خرجت البطة من الماء بعد أن سبحت طويلاً.. حيث مر الفلاح النشيط فحياها أجمل تحية ثم سألها: أين صديقك الأرنب.. لا بد أنه يقفز مرحاً هنا أو هناك؟.. قالت البطة وهى تنظر إلى بعيد: سأخبرك يا صديقى الفلاح، رغم أن الأمر قد يبدو غريباً بعض الشىء.. أنت تعرف بالطبع تلك القصة التى تروى عن السباق القديم الذى جرى بين السلحفاة والأرنب، وكيف استطاعت السلحفاة أن تسبق الأرنب، لتكون هذه القصة شيئاً لا يُنسى من جيل إلى جيل؟.. قال الفلاح: كل هذا أعرفه فما الجديد يا صديقتى؟.. أجابت البطة: الجديد أن الأرنب عاد ليسابق السلحفاة.. منذ أيام وهو يفكر بالأمر، وأخيراً رأى أن يعيد للأرانب كرامتهم.. إذ كيف يمكن للسلحفاة أن تسبق الأرنب وهو المعروف بسرعته، إنه شىء لا يطاق.. هكذا قال لى.. ضحك الفلاح ثم قال: هذا غير معقول، إذ نعرف جميعاً أن الحكاية رسخت فى الأذهان ولن تتغير، ونعرف أنه لا يعقل أن تسبق السلحفاة الأرنب بعد مرور هذا الزمن على الحكاية، فالأرنب لن يعود إلى خطأ أحد أجداده، ألست معى فى ذلك؟.. هزت البطة رأسها وقالت: يبدو أنك لا تعرف البقية.. أتظن أن السباق الذى نسمع عنه فى الحكاية القديمة هو الوحيد؟.. لا يا صديقى فلقد سبقت السلحفاة الأرنب مرتين بعد ذلك.. أتصدق؟.. وضع الفلاح يده على خده وقال: حقاً هذا غريب وعجيب! أكاد لا أصدق شيئاً، لكنى أعرف صدقك أيتها البطة العزيزة.. والله هذا زمن العجائب!! السلحفاة تسبق الأرنب، وللمرة الثالثة؟!.. أكاد لا أفهم، قالت البطة: فى المرة القديمة التى نعرفها نام الأرنب وضيع الوقت هكذا تقول الحكاية.. أما فيما بعد، وهذا شىء لم تذكره الكتب والحكايات والمصادر، على حد علمى، فقد أخذ الأرنب يمضى وقته فى اللعب مصراً على ترك النوم، لكنه نسى السباق ولم يتذكره إلا متأخراً، وكانت هذه هى المرة الثانية، أما فى الثالثة فقد حدث أغرب شىء يمكن أن يتصوره العقل.. فالأرنب الذى استعد للسباق كل الاستعداد، امتلأ بالغرور والغطرسة، وحين بدأ السباق، كان أرنبنا يمشى وراء السلحفاة وهو يهزأ من بطئها، مرة يقلدها، ومرة يقفز ويصرخ ضاحكاً من فكرة هذا السباق، غير مصدق أن السلحفاة يمكن أن تسبق أحداً من أجداده، وحين انتهى السباق فوجئ بأنه كان خلف السلحفاة وليس أمامها!! ضرب الفلاح يداً بيد وقال باستغراب: مسكين هذا الأرنب، أتدرين أكاد لا أصدق حتى الآن.. لكن هل يمكن أن تسبقه هذه المرة.. شىء غريب حقاً؟.. أجابت البطة: طلبت مرافقتهما فرفضا بشكل قاطع.. وها أنا ذا أنتظر عودتهما من السباق.. وقد تأخرا كثيراً.. لكنى أعتقد أن الأرنب سيفوز هذه المرة.. انصرف الفلاح إلى عمله قائلاً للبطة: سوف أسمع منك الحكاية عند عودتى من الحقل.. وعندما عاد الفلاح من حقله أدهشه أن يرى الأرنب حزيناً كئيباً، وكان يقف فى ركن بعيد عن البطة.. سأل الفلاح البطة بلهفة: ماذا جرى؟ كان الجواب واضحاً على هيئة الأرنب، قالت البطة متأثرة: إيه يا صديقى الفلاح، لقد فعلها وخسر للمرة الرابعة.. قال الفلاح: حقاً إنه أمر أغرب من الخيال، لكن كيف؟ قالت البطة: المرات السابقة لم تعلّمه على ما يبدو، تصور أن يخسر هكذا بكل بساطة؟.. قال الفلاح: لكن كيف؟.. أجابت البطة: فى هذه المرة، أمضى الأرنب وقته وهو ينظر إلى صورته عندما انعكست فى الماء.. مختالاً وفرحاً بصورته الجميلة وشعره الأبيض يتمايل مع تمايل ماء البحيرة.. وهكذا مر الوقت سريعاً، وحين انتبه لنفسه، كان كل شىء قد انتهى!!.. ومرة رابعة تفوز السلحفاة، ويخسر الأرنب!! وسؤال المسابقة الذى سوف نعرف إجابته فى الأسبوع المقبل هو: ترى أياً من مرشحى الرئاسة يمكن أن يلعب دور الأرنب، ومن منهما يلعب دور السلحفاة.. ولماذا؟ فإلى اللقاء إن شاء الله.