تنوعت طرق الإلحاد على مر العصور، وتعددت الفلسفات الإلحادية بتعدد الفلاسفة الذين روجوا لهذا الفكر، مثل أفلاطون وكارل ماركس وفردريك نيتشه، الذي أقر بنظرية موت الخالق الأعظم، وغيرهم من الفلاسفة الذين نظروا للدين على اعتبار أنه معرقل للحياة وعائق لمسيرة التقدم العلمي والبحث العقلاني الحر، فقد كان إيمانهم مقتصرًا على الماديات فقط، وكل فرقة تتناول الإلحاد من وجهة نظر مختلفة عن الأخرى، فمنهم اللادينيون الذين يعتقدون أن الأديان ما هي إلا خرافات من صنع البشر، أما فكرتهم عن الخالق فهي فكرة مشوشة، حيث أنهم لا يعنيهم التفكير في أمر الله. ومنهم الملحد الموجب الذي ينفي وجود الله من الأساس، ويحاول أن يصوغ نظريات لإثبات عدم وجود الله، ومنهم الملحد السالب الذي يعتقد بعدم وجود الله نظرًا لعدم اقتناعه بأدلة وجود الله، هذه بعض النماذج والأمثلة عن الإلحاد وأنواعه. أما في عصرنا الحالي هذا فقد انتشر نوع آخر من أنواع الإلحاد، ألا وهو الإلحاد بالقيم الإنسانية، وتتبنى الجماعات التكفيرية والتنظيمات الإرهابية هذا النوع من الإلحاد، فتجد منهم من يزهق الأرواح ويقطع الرؤوس ويأكل الأكباد والقلوب، ثم يكبر ويهلل، وتتعالى صيحاته الله أكبر ولله الحمد، والسؤال هنا، أي إله تكبر، أي إله تعبد. هل تعبد الله الذي يقول "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ"، بالتأكيد لا، في الواقع أنت تعبد إله آخر، رسمت له صوره ذهنية ليس لها وجود إلا في مخيلتك، وربما أنت لا تعلم أنك في الوقت الذي تضغط على زر التفجير، أنت في هذا الوقت بالتحديد، قد كفرت بالله، وكفرت بكل القيم الإنسانية والمبادئ الدينية، وانتسبت إلى دين آخر غير موجود إلا في عقلك، دين من صنعك، فكر تكفيري من اختراعك. أنت سبب في تشويه الإسلام، أنت سبب في إلحاد شاب يراك وأنت تسفك الدماء، فيعتقد أن هذه هي تعاليم الدين فيكفر بالدين. أنت سبب في عرقلة شاب غير مسلم، في رحلة بحثه عن الأديان يراك وأنت تذبح وتقتل وتكبر فينفر منك، ويكفر بشعار "لا إله إلا الله" المكتوب على العلم الأسود الذي تحمله وأنت تقتل. في الحقيقة أنت ملحد من نوع آخر، ملحد في ثوب جديد مرتديًا عباءة الدين، متسترًا وراء رايات الحق التي يراد بها الباطل، ليس ذلك فقط بل أنت سبب في إلحاد آخرين، أنت أسأت الظن بالله لدرجة أنك اعتقدت أن الله سيدخلك الجنة عندما تفجر نفسك، وسيعلي درجاتك بقدر عدد الأرواح التي أزهقتها، أنت تنكر أن الله هو الرحمن الرحيم، وتؤمن بكلام شيخك الذي أقنعك أن القتل هو أسمى الوسائل للتقرب إلى الله، أنت ألغيت عقلك وإنسانيتك وأصبحت مجرد أداة للقتل والتنكيل. وأخيرًا إذا كنت تعتقد أنك ستنشر الدين بهذه الطريقة ففي الحقيقة أنت تنشر الإلحاد دون أن تدري.