"يقف أمام أربعة من أولاده، في كل صباح ليعلمهم القيم والمبادئ، أحيانا ينهرهم وأحيانا أخرى يداعبهم، لكن في جميع الأوقات يكون مرحا معهم" كان هذا مشهدا متكررا اعتاد أن يراه جمهوره في المسلسل ذو الستة أجزاء الأكثر شهرة وانتشارا في البيوت المصرية "يوميات ونيس". الفنان محمد صبحي المولود في 3 مارس عام 1948، أجاد دور الأب المثالي في هذا المسلسل، كما أجاد أيضا دور السياسي المثقف الذى يحب وطنه ويتحرك من منطلق خوفه وحرصه على بلده فى ظل هذه المرحلة التى شهدت تدخل الكثير من الفنانين فى العمل السياسي، فبعد ثورة يناير خرج على جمهوره فى الفضائيات ليس فى أحد أعماله الفنية كما اعتادوا، ولكن فى برامج "التوك شو" الخاصة بالسياسة ليتحدث عن رأيه في الأحداث السياسية المختلفة، وعن رأيه فى 25 يناير التى يعتبرها ثورة أنقذت مصر من الظلم، ولكن استغلها البعض لضرب الجيش المصرى، وإسقاط الدولة، ولذلك فهو رفض النزول لميدان التحرير أثناء حكم المجلس العسكرى، وكان يرى أن دوره فى الثورة يقدمه فى الفن، أما عن ثورة 30 يونيو فكان يرى أنها "ثورة تصحيح المسار"، وأن الأوضاع السيئة التي تلت ثورة 25 يناير كان لابد من تغييرها، أما الآن فعلى مايبدوا أنه اعتزل العمل الثورى فهو يرى أن "الثور" ليست مهنة ليقوم بها الشعب للمرة الثالثة. "العواجيز هما اللي ربوا الشباب وهما اللي عانوا 60 سنة فاتوا" كان هذا هو آخر تصريح للفنان محمد صبحى معلقا على ضعف إقبال الشباب على الانتخابات الرئاسية الحالية. تخرج محمد صبحي من معهد التمثيل سنة 1970، وكان الأول على دفعته ولم يستغرب أحد، أو يشعر زملاؤه بالغيرة منه، لأنهم يعرفون أن صبحي هو الأكثر جدارة والأكثر قدرة على تقمص الشخصيات، فهو ليس مجرد فنان شامل، جمع في تفرد نادر بين التمثيل والإخراج المسرحي والتليفزيوني، وقدم عدداً من أهم المسرحيات الكوميدية والمسلسلات التليفزيونية العربية على مدار ما يزيد عن 30 عاماً، لكنه مؤسسة فنية قائمة بذاتها، ومدرسة حقيقية تخرج من خلالها مئات الفنانين، سواء ممن شاركوا معه في بطولة أعماله الفنية وفرقته المسرحية، أو من درسوا بالفعل في الأكاديمية الفنية التي انشأها في قلب صحراء مدينة 6 أكتوبر فى غرب القاهرة. تزوج الفنان من نيفين رامز ولديه من الأولاد كريم الذى يعمل مهندس حاسب آلي ومريم خريجة تجارة إنجليزي، وعندما كان طفلا صغيرا كان يعيش مع أسرته في منطقة أرض شريف بالقرب من شارع محمد علي و الذي كان يطلق علية شارع الفن حيث كان يوجد به العديد من المسارح و دور السينما والملاهي الليلية، وكان منزل أسرته يقع أمام دارين للسينما شهيرين هم سينما" الكرنك" وسينما "بإرادي" الصيفي. ظهر الجانب الإنسانى فى شخصية الفنان عندما بكي على الهواء أثناء تحدثه عن زوجته السيدة نيفين رامز التي تعاني من أزمة صحية منذ أكثر من عام وتتلقي العلاج حالياً خارج البلاد، وهو منذ البداية لم يكن يرى نفسه إلا راقص باليه، حتى أنه لم يكن يفكر في التمثيل في صباه، فقد كان عالم الموسيقى والباليه يسحره، وظهرت موهبة محمد صبحي الفنية لأول مرة عندما قام بأداء شخصية "هاملت" في امتحان البكالوريوس بالمعهد وهي نفس الشخصية التي قدمها مرة أخرى عندما أصبح مشهوراً، وفي عام 1968 بدأ صبحي العمل في أدوار صغيرة ككومبارس في العديد من المسرحيات أمام العديد من الفنانين المشاهير مثل صلاح منصور، فؤاد المهندس، حسن يوسف، محمد عوض، محمد نجم ومحمود المليجي،عبد المنعم مدبولي، ثم كون صبحي فرقة "ستوديو 80" مع صديقه لينين الرملي، في عام 1980 ليشهد الوسط المسرحي مولد ثنائي شاب دارس للمسرح، ولديه رغبة في إثبات الذات، فقد نجح الثنائي لينين كاتبًا وصبحي ممثلاً ومخرجًا في أغلب الأوقات في تقديم مجموعة من أنجح مسرحيات هذه الفترة، مماجعل البعض يرى فيهما امتدادًا للثنائي نجيب الريحاني وبديع خيري، ومن بين العروض التي قدماها في تلك الفترة "الجوكر" و"أنت حر" و"الهمجي" و"البغبغان" و"تخاريف".