لعل الوقت يكون مناسباً الآن ما لم يكن قد تأخر للحديث عن دور وزارة الخارجية بقيادة الوزير نبيل فهمى بعد ثورة 30 يونيو، فقد لعب الرجل ولعبت وزارته دوراً جديراً بالذكر والإشادة والتأريخ فى معركة مصر الخارجية مع المجتمع الدولى عقب عزل الرئيس والفاشل محمد مرسى والدفاع عن إرادة شعب فى المحافل الدولية والإقليمية. دور حساس ومهم جداً يقف جنباً إلى جنب مع دور الجيش والشرطة فى حربهما ضد الإرهاب والجماعات الإسلامية المسلحة لاستعادة الأمن الداخلى بعد السيولة الأمنية البشعة التى عاشتها مصر على مدار ثلاث سنوات ونصف منذ «أحداث يناير» المريرة عام 2011. فقد انشغل الجميع فى الداخل بحرب إرهاب الإخوان والجماعات المسلحة وبمعركة استعادة هيبة الدولة واستعادة هيمنتها وسيادة القانون، عن معركة لا تقل ضراوة أو بأساً فى الخارج ضد المجتمع الدولى الذى تربص بنظام ما بعد 30 يونيو وحاول الطعن فى شرعيته، وهو ما حدا بالخارجية أن تخوض معركة ربما كانت الأولى من نوعها فى تاريخ الدبلوماسية المصرية دفاعاً عن الدولة المصرية وسقوطها فى مرمى عدم الاعتراف بالنظام السياسى، الأمر الذى لو تحقق لدخلت الدولة المصرية والشعب المصرى فى أتون أزمة لا يعلم مداها إلا الله. لكن بجهد مصحوب بتوفيق من الله جل فى علاه نجحت وزارة الخارجية فى معركة المجتمع الدولى وانتزعت منه الاعتراف بنظام ثورة 30 يونيو الجديد وبخارطة الطريق والعبور بمصر «خارجياً» إلى بر الأمان ليتسلم الرئيس الجديد مهامه وسط «ترحيب» دولى برئاسته.. وليس فقط الاعتراف به. تحملت وزارة الخارجية عبء استعادة الدور المصرى فى الخارج وتوضيح الصورة الحقيقية لإرادة الشعب المصرى فى تقرير مصيره وانتصرت فى حرب وعرة وضروس على خطط لتنظيم الإخوان الدولى القابع فى 70 دولة والمدعوم من دول كبيرة بالمال والإعلام والسلاح والنفقات إضافة إلى وسائل إعلام عالمية انحازت إليه لدعمه ودعم خطط هدم مصر حتى يعود مرسى وجماعته الإرهابية. خاضت وزارة الخارجية حرباً شرسة ضد وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الأمريكية وأيضاً ضد الإدارة الأمريكية التى أوقفت المساعدات العسكرية والمالية حتى نجحت فى انتزاع الاعتراف بخارطة الطريق والرئيس الجديد ونجحت قدر المستطاع فى تحييد الإعلام الأمريكى تجاه ما يحدث فى مصر من إرهاب وقتل وتدمير وحرق كنائس قام به الإخوان. خاضت معركة مع دول الاتحاد الأوروبى التى كانت تسير وراء الإدارة الأمريكية فى نظرتها الرافضة لعزل مرسى وجاهدت دبلوماسية فهمى جهاداً منظماً ضد إدارة دول الاتحاد الأوروبى وضد وسائل الإعلام الأوروبية، ونجحت فى عودة المنح والمساعدات الأوروبية لمصر عقب إيقاف جزء كبير منها حتى جعلتها تشيد بالعملية الديمقراطية بعد 30 يونيو الممثلة فى خريطة الطريق. أيضاً خاضت معركة فى القارة الأفريقية لم تقل فى أى وقت من الأوقات بأساً ولا ضراوة عن المعركتين الأمريكية والأوروبية نظراً لوجود أزمة سد النهضة ومعركة مصر المقدسة مع إثيوبيا حول مياه نهر النيل واستعادة الدور المصرى داخل أفريقيا. لا تكفى مقالة واحدة لسرد حجم التحديات التى خاضتها الخارجية لحين الوصول إلى نتيجة انتزاع اعتراف المجتمع الدولى بالرئيس الجديد ومن قبله 30 يونيو، بيد أن الواجب يحتم علىّ الإشارة لهذا الدور فى هذه الأثناء، لأنه دور أعرف الكثير من أسراره بحكم علاقتى بالصديق العزيز السفير بدر عبدالعاطى المتحدث القدير باسم الخارجية الذى تعرض لمواقف تنوء بحملها الجبال الرواسى.. أعتقد أن من حق الوزير فهمى ورجاله المخلصين أن يفتخروا يوماً أمام أبنائهم بما حققوه من نتائج عادت بالنفع على الدولة المصرية.