دقت الساعة الرابعة صباحاً، موعد انطلاق الرحلة السياحية من منطقة الهلال بالغردقة إلى الأقصر، «مينى باص» ومرشد سياحى فى انتظار 6 سائحين أمام أحد الفنادق الفاخرة، والسائحون يخرجون مسرعين من باب الفندق فى اتجاه السيارة، تمهيداً لبدء رحلة اليوم الواحد لقطع مسافة تزيد على 600 كيلومتر ذهاباً إلى الأقصر، وإياباً إلى الغردقة فى وقت يتخطى العشرين ساعة متواصلة. أغلق الأوتوبيس أبوابه وخيَّم الهدوء وسط صمت السائحين، بدأ منصور سالم، مرشد الرحلة، الترحيب بالسائحين باللغة الألمانية، وأسهب فى شرح تفاصيل الرحلة، قائلاً: إن أول المعالم السياحية التى ستتم زيارتها «معبد الكرنك»، يليه «وادى الملوك» فى البر الغربى، ثم «معبد حتشبسوت»، ثم «التنزه فى رحلة نيلية تستغرق أربعين دقيقة»، يليها «ركوب الحنطور على كورنيش النيل بالأقصر»، ثم «مغادرة المدينة والعودة إلى الغردقة»، ثم يتوقف المرشد عن الكلام، ويبدأ السائحون الستة (ثلاث سيدات ورجلان وشاب) فى تأمل معالم الطريق الصحراوى الممهد جيداً من خلف النوافذ. يؤكد المرشد ل«الوطن» أن التفجيرات التى تستهدف أوتوبيسات السائحين تثير الذعر بين الأجانب، وتدفعهم لإلغاء حجزهم، أو مغادرة البلاد، وإذا ظلوا فى مصر يلتزمون الفندق ولا يغادرونه. ويقول: «السياح خايفين من الانتقال فى رحلة طويلة فى مصر؛ لأن الطريق خطر على حياتهم، وقبل استهداف أوتوبيسات السائحين كنا نسافر كل يوم فى رحلة بين الغردقةوالأقصر، لكن الآن لا يوجد إلا رحلة فى الأسبوع، لا يتخطى فيها العدد ستة سائحين». مضيفاً: «الاضطرابات الأمنية والتفجيرات الأخيرة أثرت بشدة على السياحة؛ لأن السائح متابع جيد لأخبار الدولة التى ينوى زيارتها، كما أن دولته تعطى له تحذيرات بعدم السفر إلى مصر وأن السفر يمثل خطورة على الحياة». 40 دقيقة مرت على تحرك الأوتوبيس من الغردقة، دون أن يظهر كمين أو سيارة شرطة واحدة تؤمن مرور السائحين فى الطريق الذى يشق الجبال ويعبر فى قلب الصحراء بلا أدنى حماية، فيما تظهر لافتة على الطريق تنذر بقرب مدينة سفاجا. دقائق قليلة ويصل بعدها الأوتوبيس السياحى إلى مفترق طرق عليه كمين شرطة، يتبع مدينة سفاجا، يتحدث السائق العشرينى إلى المرشد: «إحنا وصلنا كمين سفاجا»، يتوقف الأوتوبيس عند نقطة التفتيش المحاطة بوسائل التأمين ومصدات ومطبات تجبر السيارات والمركبات على التهدئة، ينزل السائق ليعطى بيانات السائحين لأفراد الشرطة بالكمين، ويصعد إلى الأوتوبيس ويمر السائق دون تفتيش ولا يقترب شرطى واحد من الأوتوبيس ليفحص الركاب. يسلك الأوتوبيس الطريق الصحراوى المتجه إلى قنا، ويستكمل المرشد حديثه ل«الوطن»: «وسائل التأمين كانت عديدة؛ حيث كانت تخرج مع الأوتوبيسات السياحية سيارات شرطة لتأمين السائحين، وكان يرافق كل فوج سياحى أفراد شرطة لتأمين تعاملهم مع الجمهور ومنع الاعتداء عليهم أو سوء معاملتهم، لكن اختفى هذا التأمين قبل ثورة يناير بعدة سنوات». الساعة تقترب من السابعة صباحاً، يتحدث المرشد إلى الركاب عبر الميكروفون، معلناً الوصول ل«الرست»، ينهض السائحون من مقاعدهم فيما يتثاءب بعضهم من أثر النعاس، وينزلون لقضاء وقت الراحة فى الكافيتريا، ليستقبلهم الباعة الجائلون، حاملين تحفاً أثرية مقلدة، وملابس ونقوشاً فرعونية، لكن السائحين يمتنعون عن الشراء. يواصل السائق تحركه صوب مدينة قنا، وفى الطريق كثير من الأكمنة الأمنية المهجورة، وعلى مسافة 120 كيلومتراً بدءاً من مفترق طرق سفاجا، نشاهد أربعة أكمنة معطلة، منها كمين الكيلو 85 قنا وكمين 42 قنا وكمين 27 قنا. وفى كمين بالكيلو 6 على مشارف محافظة قنا، أوقف أمين شرطة السائق وسأله عن اسمه ورقمه وعدد السائحين وجنسياتهم، واكتفى بهذه المعلومات دون تفتيش أو معاينة للأوتوبيس. مع اقتراب الثامنة صباحاً، وصلنا إلى قنا، وفى الطريق الزراعى الملىء بالمطبات الصناعية، ظهر مشهد بديع من الورود وأشجار الزينة على جانبى الطريق، تظهر لافتة صغيرة تنذر بوصول الرحلة إلى الأقصر، الوجهة نحو معبد الكرنك، السائحون يتجمعون فى ساحة الانتظار خارج المعبد لحين حصولهم على تذاكر الدخول، يقف عدد من الباعة المتجولين يحملون بضائعهم السياحية من ورق بردى وعملات نادرة وملابس فرعونية، لديهم قدرة على معرفة جنسية ولغة السائح فقط من أشكالهم، يتحدث بعضهم إلى السائحين، يلح الباعة بطريقة فجة تجعل السائحين يسرعون فى مشيتهم حتى يعبروهم متجهين إلى داخل معبد الكرنك. يتحدث المرشد عن تاريخ المعبد والكتابة على حوائطه وتاريخ إنشائه، ينصت السائحون، تنتهى الجولة داخل المعبد، قبل أن ينتقل السائحون إلى جولة نيلية مدتها أربعون دقيقة، تعبر بهم فى النهاية إلى البر الغربى من النيل، هم الآن فى اتجاههم نحو منطقة القرنة، التى تشتهر بصناعة الألباستر، وهى أشكال تحوى نقوشاً فرعونية مصنوعة من أحجار، يعمل فى هذا المجال آلاف العاملين فى عشرات الورش والمصانع فى البر الغربى، تشهد منطقة القرنة ركوداً كبيراً وضعف إقبال من السائحين؛ حيث شكا كثير من العاملين وأصحاب «البازارات» من جودة السائحين الذين يترددون عليهم فى الفترة الحالية، بوصفهم «قليلى الإنفاق»، و«لا يشترون من المحال أو المعارض السياحية». ويقول أحمد طايع، صاحب مصنع ومعرض ألباستر بمنطقة القرنة: «السائح فقير أو بخيل ينزل يتفرج على البضاعة والشغل وما بيشتريش، أنا طول اليوم ما بعتش إلا قطعتين أو تلاتة من الألباستر». بعد الجولة يجلس السائحون فى أحد المطاعم ليتناولوا طعام الغداء، قبل أن ينتقلوا لزيارة وادى الملوك، يليها زيارة لمعبد حتشبسوت، لتبدأ رحلة العودة إلى البر الشرقى للتنزه فى رحلة قصيرة بالحنطور. وخلال زيارة المعابد والمناطق الأثرية، كانت شرطة السياحة تقف فقط عند بوابات الدخول لفحص متعلقات الأشخاص عبر بوابات إلكترونية بعضها كانت تعمل، والبعض الآخر كان معطلاً، فيما تركت الشرطة الباعة الجائلين يضايقون السائحين دون أى اعتراض. فى تمام الخامسة قبل غروب الشمس، بدأت رحلة العودة إلى الغردقة؛ حيث تولى السائق الآخر جامع عطا مهمة القيادة، وفى رحلة العودة لم يقف الأوتوبيس مرة واحدة أمام كمين، ولم يظهر كمين شرطى على طول 300 كيلومتر. وفى الوصلة الصحراوية بين قناوالغردقة، التى تبلغ 160 كيلومتراً كان الطريق شديد الظلمة، لا توجد أى إشارة لحياة أو مكان للراحة، كثير من الكمائن المغلقة دون أفراد شرطة على الطريق، لا سيارات شرطة أو نجدة أو إسعاف، ما يعنى أن أى إرهابى يمكنه بسهولة أن يستهدف أوتوبيس السائحين ويعتدى عليه، دون أن يقف فى وجهه أحد طوال فترة تتجاوز الأربع ساعات، هى مدة العودة ليلاً. أخبار متعلقة الإرهاب يدخل مرحلة الجحيم برعاية «الظواهرى» استشهاد مجند وإصابة 9 بينهم 4 مدنيين فى هجومين انتحاريين جنوبسيناء الأمن يعرض أشلاء منفذ التفجير على مشايخ القبائل لتحديد هويته «الصحة»: 4 قتلى و12 مصاباً فى التفجيرات جنازة شهيد «مصر الجديدة» تتحول لمظاهرة ضد الإخوان اغتيال شرطى وإصابة ضابط و3 مجندين فى تفجير كشك مرور بميدان المحكمة بمصر الجديدة «الطب الشرعى»: قنبلة «بدائية» زُرعت على يسار شهيد ميدان مصر الجديدة «أكشاك المرور» قنابل موقوتة على الطريق لاصطياد «البدلة الميرى» النيابة: ملثمان زرعا قنبلة أسفل مقعد فى الكشك وفجراها بشريحة «محمول» مدير أمن القاهرة: ضباط وأفراد الشرطة يخرجون من منازلهم لطلب الشهادة سائق أوتوبيس سياحى: أخرج من بيتى كل يوم فى انتظار حدوث تفجير السياح يتحدون: زيارة مصر ممتعة رغم تحذيرات الإرهاب مصادر أمنية: «الظواهرى» يخطط لتفجير منشآت دينية وعسكرية وسفارات فى مصر