شن خبراء صناعة الدواء هجوما حادا على السياسات الحكومية السابقة والحالية فى التعامل مع الصناعة وضعف الإنفاق على البحث العلمى الذين أديا إلى تراجع مستوى تلك الصناعة فى مصر، فى الوقت الذى ترتفع فيه نسبة الإنفاق على البحث العلمى فى إسرائيل. وكشفت دراسة أعدتها الدكتور إيمان العيوطى الباحثة الاقتصادية بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية عن أن إجمالى إنفاق مصر على البحث العلمى لا يتعدى 0,24% من الناتج المحلى الإجمالى فى الوقت الذى تخصص فيه إسرائيل 4,5% من ناتجها المحلى الإجمالى للبحث العلمى، والمغرب 1%، وتونس 1,1%، والولايات المتحدة 2,5% ونفس النسبة لليابان. وقالت خلال استعراض دراسة حديثة حول البحث العلمى فى صناعة الدواء فى ندوة عقدها مؤخرا المركز المصرى للدراسات الإقتصادية إن الإنفاق على البحوث والتنمية يتسم بالضعف فى الصناعة، فى الوقت الذى لاتوجد فيه استراتيجية واضحة لصناعة الدواء. وأكدت العيوطى أن الشركات الخاصة العاملة فى قطاع الدواء تفتقر لإمكانيات البحوث والتطوير. وقال الدكتور أحمد العزبى رئيس شركة مالتى فارما للأدوية إن التجربة الإسرائيلية فى البحث العلمى جديرة بالاحترام، حيث لاتوجد شركة عالمية تعمل فى مجال الدواء إلا وقد استعانت بخبرات بحثية إسرائيلية. وأشار إلى أن تهريب الدواء يعد من القضايا المزمنة فى مصر، وأن تقنين عملية التهريب أصبح مطلبا ملحا فى ظل وجود حاجة اليه فى السوق. وقال العزبى أن صناعة الخامات الدوائية محليا أمرا صعبا للغاية لكنه ليس مستحيلا، موضحا أن صناعة الخامات غير مُشجعة لدى القطاع الخاص نظرا لارتفاع تكلفتها المادية وتحقيقها خسائر على مدار أول 5 سنوات حتى تتمكن من تغطية التكلفة، كاشفا عن أن المشير حسين طنطاوى وزير الدفاع السابق أبلغه خلال وجوده فى منصبه عن تحمسه لوجود صناعة للخامات الدوائية فى مصر. وقال الدكتور ماجد الشربينى من أكاديمية البحث العلمى حوالى 91% من براءات الإختراع كانت تأتى عن طريق الشركات الأجنبية فى حين لم تصل براءات الإختراع المصرى إلى أكثر من 10%، موضحا أن 90% من التمويل الداخل الى البحث العلمى يأتى عن طريق الحكومة وليس القطاع الخاص.وأشار الى أن جزء كبير من البحث والتطوير يقع على عاتق وزارة الصحة، فى الوقت الذى تتحمل فيه الوزارة أعباء أخرى لاتسمح لها بالأنفاق على البحث والتطوير. وقالت الدكتورة يمن الحماقى أستاذ الإقتصاد بجامعة عين شمس إن مصر تفتقد لأهمية البحث العلمى، مشيرة إلى أن القطاع العام يمثل 80% من صناعة الدواء فى مصر، وأن المبالغ المخصصة للبحث العلمى لايتم صرفها نظرا لعدم وجود توجيه واضح بشأن البحث العلمى، منتقدة غياب الربط بين البحث العلمى والصناعة فى مصر، مطالبة فى الوقت ذاته بإعادة نظر شاملة فى التخطيط والرؤية لصناعة الدواء.