وزير الري يناقش السيناريوهات المختلفة لإدارة المياه في مصر    أسعار اللحوم اليوم الأربعاء 16 يوليو 2025    بنك التعمير والإسكان يطلق منصة إلكترونية جديدة لحجز مشروعات الإسكان    وزير البترول يبحث مع "أنجلو جولد" تعزيز الاستثمارات في منجم السكري    الآثار تطلق حملة ترويج إلكترونية بالسوق العربي لجذب 500 ألف حجز سياحي    نشاط الرئيس السيسي في النصف الأول من يوليو 2025.. زيارة غينيا والأمن الغذائي في صدارة الأولويات    زعيم دروز إسرائيل يطالب حكومة الاحتلال بزيادة الهجمات على السويداء    مصر تؤكد رفضها القاطع لإنشاء "مدينة خيام" جنوبي غزة    مصر تدين الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان وسوريا    أول تعليق من حماس على "تقسيم" خان يونس إلى نصفين    منظمة مصر السلام: الاستقالات المفاجئة تثير تساؤلات حول الضغوط السياسية على مقررى الأمم المتحدة    "مش هتيجي بلوي الذراع".. نجم الأهلي السابق يوجه رسالة قوية ل وسام أبو علي    صفقة جديدة للأبيض.. ساعات قليلة تفصل رحيل مصطفى شلبي عن الزمالك    "لا تعجبني البالونة الحمرا".. خالد الغندور يثير الجدل: أشياء تافهة    "رحمة" تلحق بأشقائها الأربعة.. تسلسل زمني لمأساة هزت المنيا    أبرزها 126 ألف مخالفة.. جهود الإدارة العامة للمرور في 24 ساعة    مصرع سائق وإصابة ابنته فى حادث تصادم سياريتين على طريق "الغردقة - غارب"    "فيديو مفبرك".. حيلة سائق لابتزاز شرطي والهروب من مخالفة بالجيزة    القبض على قاتل شقيقتة في المنيا    أم كلثوم شخصية الدورة ال 33 لمهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    منير وتامر حسني يحتفلان بطرح "الذوق العالي" بحضور بنات محمد رحيم    ليفربول يدرس خطوة مفاجئة نحو نجم مانشستر يونايتد المهمّش    مدرب النصر السعودي يحدد أولى الصفقات استعدادا للموسم الجديد    عقد دورتين تدريبيتين بأكاديمية الشرطة للكوادر الأمنية العاملة بالوزارة بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر    بيان للبرلمان الإيراني: المفاوضات مع واشنطن ينبغي أن لا تبدأ قبل استيفاء شروط مسبقة    وزير البترول يبحث مع شركة شلمبرجير سبل دعم أنشطة الاستكشاف والإنتاج وتعزيز الشراكة التقنية    بعد الإعدادية.. شروط القبول في مدرسة الضبعة النووية 2025    مد غلق طريق الدائرى الإقليمى حتى 1 أغسطس فى هذه الأماكن    «الداخلية» تواصل حملاتها لضبط الأسواق والتصدي لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز    كلهم عمال به.. إصابة 5 أشخاص فى حريق مخبز بلدى بأسيوط    تحرير 531 مخالفة ل«عدم ارتداء الخوذة» وسحب 787 رخصة خلال 24 ساعة    عرضان من الدوري المغربي.. شوبير يكشف موقف الأهلي حول بيع رضا سليم    يوفنتوس يرفع عرضه لضم جادون سانشو وسط تمسك مانشستر يونايتد بمطالبه    أبطال وصناع "فات الميعاد" في ضيافة "صاحبة السعادة" الأحد    سؤال برلماني بشأن معايير تشكيل المجلس الأعلى للثقافة: يخلو من الشباب    «مش هحل».. هنا الزاهد وسوزي الأردنية تعيدان مقطع «تيك توك» في عرض «الشاطر»    فيلم المشروع x بطولة كريم عبد العزيز يقترب من 137 مليون جنيه خلال 8 أسابيع    موعد المولد النبوي الشريف والإجازات المتبقية في 2025    الصحة تعلن تخريج الدفعة ال12 من الدبلومة المهنية في طب الإنجاب والجراحة DIRMAS    إنقاذ مصاب من موت محقق بعد تعرضه للدغة أفعى سامة بمستشفى أجا المركزي    رئيس قطاع الصحة بالقاهرة يجتمع لمتابعة فعاليات حملة 100 يوم صحة    القومي للبحوث يكرم البوابة نيوز    «عبد الغفار»: حملة «100 يوم صحة» تقدم خدمات مجانية عالية الجودة    نجم الزمالك السابق: محمد عبدالمنعم أصعب مدافع واجهته في مصر    بالتنسيق مع الأزهر.. الأوقاف تعقد 1544 ندوة بشأن الحد من المخالفات المرورية    اعرف حظك اليوم.. وتوقعات الأبراج    "النقل" تعلن تمديد غلق الاتجاه القادم من تقاطع طريق الاسكندرية حتي تقاطع طريق السويس ل1 أغسطس    جيش الاحتلال يعلن استكمال فتح محور ماجين عوز لفصل شرق خان يونس    برواتب تصل 51,651 جنيه.. تعرف على وظائف البوسنة والهرسك ومقدونيا وموعد التقديم    انتخابات مجلس الشيوخ 2025 اقتربت وهذا جدول الإجراءات المتبقية    موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر.. كم يومًا إجازة للموظفين؟    ترامب: توريدات أنظمة "باتريوت" قد بدأت    محافظ أسيوط يتفقد موقع حادث محور ديروط ويوجه بصرف التعويضات ورعاية المصابين.. صور    تنسيق تمريض بعد الإعدادية 2025 .. التفاصيل الكاملة وشروط التقديم    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعلنا لنعمك شاكرين وبقضائك راضين    كيف أتغلب على الشعور بالخوف؟.. عضو «البحوث الإسلامية» يجيب    ما حكم اتفاق الزوجين على تأخير الإنجاب؟.. الإفتاء تجيب    انتهك قانون الإعاقة، الحكومة الإسبانية تفتح تحقيقا عاجلا في احتفالية لامين يامال مع الأقزام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى مقاومة الاستبداد ونقد الحكام (2)
نشر في الوطن يوم 05 - 06 - 2014

إن الاستبداد والعلم ضدان متغالبان، فكل إدارة مستبدة تسعى جهدها فى إطفاء نور العلم وحصر الرعية فى حالك الجهل. وكذلك بعض العلماء الذين ينبتون فى مضايق صخور الاستبداد يسعون جهدهم فى تنوير أفكار الناس. والغالب أن رجال الاستبداد يطاردون رجال العلم وينكلون بهم. فالسعيد منهم من يتمكن من مهاجرة دياره، وهذا سبب أن كل الأنبياء العظام عليهم الصلاة والسلام وأكثر العلماء الأعلام والأدباء النبلاء تقلبوا فى البلاد وماتوا غرباء.
وبعد توصيف ظاهرة الاستبداد وتشريحها، يوجه الكواكبى لقومه النداء التالى.
يا قوم أعيذكم بالله من فساد الرأى وضياع الحزم وفقد الثقة بالنفس وترك الفرادة للغير. فهل ترون أثراً للرشد فى أن يوكل الإنسان عنه وكيلاً ويطلق له التصرف فى ماله وأهله والتحكم فى حياته وشرفه والتأثير على دينه وفكره، مع تسليف هذا الوكيل العفو عن كل عبث وخيانة وإسراف وإتلاف أم ترون أن هذا نوع من الجِنة به يظلم الإنسان نفسه؟ بلى «إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَٰكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ» (يونس، 44).
***
(1) الفارس النبيل أحمد نبيل الهلالى يرسّخ الأسس القانونية لنقد الحكام
سأخصص مقالاً لذكرى أحمد نبيل الهلالى، فارس المحاماة عن الحق والوطنية، التى تحل هذا الشهر، إلا أن اهتمامى هنا هو بمرافعته الثرية فى قضية الحزب الشيوعى المصرى، رقم 52 لعام 1980، التى قدم فيها مرافعة تعد من أقيم الأعمال القانونية، خاصة أنه قدمها من قفص الاتهام باعتباره متهماً فى القضية ذاتها. وقد أعطى للمرافعة عنوان: «حرية الفكر والعقيدة.. تلك هى القضية»، ونشرت فى كتاب تحت العنوان نفسه فى 1989. ويعنينى هنا فى الأساس تأصيله القانونى لحق وواجب نقد الحكام، مستفيداً من أحكام القضاء المصرى الشامخ حقاً.
يقول الأستاذ فى تلك المرافعة. «واتهام رئيس الجمهورية بالخيانة أو العمالة لا يجب أن يصدمنا. واتهام حكومة معينة أو مسئول سياسى معين بالخيانة يعتبر من قبيل النقد المباح لسياسة الدولة. وهذا ما استقرت عليه أحكام القضاء المصرى».
ولقد أرسى قضاؤنا العادل هذه القاعدة منذ العشرينات -من القرن الماضى- فقضت محكمة جنايات مصر فى 24-1-1925 ببراءة الدكتور محمد حسين هيكل من تهمة القذف فى حق رئيس الوزراء وزعيم الأمة فى ذلك الوقت سعد باشا زغلول -بجلالة قدره- باتهامه بالخيانة والممالأة مع الإنجليز والاتفاق سراً على ما فيه التنازل عن كثير من حقوق مصر. وقال الحكم فى أسبابه: «ولا ترى المحكمة فى تلك العبارة ما يمكن اعتباره ماساً بكرامة دولة رئيس الحكومة باعتباره من رجال السياسة المعرضة أعمالهم بحكم طبيعة وظيفتهم للنقد السياسى، ما دام هذا النقد لا يتناول من أشخاصهم. وحسبنا دليلاً على ما ذكر ما نراه فى أغلب الأحيان من النقد المر فى الجرائد الأجنبية خاصة برجال سياساتهم».
كما قضت محكمة جنايات مصر فى 14-11-1947 ببراءة صحفى من سب رئيس الوزراء إذ قالت: «إن هذه الألفاظ لا يقصد منها السب بل هى نقد لموقف خصم سياسى إزاء سياسة البلاد ومصلحتها العليا التى توجب أن يدلى كل برأيه فى المسائل العامة التى تمس كيان الجماهير وأن الكاتب لا يحاسب على نظره وتقديره لموقف غيره من الرجال العموميين ما دام هذا النقد كان للمصلحة العامة ولم يقصد منه مجرد النقد». وقد رفضت محكمة النقض الطعن الذى رفعته النيابة العامة عن هذا الحكم.
كما أن الفقه فى مصر وفرنسا قاطع فى أن نطاق النقد المباح يتسع كلما ارتفعت وكبرت مسئولية الشخص العام. فكبار الساسة حدود نقدهم أوسع كثيراً من حدود النقد المباح للموظف العام، بل يمتد حق النقد حتى إلى حياتهم الشخصية. وتزداد دائرة النقد المباح اتساعاً كلما زادت مسئوليات رجل السياسة وعلا منصبه فى الدولة.
ويقول الفقيه بارتلمى: «لا جدال فى أن للشخص العادى الحق المطلق فى أن يترك وشأنه، ولكن فى ظل الديمقراطية عندما يقدم المرء نفسه إلى مواطنيه بأنه جدير بأن يحكمهم فلا أعتقد أن له الحق فى إقامة الحواجز والخنادق داخل وجوده، وأن يخط مناطق محرمة داخل شخصيته، فإن من يهب نفسه يهب نفسه بالكامل. وإن لدى المرء أموراً يرغب فى إخفائها فليس أمامه سوى أن يبقى فى حاله أو أن يقبل المخاطرة».
وقضت محكمة النقض المصرية فى 6-11-1924: «أن الشخص الذى يرشح نفسه للنيابة عن البلاد يتعرض عن علم لأن يرى كل أعماله هدفاً للطعن والانتقاد، وأن المناقشات العمومية مهما بلغت من الشدة فى نقد أعمال وآراء الأحزاب السياسية يكون فى مصلحة الأمة التى يتسنى لها بهذه الطريقة أن تكون لها رأى صحيح فى الحزب الذى تثق به وتؤيده».
كما أن رؤساء الجمهوريات فى الدول الديمقراطية لا يتمتعون بحصانة تميزهم عن سائر الأشخاص العامة وهذا ما يفرق رئيس الجمهورية المنتخب عن الملك الذى يتوارث العرش. لذلك فحق نقد رئيس الجمهورية وحق تناول اعتباره السياسى حق قائم مكفول.
وجدير بالذكر أن الدستور القائم، ما لم تمتد إليه أيادى الحكم التسلطى الآثمة بالتعديل، ينص صراحة على الديمقراطية نظاماً للحكم وعلى صيانة حرية الرأى والتعبير. والدستور على وجه التحديد يعطى نواب الشعب الحق فى اتهام رئيس الجمهورية بالخيانة العظمى، فكيف نعطى الحق للنائب ونسلبه من الأصل؛ أى المواطن؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.