حقوق الإنسان بمجلس النواب تستضيف رئيس الطائفة الإنجيلية وأعضاء الحوار المصري الألماني    اللون الأحمر يسيطر على مؤشرات البورصة المصرية بفعل التوترات الجيوسياسية    بعد ملاحظة زجاج قطار مكسور.. كامل الوزير: لا تهاون مع المخربين    نائب محافظ الدقهلية يترأس اجتماعًا تنسيقيًا لاستكمال أعمال إنارة طريق رافد جمصة    مؤسسة غزة الإنسانية: حماس قتلت 8 من موظفينا الفلسطينيين    سي بي إس: إسرائيل تتأهب لتنفيذ عملية عسكرية داخل الأراضي الإيرانية    الهند.. مفوض شرطة مدينة أحمد آباد: لا ناجين في حادث الطائرة المحطمة    يوفنتوس يمدد عقد مدافعه نيكولو سافونا    شمال سيناء ترفع حالة الاستعداد: تجهيز الاستراحات وتأمين لجان الثانوية العامة بالكاميرات وغرف العمليات    حسام حبيب يوجه رسالة دعم ل تامر حسني بعد خضوع نجله لعمليتين جراحيتين    مصدر بالزمالك يكشف ليلا كورة تفاصيل أزمة أحمد حمدي.. وعقوبة تنتظر اللاعب    نجم ريال مدريد على أعتاب ميلان    إزالة قواعد خرسانية مخالفة على مساحة 192 مترا بعد رفض التصالح بقرية ميت الوسطى بالباجور    ننشر أقوال متهم بدهس 3 أشقاء أثناء عبورهم طريق الأوتوستراد بمدينة نصر    تموين قنا والوحدة المحلية وحماية المستهلك يشنون حملة مفاجئة على تلاجات اللحوم والمطاعم والمولات والمحال التجارية    النيابة العامة تُنهي التحقيقات في واقعة سرقة أموال الدكتورة نوال الدجوي    تشكيل الأهلي المتوقع أمام إنتر ميامي في افتتاح كأس العالم للأندية    تسليم عروس الشرقية القاصر لوالدتها وأخذ التعهد بعدم زواجها قبل بلوغ السن القانوني    الخميس المقبل.. قصور الثقافة تقيم معرض مراسم بني حسن بالهناجر    وزير الصحة يستقبل مدير شركة جنرال إليكتريك هيلث كير لبحث توطين أجهزة السونار في مصر    قوافل طبية وتثقيف صحي ل500 مواطن في أبو المطامير وأبو حمص    هل تخصيص قطعة أرض مميزة بالبحر الأحمر يعني بيعها؟ "المالية" تكشف التفاصيل    عبد الصادق يتابع مستجدات مشروع الإسكان ويصدر حزمة قرارات لدفع معدلات التنفيذ وتسريع التسليم"    تخصيص قطع أراضي لإقامة 4 مدارس في 3 محافظات    متحدث مجلس الوزراء: حفل افتتاح المتحف المصري الكبير سيكون على مستوى عالمي    ننشر تفاصيل لقاء الهيئة البرلمانية لدمياط مع وزير الشباب والرياضة    مدير تعليم القليوبية لمصححى الشهادة الإعدادية: مصلحة الطالب أولوية عظمى    الثانوية العامة 2025.. 6451 طالبا يؤدون الامتحانات داخل 18 لجنة ببورسعيد    تصادم دموي بوسط الغردقة.. إصابة 5 أشخاص بينهم طفل في حالة حرجة    تامر حسنى وديانا حداد نجوم أحدث الديوهات الغنائية    كأس العالم للأندية.. إنتر ميامي يحشد القوة الضاربة بقيادة ميسي لمواجهة الأهلي    مفاجأة.. شكوك تحيط بمستقبل دوران مع النصر    تجارة أسيوط تكرم عمالها تقديرًا لعطائهم وجهودهم المخلصة    وزير الخارجية والهجرة يلتقي مع مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي    20 مليون جنيه مخدرات وسقوط 5 خارجين عن القانون.. مقتل عناصر عصابة مسلحة في مداهمة أمنية بأسوان    عبد الرحيم كمال رئيسًا للجنة تحكيم مسابقة ممدوح الليثي ب «الإسكندرية السينمائي»    وزير الثقافة يفتتح المعرض الاستعادي للفنان الراحل أشرف الحادي بعنوان «الفنان النبيل»    «ماضيين إيصالات أمانة».. المجلس القومي للطفولة والأمومة يُعلق على واقعة زفاف الشرقية    انقطاع كامل خدمات الإنترنت والاتصالات الثابتة في قطاع غزة    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    منظمة الصحة العالمية: رصد متحور كورونا جديد بصورة متقطعة في ألمانيا    صينية تحاول اقتحام منزل جونجكوك بعد ساعات على تسريحه من الخدمة العسكرية    بعد واقعة عريس متلازمة داون.. طبيب نفسي يوضح الحالات التي يُمنع فيها الزواج    كل ما تريد معرفته عن نظام المنافسة فى كأس العالم للأندية 2025    أقرب رفيق.. برقية تهنئة من زعيم كوريا الشمالية لبوتين بمناسبة يوم روسيا    وزير الخارجية والهجرة يبحث مع نظيره النرويجى تعزيز العلاقات بين البلدين    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    أمين الفتوى يوجه رسالة لمن يفوته صلاة الفجر    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 12 يونيو 2025    الآن حان دوركم لتدافعوا عن أمريكا حتى أقاصي الأرض، ترامب يقرع طبول الحرب بفيديو للجيش الأمريكي    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    منطقة المنوفية الأزهرية تعلن أسماء أوائل الشهادة الإعدادية للعام الدراسي 2024/2025    صور| أسماء أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية في قنا    آكسيوس: نتنياهو يطلب وساطة أمريكا للتوصل إلى اتفاق مع سوريا    «الري»: الإجراءات الأحادية لإقامة السدود تُهدد الاستقرار    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    استشاري يحذر من قلة النوم وتأثيره على الصحة العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سحر السطوح
نشر في الوطن يوم 08 - 05 - 2014

على معظم سطوح العمارات السكنية الآن لايوجد إلّا "الكراكيب". لاتراها من مستوى الشارع، ولكن لو نظرت اليها من على سطح عمارة عالية وهى المتوفرة حاليا بكثرة تراها. وكان لتلك الأسطح فى التاريخ القريب استخدامات شغلت جزءً مهماً من حياتنا نحن القاهريين.
كانت مزدهرة بالسكان المتنوعين وقد يكون بينهم بواب العمارة أو ساكن بسيط الحال أوصاحب محل مجاور كما تم ذكره فى قصة "عمارة يعقوبيان" للكاتب علاء الأسوانى، أو تحتوى على عشة فراخ يلتقى عندها الأحبة من الجيران، كما رأينا فى كثير من أفلام الستينات والسبعينات من القرن الماضى.
وكان السطح يحتفظ بحدود من النظافة اللازمة للسكان. وكانت السطوح قبل ذلك مكانا تعقد فيه الاحتفالات سواء الفَرِحَة أو الحزينة، فكانت تُحوَّط بخيمة ذات سواتر وسقف، ويشترط فيها توفير الإضاءة الطبيعية المناسبة نهارا والتهوية الطبيعة أيضا طوال تواجدها، لها مدخلها ومخرجها القريب من السلم العمومى على سطوح العمارة.
ولم يكن غريبا أن ترى من الشارع أن فوق السطوح سرادقا تنبعث منه الأضواء ليلا ويصل الى سمعك ترتيل القرآن الكريم ناشراً الأمان والبَرَكَة فى الفراغ حول العمارة السكنية يرتله شيخ بصوت جميل، أو أصوات السمر البهيج لإعلان مناسبة اجتماعية يفخر بها أحد السكان وسط الجيران.
وفى غير وقت الاحتفالات يصعد اليها السكان طلبا للنسيم الطيب بعد العصارى ولجزء من الليل. وكمثال لتلك الأسطح للمبانى السكنية، كان فى شارع السيوفية فى حى الحلمية الجديدة بالقاهرة وهو امتداد لشارع المعز لدين الله الذى يربطها بمدينة الفسطاط القديمة ، وهى حاليا مدينة مهجورة بها بقايا لثمانية بيوت بأفنيتها وفساقيها منذ نشأتها فى أول دخول الإسلام فى مصر عام 641 ميلادية والتى ظهر للأسف عنها كلام أنها ستتحول الى حديقة عامة أقول فى شارع السيوفية يوجد ما يسمى ربع قِزْلار وهو مبنى قديم عبارة عن مجموعة محلات تجارية فى مستوى الشارع فوقها فى الدور الأول عشرة مساكن لعشرة عائلات على صف واحد، وكل سكن مكون من دورين دوبلكس فى الدور الأول غرفة معيشة بمطبخ وفوقها غرفة النوم تطل عليها وبها حمام.
ومن غرفة النوم يصعد سلم يفتح من طاقة فى السقف الى سطح السكن. وذلك السطح يتجاور مع سطح السكن بجانبه وهكذا للعشرة مساكن المتجاورة، وبين كل مسكن والآخر سور يمكن تخطيه. وذلك يعنى أن سكان ذلك الربع أمكنهم أن يتواجدوا على أسطح مساكنهم فى تجمُّع معروف المسطح الخاص بكل منهم، ولكنهم متجاورين. وتتشابك العلاقات الاجتماعية فى تآلفٍ طالما أن كل عائلة لها مساحتها الخاصة. كان ذلك هو المجتمع فى القاهرة. الجيرة هامة فى الحياة اليومية ولها أحكام اجتماعية تضبط الإيقاع الاجتماعى ومسافاته وتحافظ عليه.
وأتذكّر عن طفولتى المبكرة كم كانت عائلتنا تتحوقل حول صينية العشاء فوق سطح بيتنا، وكان بيتا فى أحد أحياء القاهرة التقليدية، ويتخلل وقت الطعام وقت آخر نتبادل فيه الكلمات والحكايات ونتعرف على خبرات الأهل مع الأخرين وحدود التعاملات وأخبار المجتمع خارج المنزل وفى العمل كل بفكره، وتتصدر انطباعاتنا عن افعالنا وافعال الآخرين بعد كل حكاية وكل خبر. نجتمع على السطح معظم ليالى الصيف بدءً بالمساء لتستمر بعضا من الليل، وتتأكد فى تلك الأمسيات لحظات السمر مع الترابطات الأسرية من خلال توافقات الكبار وإنصات الصغار مثلى على مجريات الأحداث الهامة للأسرة ومحيطها المجتمعى وردود الأفعال مقابل الأفعال.
من دراساتى فى معهد البيئة تفرَّعْتُ فى القراءة كثيرا، وذهب بى الفضول إلى أحد فروع العلم وهو الإيكولوجيا ومنه تفرعت وفروعه كثيرة الى إيكولوجيا العمران والإيكولوجيا الإنسانية . وعرفت أن أهم عنصر فى المجتمع أن تتكامل فيه العلوم البيئية وتتقابل فى تقنين أساسيات الحياة فى العمران. وعرفت أن فكرة الناس عن مجتمعهم لاتنبع فقط من حيث المكان ولكن أيضا من العلاقات الذهنية والعاطفية للإنسان، وبالتالى فإن المجتمع هو نتاج التواجد فى الموقع الجغرافى وتاريخه، وسلوكيات أعضائه مع اسلوب حياة إيجابى، ونشاط إنسانى متعدد يسعد به المجتمع ومتفق عليه جموعيا.
وغاية حديثى أن أؤكد على أن الشبكة الاجتماعية هى الأساس فى تكوين المجتمع الحضرى ، أوالريفى ، وعلى أساسة تتشكل الشبكة العمرانية فى فراغاتها ومبانيها، وأتصور أن الابتعاد عن الرموز المعمارية التى تشكّلت بترابط العلاقات الاجتماعية بين أعضاء المجتمع قد يتسبب فى انفراط تلك العلاقات الاجتماعية ان لم نبتدع أشكالا أخرى من الأماكن المشيدة التى تجذب الناس اليها ويتقابلوا فيها ويشكلوا روابط لازمة لاستمرار نوعية وجودة الحياة فيها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.