات أو تخطيط الأجهزة، هى مسألة عن قصة اسمها «العدالة» التى يستمد منها الحساب نفاذه، الحساب على ما فات وعلى ما هو آتٍ، يا سيد نفيسة المحروسة أرجو ألا يقتلوك مرة أخرى فإن فارقت الروح جسدها فعلينا جميعاً السلام، ويومها سيرقص على الجسد كلاب المصلحة والمجرمون والفوضويون والظلاميون وعندها لن يكون هناك وطن بل دويلات بعضها لداعش وبعضها لأمراء الانقسام وأباطرة التقسيم! سبع وصايا لأى مصرى يملك سلطة: ابتعد عن أولاد السيد نفيسة، وحاربهم بالقانون، واستعد حقوقنا منهم، واحرص على العدالة والتزام الحق، وانتهاج سبيل الحرية، والتمسك بالديمقراطية، وتقويض نزعة الثأر الأمنية، وإنهاء الأسطورة المقيتة للبيروقراطية!!