فى مقالات سابقة، أسميتُه: «صانع الفرح»، لأنه بدّل ليلاً دامساً لا غدَ له، إلى صبحٍ من الفرح باستعادة مصر من قبضة اللصوص، والفرح باسترجاع الهوية المصرية العريقة التى كادت تتحلل وتذوب فى هوية جماعة دموية لا خلاق لها. وسميتُه «الديجول المصرى»، لأنه للمصريين، مثلما «شارل ديجول» بالنسبة للفرنسيين. كلاهما رمز لانتزاع الحرية من أنياب الفاشية. الأخير حرر الفرنسيين من فاشية الجيوش النازية أثناء الحرب العالمية الثانية، فاعتبره الفرنسيون الأبَ الروحى للجمهورية الفرنسية الخامسة، والأول حرر المصريين من فاشية منظمة الإخوان الدولية، فاعتبره المصريون الأبَ الروحى للجمهورية المصرية الثانية. لكننى مع هذا كنت أفضّل، للحظة الأخيرة، ألا يترشح، وأن يظلّ الزعيمَ المخلّص، أسداً فى عرينه: «وزارة الدفاع». وانطلق رفضى ترشيحه من سببين، أولاً: خوفى من اختراق وزارة الدفاع إن تركها، لكننى أثق اليوم بأن جيشنا الباسل فى رباط إلى الأبد. وثانياً: أن المخلّص العبقرى، ليس بالضرورة رئيساً عبقرياً؛ لكن بعد حواراته السابقة تأكدت كم هو جادٌّ فى إنهاض مصر وإنقاذها. هذا ما أعلنتُه أمامه الاثنين الماضى 12 مايو فى لقائى معه ضمن وفد الأدباء والمفكرين. وضربتُ له مثلاً يوضح تخوّفى السابق: لو أن عصابة من اللصوص اقتحمت بيتى، فجاء رجلٌ شهمٌ وأنقذنا، سوف أشهد له بأنه يدُ السماء الطيبة التى حقنت دم أطفالى وأرجعت لى بيتى. لكن، إن مرض ابنى، لن أستدعى ذلك المخلّصَ الشهم لعلاجه، بل سألجأ إلى طبيب كفء. فابتسم المشير وقال: «صحيح. وصدقينى كنتُ أول من سيقدم هذا الطبيب». وبالفعل، لم يظهر ذلك الطبيب. لكن تبيّن أن ذلك المخلّص الشهم طبيبٌ محترم؛ أضع ابنى بين يديه وأنا مطمئنةٌ لأمانته وكفاءته. عبدالفتاح السيسى، «صانع الفرح» يوم 3 يوليو، حين عزل الجاسوس الخائن، و«الديجول المصرى» يوم 26 يوليو، حين قرر مواجهة الإرهاب الإخوانى العالمى. اليوم لن أسميه «المرشح الرئاسى»، لأنه فى الواقع لم يترشح للرئاسة كما يفعل المرشحون فى كل الدنيا، وعبر التواريخ، بل تم استدعاؤه من قِبل الشعب كاملاً، اللهم إلا فلول الإخوان، والمُضلَلين من أبناء بلدى الذين نجحت الجماعةُ فى بث سمومها التشويهية فى عقولهم، تلك السموم التى طالتنا جميعاً، وتسببت فى تزييف الحقائق الدامغة. لهذا أسميّه اليومَ «الطبيب المُستدعى» عبدالفتاح السيسى، الذى نراهن عليه لكى يُكمل إنهاضَ مصر من كبوتها. خلال لقائنا الذى استمر أربع ساعات ثرية من الحوار بين عشرين من أرقى العقول المصرية فى الفكر والأدب فيما يشبه جلسات «العصف الذهنى»، طالبته بأن يعمل على استعادة «العقل المصرى»، الذى أخذ فى الاضمحلال والتشوه منذ السبعينات الماضية. والعمل على استنهاض التعليم والثقافة؛ لأنه لا يليق فى بلد كمصر، أقدم حضارات الأرض، وأمة «اقرأ» أن يتخرج شابٌّ من الجامعة يخطئ فى كتابة اسمه. وأخيراً، طالبته بأن يستلهم تجربة سعد زغلول فى وأد الطائفية بتعيين الكفاءات الحقيقية، مسلمة كانت أم مسيحية، فى المناصب السيادية العليا، فى القضاء والشرطة والجيش والبرلمان والحكومة، تلك المناصب التى حُرّمت على المسيحيين عقوداً طوالاً بفعل الفاشية الدينية. لأن فى هذا رسالة حاسمة تقول إن المنصب «للكفاءة» وليس للانتماء العقدى أو الحزبى أو الطبقى. أيها الطبيبُ المُستدعى، عبدالفتاح السيسى، نراهن عليك، ونضع مصرَ، أمَّنا، أمانةً بين يديك، وسوف نوصل الليل بالنهار معك، يداً بيد، حتى تنهضَ مصرُ صحيحةَ البدن والروح والعقل. فلا تخذلنا، لأن مصرَ مرهقةٌ ولا تتحمل ثورةً ثالثة، أصلى لله ألا تأتى. تحيا مصر.