بالتأكيد لن تكون الحلقة الأولى من مسلسل "ما وراء الطبيعة"، والتي أتيحت لي مشاهدتها قبل عرضها، هي المعيار الأساسي للحكم على حلقات العمل كله، ولكنها على الأقل تعطي مؤشرا لشكل العمل والجهد المبذول فيه على مستوى الصياغة الدرامية والبصرية، خصوصا وأنه ينافس العديد من الأعمال العالمية التي تنتمي إلى الخيال العلمي والفانتازيا، ودراما الرعب والمعروضة على المنصة نفسها "نتفيلكس". وتبث أولى حلقات المسلسل غدا الخامس من نوفمبر الجاري. وفي الحقيقة تبدو الحلقة الأولى من العمل مبشرة على مستوى الشكل، والأداء والاختيارات والجو العام للأحداث والتي تبدأ في القاهرة عام 1969، بعد هزيمة يونيو بعامين، وهو ما استطاعت الحلقة الأولى أن تعكسه من خلال التفاصيل الحياتية المختلفة. ويبدو أن هناك تميزا في عناصر العمل من ماكياج وأزياء وديكور، أتمنى أن يتواصل في باقي حلقات العمل. ولكنني أعرف تماما أن صناع العمل يواجهون تحديا كبيرا ليس فقط على مستوى العمل ومنافسته لأعمال أجنبية أخرى، ولكن على مستوى شعبية تلك السلسلة وعشاقها من جيل كامل تربى على أدب الراحل أحمد خالد توفيق، والذي اكتسب شعبية وجماهيرية كبيرة من خلال سلسلة "ما وراء الطبيعة". وقد أكون من الجيل الذي عشق وتربى على أنواع مختلفة من سلاسل الأدب البوليسي والمغامرات، إلا أنني أدرك جيدا صعوبة تنفيذ مثل هذه الأعمال الناجحة لأن هناك نوع معين من الخيال الذي يرتبط بشخصيات العمل يصعب إرضاء أصحابه. وأذكر مثلا أن شخصية أدهم صبري في سلسلة رجل المستحيل للكاتب الدكتور نبيل فاروق كانت بالنسبة لجيلنا شخصية يصعب تجسيدها على مستوى الشكل والمهارات، لذلك عندما كان يعلن عن تحويلها لعمل سينمائي سرعان ما كنا نجري المقارنات والمقاربات ودائما ما تكون النتيجة غير مرضية لطموحاتنا وخيالنا في ظل الصورة الذهنية التي تشكلت لهذا البطل، فما بالك بتلك السلسلة والتي حققت نجاحا وسط العديد من الأعمال العالمية التي شاهدها هذا الجيل. ولذلك يشهد المسلسل العديد من التحديات، بدءا من البطل أحمد أمين، وقدرته على تجسيد شخصية بطل السلسلة الدكتور رفعت إسماعيل، طبيب أمراض الدم المتقاعد، وذكرياته مع الحوادث الخارقة والتي يتعرض لها منذ طفولته، وهل سيكون أداء أمين لعشاق السلسلة ومحبي بطلها، وأيضا على مستوى الصياغة الدرامية والانتقاء والاختيار من أحداث وشخصيات السلسلة وكيف سيتم ربط كل هذه التفاصيل على مستوى الحبكة، وأيضا كونه أول مسلسل مصري يعرض على "نتفليكس". وبمناسبة أنه أول مسلسل مصري يعرض على "نتفليكس"، فقد استغربت ممارسة الوصاية من قبل مخرجه عمرو سلامة على المشاهدين، ووضع قواعد لمشاهدة المسلسل نشرها على صفحته على "فيسبوك"، إذ قال "ياريت بلاش أكل بقى وحوارات جانبية ورغي نركز علشان في ناس غلابة تعبوا في كل لقطة". يقدم المسلسل رحلة الشك الخاصة برفعت إسماعيل من خلال 6 حلقات مليئة بالإثارة والغموض، حيث تتمحور كل منها حول إحدى الأساطير الشهيرة في روايات "ما وراء الطبيعة". وكل حلقة بمثابة فيلم مستقل بذاته، ومع ذلك فإن جميع الحلقات مترابطة داخل عنصر مشترك وهو "بيت الخضراوي"، المحرك الأساسي للأحداث في الموسم الأول. ويعرض مسلسل "ما وراء الطبيعة" مترجمًا إلى أكثر من 32 لغة في 190 دولة حول العالم. كما سيتم توفير الدبلجة إلى أكثر من 9 لغات من بينها اللغة الإنجليزية، والإسبانية، والفرنسية، والتركية والألمانية وغيرها. وسيكون أول مسلسل أصلي مصري متوفر بالوصف الصوتي باللغة العربية لضعاف البصر والمكفوفين.