قليل من الخيال.. هل لديك؟؟ هل تملك قليلاً من الخيال؟؟ لذا إذا كنت ضمن هؤلاء الذين يعيشون فقط فى الواقع ويرفضون الخيال اعتقاداً أنه مضيعة للوقت.. أنه للرومانسيين.. الحالمين.. أصحاب العقول الهائمة.. أو ربما التائهة.. إذن فلا مجال لك أن تستكمل قراءة هذا المقال.. بالرغم من أننى كنت أحب أن تفعل!! فربما تستطيع كلماتى أن توقظ حواسك وتبحر بك إلى عوالم لا يعرفها عقلك لأنه لا يمارس الخيال.. محدود فى مكانه.. فى حاضره.. لا يسافر بك بين الماضى والمستقبل. ومع ذلك.. إذا كنت ما زلت معى حتى الآن على هذا السطر.. إذن أنت تشاور عقلك فى تكملة القراءة.. فهيا بنا. نحن شعب ظل ينظر للخيال نظرة ساذجة.. بل دونية أحياناً.. أصحاب الخيال الحقيقى، أطفالاً كانوا أو كباراً، كانوا دائماً هم المهمشين.. فى البيت.. فى المدرسة.. فى العمل.. مع الأصدقاء. لا أحد كان ينتبه إلى فكرهم أو إلى ما يقولون أو يقترحون.. إلى ما يرون ويتمنون أن يطبق.. كانوا دائماً مجالاً للسخرية وكثير من الاستهزاء.. لأنهم يملكون بصيرة وفكراً يخرج بهم عن المألوف.. عما اعتاد الناس عليه وأطمأن قلبهم له.. ولذا لا يتقبلون من يأتى إليهم بخياله ويقتحم ويرهق عقولهم المتحجرة ويفضح قصورهم ومحدودية تفكيرهم التى تسير نحو طريق واحد ونمط واحد. ولأن قليلاً منا أصبح يملك هذا الخيال، بل وليس للبعض الشجاعة أن يجهر به حتى لا يطلق عليه «هذا المجنون»!! لذا فأنا أشعر بالقلق، وأتساءل: كيف سوف ننطلق إلى الأمام ونحن لا نملك هذه الملكة التى لا يتحدث عنها أحد.. التى لا تُذكر ضمن خطط برامجنا المستقبلية. هذه قضية!!.. نعم.. فقر الخيال قضية!!.. وقضية هامة جداً ولا تتعلق بالفنون والأشياء التى ترونها ثانوية وتافهة كما تعتقدون!!! وإنما هى قضية تتعلق بالخطط السياسية التى ترسمها الدولة لمستقبل أفضل وتحتاج فى ذلك لهؤلاء أصحاب الخيال الخصب الذين يملكون هذه الآفاق الطليقة الطازجة.. وهم موجودون.. فقط يحتاج الأمر منكم إلى توسيع الأفق والخروج من الصندوق للبحث عن هؤلاء بدلاً من اختياركم للأنماط التقليدية التى تترأس الإعلام والصحافة وغيرها فى كثير من أجهزة الدولة ومؤسساتها!! عليكم أيها السادة أن تستثمروا فى بناء قاعدة بيانات جديدة يتم تحديثها بشكل دورى لأن هناك المئات من الشباب والعاملين فى قطاعات كثيرة أنتم لا تعلمون عنهم شيئاً.. كثير منهم يستحق بالفعل أن يساهم فى نهضة هذا البلد مرة أخرى. أشعر بالأسف لأننا ندور فى حلقات مفرغة.. تاركين الأمور لنفس الوجوه والشخصيات العقيمة التى تحدد المسار.. التى هى من الأساس تفتقر لأى خيال، فماذا تنتظرون!!!؟ ابحثوا عن أصحاب الخيال.. لا تخافوا أو تنزعجوا أن توصموا بشبهة الرومانسية الحالمة.. الخيال هو المستقبل.. هو الحل الذى يفتح المجال للتقدم والازدهار.. وسوف أنهى هذا المقال بقصة حقيقية ربما تلهمكم بشىء.. وقعت أحداثها فى أحد السجون بشمال فيتنام إبان الحرب بين أمريكاوفيتنام، وذلك عندما تم أسر العقيد جورج هال من السلاح الجوى الأمريكى وحبسه فى شبه صندوق مظلم لمدة سبع سنوات!!! فكان كل يوم يتخيل أنه يلعب الجولف.. يسير ويطوف بين مساحات خضراء شاسعة تسمح له بأن يضرب الكرة لأبعد مكان.. ظل يلعب هكذا فى خياله لمدة سبع سنوات، وبعد أسبوع من إطلاق سراحه دخل مسابقة نيو أورليانز للجولف وأحرز 76 هدفاً!! هذا هو المفتاح الذى يحوّل الخيال إلى واقع وحقيقة.. وهو أنك تعيش المشهد على أنه ملموس وموجود!!! ونحن فى احتياج لهؤلاء.. هؤلاء القادرين على تحويل أحلامهم إلى واقع وليس إلى أوهام تبحر بنا إلى لا شىء!!!