فى ظل ظروف اقتصادية طاحنة وتقلبات إقليمية قسمت دولاً مجاورة وأشعلت حرباً أهلية فى دول أخرى شاءت الأقدار أن تلقى بحملها الثقيل على عاتق من اختاره الشعب ليدير دفة البلاد فى السنوات الأربع المقبلة وهى ليست بالمهمة السهلة عقب ثلاث سنوات عجاف قاسى منها الشعب بل تكاد تكون مهمة انتحارية ولكن الثقة فى الله ثم فى عزيمة هذا الشعب العظيم ومن اختاره الشعب ثقة كبيرة. ولا بد من الاعتراف بأنى كنت من المتابعين لأحاديث كلا المرشحين للرئاسة خاصة فيما يتعلق بالنظرة المستقبلية والتعامل مع أخطر قضيتين فى الوقت الراهن (المياه والزيادة فى التعداد السكانى). وقد لفت انتباهى حديث السيد عبدالفتاح السيسى (قبل اختياره من قبل الشعب) فى كيفية التعامل مع هاتين القضيتين. ففى قضية المياه أوضح بما لم يدع مجالاً للشك أنه لا بد من استخدام وسائل الرى الحديثة التى سوف تعوض نقص وفاقد المياه فى الفترة المقبلة ولكن يلزم لذلك بنية تحتية تتكلف فى حدود عشرة مليارات جنيه وهذه قضية لن أعرض لها بالتفصيل الآن. أما الزيادة السكانية فقد أتاحت لى الظروف أن أستمع مباشرة إلى تصور الرئيس السيسى حيث عرضها فى أحد اللقاءات مع رجال الأعمال واتحاد الصناعات (وكنت أحد الحضور) فشرح ببساطة طبيعة سكان الوادى من قلة الانتقال وعدم المغامرة بالعمل والسكن فى مناطق جديدة وهى طبيعة متأصلة فى المصريين فكل أسرة ترغب فى أن يوجد أبناؤها فى محيط المكان الذى نشأوا فيه. وطرح الرئيس رؤيته للحل فى تفعيل الظهير الصحراوى وزيادة مساحته لجميع المحافظات التى تمتلك هذه الخاصية وهى فكرة عبقرية تستحق الدراسة الجدية والتنفيذ على مراحل مستقبلية وبجدول زمنى محدد والابتعاد عن العشوائية فى التخطيط. إن الإعداد والتنفيذ الجيد كفيلين بأن يغيرا خريطة مصر وأن يكون هذا أحد المشروعات الوطنية الجادة فأعباؤنا الاقتصادية لن تتحمل أى فواتير عشوائية جديدة ويعلم ذلك جيدا الرئيس السيسى فلا يوجد مكان لهواة التجارب فى هذا البلد فيكفى أن نعلم أن العجز الكلى لمشروع الموازنة قد وصل إلى 12% من الناتج المحلى أى ما يعادل 288 ملياراً، علماً بأن حجم الإنفاق العام بمشروع الموازنة بلغ 807 مليارات جنيه بينما بلغ حجم الإيرادات العامة 517 مليار جنيه. فمثل هذا المشروع الضخم للظهير الصحراوى سوف يهدف لزيادة معدلات التشغيل لخفض معدل البطالة المرتفع الذى يبلغ 13% مضافاً إلى ذلك جذب المزيد من الأيدى العاملة إلى سوق العمل وهذا بالتالى سوف يخدم السياسة المالية الجديدة التى تهدف إلى رفع معدلات النمو الاقتصادى إلى مستويات أعلى تدريجياً. فهل يفعلها الرئيس السيسى ويغير من خريطة مصر؟