تجددت الاشتباكات فى شوارع مدينة طرابلس اللبنانية فجر أمس، مسفرة عن مقتل مدنى وجرح 7 آخرين بين مجموعات مسلحة من منطقتى باب التبانة ذات الغالبية السنية وجبل محسن ذات الغالبية العلوية، فى دلالة واضحة على أن الأوضاع خرجت من سيطرة الجيش اللبنانى، فيما يرى قادة وسياسيون أن الأزمة تحتاج لحل سياسى فى المقام الأول. وقال المحلل السياسى اللبنانى نبيه البرجى إن «قوات الجيش المنتشرة فى طرابلس منذ منتصف الأسبوع - تواجه مشكلات أخلاقية ووطنية لأن باب التبانة وجبل محسن منطقتان مكتظتان بالسكان، مما يجعل الجيش أمام تعقيدات على جانب كبير من الحساسية لإنهاء العنف، وعليه لا يمكن أن يكون الحل أمنيا». وقال برجى إنه كان يأمل أن تُحدث اشتباكات طرابلس الأمنية صدمة سياسية بين الفرقاء اللبنانيين كى تنفرج الأمور، غير أنه استبعد اندلاع حرب بين الطائفتين، لأن العلويين يعدون أقلية فى طرابلس، التى تضم أكبر تجمع سنى فى لبنان. وتعليقا على انتشار الأسلحة بين الطائفتين السنية والعلوية فى طرابلس، قال البرجى إن المناخ الطائفى سائد فى لبنان، لكنه لم يكن مطلقاً إرهابياً مثل الآن، مشيرا إلى أن لبنان يتفاعل مع الأوضاع الإقليمية، لقربه من سوريا. ومن جانبه، طلب نجيب ميقاتى رئيس الحكومة اللبنانية أمس من القوات الأمنية إقامة حواجز واعتقال كل حامل سلاح فى طرابلس، فيما أقر مروان شربل وزير الداخلية اللبنانى أول من أمس بأن الوضع لا يزال هشا بعد خوضه مفاوضات لمدة 7 ساعات مع مجموعات سلفية فإقناعها بإنهاء اعتصامها، وشدّد على وجوب أن يكون الحل سياسيا. وفى السياق ذاته، رفض سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية فى أول تصريح له عقب اندلاع الاشتباكات فى طرابلس أمس، نزول الأهالى إلى الشارع بالشكل الذى حدث، وقال إنه كان بإمكانهم أن يعترضوا طبقا لما تسمح به القوانين اللبنانية، وإن الاعتراض لا يكون بالسلاح وإطلاق النار وتعطيل المدينة. بينما قال النائب وليد جنبلاط أول من أمس، إن البلاد دخلت مرحلة أصعب من مرحلة 2005 (عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبنانى الأسبق رفيق الحريرى)، وقال إن: «أحداث طرابلس كأنها تقول إن سياسة الحكومة (النأى بالنفس) أصبحت ممنوعة». وكانت الاشتباكات، التى أسفرت عن مقتل 9 وجرح العشرات، قد اندلعت يومى الأحد والاثنين الماضيين بعد ساعات من توقيف إسلامى بتهمة الارتباط «بتنظيم إرهابى»، فيما يقول أفراد عائلته والتيار الإسلامى إن سبب توقيفه هو تقديمه المساعدات للاجئين والمعارضين السوريين، وهم يتهمون بعضا ممن فى السلطة بلبنان بتنفيذ «أوامر سورية».