سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
دراسة لجامعة «أكسفورد» البريطانية: أضرار «سد النهضة» على إثيوبيا أكثر من منافعه.. ومن يتجاهلون هذه الحقيقة «حمقى» «الرى»: الحكومة لم تعد تتعامل مع الملف بسياسة «رد الفعل».. وأصبحت تدرس كل خطوة بمعرفة الوزارات المعنية
قالت دراسة أعدتها جامعة «أكسفورد» البريطانية مؤخراً «إن معظم مشروعات السدود الضخمة التى تقيمها الدول الأفريقية، ومن بينها «سد النهضة» الإثيوبى تتسبب فى أضرار اقتصادية هائلة، أكثر من كونها ذات منفعة لهذه الدول، لأنها تفتقر إلى التخطيط الجيد، وتلعب تكلفتها الباهظة دوراً كبيراً فى تعطيل التقدم الاقتصادى لبلدان أفريقيا». وكشفت الدراسة التى حصلت «الوطن» على نسخة منها، عن أن ما تم بناؤه من سدود خلال الفترة من 1968 حتى عام 1984، بشكل مبالغ فيه، زاد من الديون الداخلية للدول النامية على مستوى العالم بما يقدر ب23% من الدخل القومى لها، ومن بينها سدود «تاربيلا» فى باكستان، و«بيلو مونت» فى البرازيل، و«جيورجس 3» فى الصين. فيما قال ريتشارد تايلور، المدير التنفيذى ل«الجمعية الدولية للطاقة الكهرومائية»، أحد المشاركين فى الدراسة «إن الاعتقاد فى أن مشروعات السدود لها فوائد كبيرة، بما فيها (سد النهضة) أمر يحتاج إلى النقاش والتأمل مقارنة بالتكاليف الباهظة للسدود»، مشيراً إلى أن «عدم إدراك مخططى بناء هذه السدود الضخمة للنتائج الفعلية التى قد يتسبب فيها البناء مع علمهم بالتكاليف الباهظة التى تحتاجها وعدم توافر الجدول الزمنى المفترض لعمليات الإنشاء، كما حدث فى سد «بيلو مونت» الذى تم تقدير تكلفته ب14.4 مليار دولار، إلا أن هذه التكلفة من المتوقع أن تصل إلى 27.4 مليار دولار وقت الانتهاء منه، لذا فإن على حكومات الدول التى تقوم ببناء السدود، ومن بينها إثيوبيا تحرى الدقة وأن تتعلم من أخطاء السابقين، خاصة أنه لا يوجد أى تقدم فى مسألة تقدير تكاليف بناء السدود. وذكرت جامعة أكسفورد أن الباحثين المشاركين فى الدراسة أجروا أبحاثاً على 245 سداً فى الفترة من 1937 حتى 2007، وثبت لهم أن مخططى هذه المشروعات، ارتكبوا أخطاء فى تنبؤاتهم بفائدة بناء السدود، منها الإفراط فى التفاؤل وتعظيم الفوائد المتوقعة استراتيجياً من تلك المشروعات عن عمد من أجل الحصول على الموافقة والتمويل الدولى لها، وهو دليل قوى على أن الدوافع السياسية تكون عامة فى غير محلها وتؤدى إلى وقوع مشاكل عدة لصناع القرار. واعتبرت أن «الحمقى والمتهورين هم من يتجاهلون الحقائق الثابتة، ويراهنون على الاحتمالات الضئيلة للنجاح، أما الكاذبون، فهم من يضللون الرأى العام عمداً لتحقيق مكاسب سياسية ومالية من خلال التلميح بفرص جيدة للاستثمار للحصول على ما يريدون». واقترحت الدراسة التى تم إرسالها إلى بعض الدول، ومن بينها إثيوبيا أن «تعمد أديس أبابا إنشاء سدود أصغر حجماً من (النهضة)، لتكون أكثر مرونة فى إنشائها بدلاً من السدود العملاقة، كما فى السدود الصغيرة التى أقامتها النرويج التى لا تعدو أن تكون عبارة عن توربينات فى أنفاق وتعتبر مولداً جيداً للطاقة، كما أن السدود العملاقة غالباً ما قد تؤدى إلى تهجير المجتمعات القاطنة فى محيطها الأمر الذى يترتب عليه بعض المعارضة من الرأى العام المحلى». من جانبه، قال بيتر بوشارد مدير «المنظمة الدولية للأنهار» ومقرها الولاياتالمتحدة، والذى شارك فى إعداد الدراسة «أن هذا البحث بمثابة تقييم للسدود وإدانة لبنائها، خاصة بعد اكتشاف وسائل أخرى متاحة للطاقة المتجددة، ولا بد أن تعطى لها الحكومات الأولوية». من جانبه، قال مصدر مسئول بوزارة الرى «إن القائمين على الدراسة اعتمدوا (سد النهضة) كتطبيق حى لكشف سعى الحزب الحاكم فى أديس أبابا إلى خداع شعبه من أجل التغطية على فشله فى مكافحة الفقر وتردى الحالة الاقتصادية»، لافتاً إلى أن «الحكومة المصرية توافقت على عدد من السيناريوهات لتنفيذها، من بينها تعريف العالم بالصورة الحقيقية للسد الإثيوبى من خلال تقرير اللجنة الدولية للخبراء التى أكدت فى ملاحظتها أن السد تنقصه الدراسات الفنية البيئية والهيدروليكية والاجتماعية والاقتصادية». وأوضح المصدر ل«الوطن» أن «مصر قدمت إلى إثيوبيا وعدد من الدول التى عرضت الوساطة دراسات أجراها علماء السدود فى إثيوبيا والولاياتالمتحدة حول إمكانية إنشاء مجموعة من السدود الصغيرة لتوليد الطاقة الكهرومائية بسعة تخزينية أقل، مع العلم أن الكفاءة الحالية لسد النهضة وفقاً للدراسات المتاحة لا تتجاوز30%، خاصة أن هناك عيوباً فى التراكيب الجيولوجية لمنطقة السد قد تؤدى إلى انهيار أجزاء منه نتيجة ضغط المياه المخزنة على التربة». وأشار المصدر إلى أن «الجانب الإثيوبى يدرك تماماً أن لديه أزمة حقيقية فى تمويل مشروع السد الذى تصل تكلفته المعلنة أكثر من 4.2 مليار دولار، وهو ما اتضح من خلال تراجع المسئولين الإثيوبيين عن تصريحات سابقة أطلقوها تشير إلى أنه سيتم توليد 6 آلاف ميجاوات من السد العام الحالى، ثم الإعلان عن تأجيل الأمر إلى نهاية العام المقبل». ولفت إلى أن «الحكومة لم تعد تعمل الآن بسياسة رد الفعل، بل تدرس كل خطوة من خلال فريق عمل مشترك من الوزارات المعنية بالملف، خاصة أن الاستقرار الذى سيتحقق بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة سينعكس بالضرورة على العلاقات الدولية، بما يدعم الموقف المصرى تجاه السد الإثيوبى». من جهته، قال الدكتور نصر الدين علام، وزير الرى الأسبق «إن سد النهضة مشروع مشبوه، لأنه أسند بالأمر المباشر لشركة سالينى الإيطالية من قبل رئيس الوزراء الإثيوبى الراحل مليس زيناوى، ودون إجراء دراسات جدوى كافية، وهو الأمر الذى أكده تقرير اللجنة الثلاثية الدولية الصادر فى يونيو الماضى والذى طالب الحكومة الإثيوبية بإجراء المزيد من الدراسات الفنية والبيئية والاجتماعية قبل الشروع فى استكمال بناء السد»، موضحاً أن «وزارة الرى لديها من دراسات الجدوى عن سدود أقل حجماً وتولد نفس الكمية من الكهرباء التى سيولدها سد النهضة دون وقوع أى أضرار على دولتى المصب».