لون بشرته تحول للون الأسمر، وعرق يتصبب على جبينه بسبب حرارة الشمس، بدلته البيضاء تكاد تتحول للون الرمادى بسبب أدخنة السيارات وأتربة الشارع. يقف «سيد محمود» عند أحد التقاطعات بشارع فيصل، ويشير للسيارات بالوقوف لتمر سيارات أخرى جاءت من اتجاه آخر، يقول محمود «بابدأ شغلى من الساعة 3 ظهراً، حتى 11 مساء، وأيام تانية بتكون الصبح حسب الورديات». بنبرة صوت ممتزجة بالغضب يقول «محمود»، مشيراً للسيارات «دايماً كده شارع فيصل زحمة، وفيه اختناق مرورى، السيطرة على شارع فيصل صعبة جداً، ومن أصعب الشوارع اللى ممكن نشتغل فيها»، ويضيف، «مش بس كده، دا من أكتر الشوارع اللى بتحصل فيها مشاجرات بين السائقين». محمود ثلاثينى العمر، متزوج ولديه طفلان، بالرغم من شعوره بافتقاد أهله أثناء تناول فطوره فى الشارع، إلا أنه يشعر بفخر بمهنته، بملامح تغمرها الابتسامة ممتزجة بالفخر، يقول «ماينفعش نسيب الشوارع زحمة واختناق مرورى ساعة أذان المغرب، وكل الناس راجعة من الشغل، واحنا نقعد فى بيوتنا، صحيح بنحس بسعادة أكتر فى وسط أهلنا، برده بنحس بسعادة إننا بنشتغل»، يسكن «محمود» فى إحدى القرى المجاورة للجيزة، المسافة التى يقطعها للوصول لمقر عمله لا تقل عن ساعة ونصف. «لو ميعادى الصبح الساعة 7، تلاقينى خارج من الساعة 5، والشوارع فاضية مافيهاش بنى آدم». ويضيف متحدثاً عن صعوبة العمل فى شهر رمضان، قائلاً، «المشكلة بس فى رمضان إن حرارة الشمس بتكون مرتفعة، بنتحمل وقفتنا فى الشارع طول النهار». ويضيف «يا ريت الناس تقدر شغلنا، وفى الآخر يقولوا إننا مش بنشتغل». يشير «محمود» لعدة أشخاص أعلى رتباً، بابتسامة تغمر وجهه مع نبرة استنكار، يقول «تفتكرى لو مش بنشتغل، الناس اللى قاعدة هناك دى هتخلينا قاعدين على كراسى». يصمت عن الحديث دقائق، يطلب من السائق الوقوف جانب الطريق أثناء نزول راكب، حتى لا يحدث ازدحام. ليستطرد حديثه قائلاً، بنبرة يغلب عليها الحزن «لو كل واحد يلتزم بالقواعد، مايبقاش فى زحمة فى الشارع، وترجع السواقين تشتكى من الغرامات وسحب الرخص».