أمام لجان الانتخاب، حمل كل وافد حكايات ومآسى، بعدما فشل كثير منهم فى الإدلاء بصوته، بسبب عدم تسجيله فى الشهر العقارى. ساعات طويلة قضاها محمود عبدالكريم، حارس العقار، ثمانينى العمر، بحثاً عن لجنة انتخابية تسمح له بالإدلاء بصوته. بلهجة أسوانية يتحدث إلى كل مستشار يدخل له: «أنا من أسوان وعاوز أنتخب هنا عندك ممكن؟»، فيجيبه الأخير بالرفض، قائلاً: «كان لازم تسجل اسمك فى الشهر العقارى». ينظر العجوز بعينين دامعتين إلى الأرض، قائلاً: «والله يا بيه أنا مكنتش أعرف طب أعمل إيه دلوقتى، وأنا ما ينفعش أروح أسوان وآجى فى يوم»، محاولاته الجادة للإدلاء بصوته باءت جميعها بالفشل فى اللجان التى ذهب إليها، ماشياً من منطقة بولاق أبوالعلا، وصولاً إلى الزمالك. الموقف نفسه تكرر مع سيدة تتجاوز ال60 من عمرها، وقفت تبكى داخل لجنة مدرسة «رجاك» بالغردقة لعدم وجود اسمها فى كشوف المغتربين. دخلت العجوز اللجنة على كرسى متحرك بصحبة ابنها، مبتسمة، متفائلة، لكنها لم تلبث أن تحولت إلى الحزن والكآبة، بعد فشلها فى التصويت، قالت: «كان نفسى أنتخب رئيس مصر، ده أنا كنت مستنية اليوم ده بفارغ الصبر»، ورغم ذلك أصرت السيدة على الجلوس خارج اللجنة تشكو لكل الناخبين حالها وأزمتها، وتوصيهم بالانتخاب بدلاً منها.