أشار عليه والداه بأن يقفز من الطابق الثالث، لعل الله ينجيه ببدنه من أيدى الظالمين، إلا أنه رفض وقال لأطفاله ووالديه: «أنا مستعد آخد الطلقة عشان يسيبوكم فى حالكم».. ووسط الدموع والصرخات الصادرة من الأفواه وطرق عائلة أبوليلة على أبواب المنزل، قرر «عصام شحاتة» القفز، ارتدى قفطانا وتخفى بداخله ثم هرول مُسرعاً إلى قسم شرطة كفر الدوار للإبلاغ عن البلطجة والترويع الذى تمارسه العائلة ضد أهالى «عزبة الدكتور»: «لقيت ظابط النقطة بيقولى: هو إنت بقى عصام شحاتة.. خلاص يا سيدى إحنا عرفنا الحقيقة.. وعرفنا إنك مش إنت اللى قتلت الواد». لم يمتلك «عصام» سلاحاً ولا يعرف حتى كيفية استخدامه، الرجل الذى يعمل فى رسم الماكيتات الهندسية، مع الهجوم المستمر لعائلة أبوليلة على منازل الأهالى، فكر فى أن يهددهم ببندقية «لعبة» خاصة بابنه: «كنت جايب لابنى مسدسات.. رشيتها لون أسود.. وبدأت أهدد أى واحد يدخل علينا بيها.. وكان فيه شيخ سلفى قالنا إن الجيش هيدخل البلد عشان هيقبض على العيلة دى.. فنصحنا إن إحنا نسيب البلد يومين عشان محدش يتصاب أو يتقبض عليه.. ولما رجعنا طلبوا من أبويا إنه يدفع 120 ألف جنيه.. كانوا بيقدّروا الفلوس على حسب الناس المستريحة والفقيرة، وعرفنا من وقتها إن الشيخ طبخ الموضوع مع العيلة عشان يطلع بسبوبة».. لم يصمت «عصام» وبعد عودتهم إلى العزبة، ظل يشتكى البلطجية لدى مديرية الأمن وعندما تعددت الشكاوى قررت العائلة صاحبة النفوذ التخلص منه ولكن بطريقتها، فمنذ عام 2011 والرجل الأربعينى يهرول على القنوات الفضائية والصحف ومديريات الأمن بشكاوى واستغاثات، ذهبت مهب الريح -على حد قوله- لأن عائلة «أبوليلة» تمتلك النفوذ والعلاقات وتقوم برشوة الضباط، ومن هنا أصبح «عصام» الصداع الذى يؤرق العائلة بالكامل، فهم لا يعرفون كيف يتعاملون معه، خاصة أنه ذو سمعة طيبة داخل العزبة. مشاجرة بين اثنين من تجار المخدرات على ناصية الشارع الذى يقطن فيه «عصام» كانت البداية : «صحيت من نومى على خناقة بين تجار مخدرات وبرشام، وفجأة سمعت ضرب نار، وعرفت بعدها إن فيه واحد منهم مات، «أبوليلة» استغلوها فرصة وقاموا مسكوا القتيل وقلعوه عريان وحطوه على عربية كارو ولفوا بيه فى البلد، وفضلوا ينادوا (عصام شحاتة هو اللى قتل الواد ده...)» فى الوقت الذى قفز فيه «عصام» من منزله وحتى وصوله إلى نقطة شرطة مركز كفر الدوار، تعرضت أسرته وأطفاله لإهانة ليس لها مثيل: «كسروا باب البيت بالسيوف وحطوا السيف على رقبة أبويا».. الجدة كانت تحتضن أحفادها وتختبئ بهم تحت ترابيزة السفرة، التى تحطمت فوقها بعد أن انهالت عليها الأيدى الظالمة بالسيوف».. عينا «عصام» أغرورقتا بالدموع عندما تذكر هذه اللحظة: «يعنى أنا عشان بقول كلمة الحق.. يعملوا فيّا كده»، وبعد أن اقتحموا البيت حطموا كل شىء فيه حتى قاعدة الحمام، ومحل موبيليا يمتلكونه فى نفس العمارة ألقى أفراد عائلة أبوليلة ما به فى الترعة، بينما هُجرت الأسرة جميعا بطريقة مُهينة، ومن وقتها لم يعودوا رغم دفعهم المال اللازم للعودة إلى منازلهم. عن تاريخ عائلة أبوليلة يقول «عصام»: «كبيرهم اسمه عبدالعاطى أبوليلة، والصغير اسمه عبدالحميد، وأصلهم كان فيه واحد اسمه متولى الحرامى قعد فى منطقة اسمها حوض 6 قريبة من عزبة الدكتور، وبنى أوضة بالطين، واتجوز 3 ستات، خلف منهم أورطة عيال، كانت الستات بتشحت، ولما عياله كبروا بقوا حرامية، وكان عندهم أخت كانت شغالة فى المخدرات، شغلت أخواتها معاها، بدأ نفوذهم يكبر، لحد ما الحزب الوطنى استغلهم كبلطجية فى الانتخابات، ده غير علاقاتهم مع ضباط الشرطة وأعضاء مجلس الشعب».