وضعته الظروف فى وجه المدفع، فى مرحلة بالغة الدقة من عمر مصر ومشوار القضاء المصرى، ليدير دفة العدالة من خلال ترؤسه اللجنة العليا للانتخابات، التى أشرفت على استفتاء دستور ثورة 30 يونيو، وهى ذاتها التى ستتولى الإشراف على الانتخابات البرلمانية المقبلة. المتتبع لمسيرة المستشار نبيل صليب رئيس محكمة استئناف القاهرة وعضو لجنة الانتخابات الرئاسية، يعرف أنه رجل قوى يعرف معنى «القاضى المستقل» الذى لا يخشى فى قول الحق لومة لائم. كان من أوائل المدافعين عن استقلال القضاء والتصدى للانتهاكات التى تعرّض لها القضاء أثناء حكم الرئيس المعزول محمد مرسى، لدرجة أنه وصف وقتها بأنه «شوكة فى حلق الإخوان»، فأرادوا التخلص منه ومعه ما يزيد على 3 آلاف قاضٍ، من خلال تعديلات قانون السلطة القضائية الذى نصت مواده على تخفيض سن تقاعد القضاة إلى 60 عاماً بدلاً من 70 عاماً، ففى مقالة كتبها «صليب» فى إحدى الصحف بعنوان «مذبحة للقضاة أم مذبحة للعدالة» وصف مقترح تعديل قانون السلطة القضائية ب«المشبوه» وأنه يشكل إهداراً لحصانة القضاء، وكان رأيه فى التعديلات واضحاً: «سيؤدى خفض السن إلى غلق محاكم بأكملها، كالمحكمة الدستورية العليا، فضلاً عن أنها تعد تعدياً صارخاً على استقلال القضاء». وفى الوقت الذى أصدر فيه «مرسى» الإعلان الدستورى الذى حصّن به قراراته من رقابة القضاء، وعطل عمل المحاكم، وأقال به المستشار عبدالمجيد محمود من منصب النائب العام، دعا «صليب» إلى جمعية عمومية طارئة لقضاة استئناف الإسماعيلية، وقرر تعليق العمل بالمحكمة احتجاجاً على الإعلان الدستورى، ولم يكتف بذلك وإنما أكد أن تعليق العمل سيظل مستمراً لحين صدور قرار بإلغاء الإعلان الدستورى وتقديم اعتذار رسمى للقضاة، وإقرار قانون السلطة القضائية بما يضمن استقلالية القضاء ويكفل تحقيق العدالة. لا يترك اعتداءً على السلطة القضائية إلا وتجده مسخراً قلمه وأفكاره وصلاحياته لرد هذا العدوان، فإلى جانب عمله قاضياً، يجلس على منصته العالية ليفصل بين الناس بالعدل، فهو كاتب ومفكر وصاحب رأى، لا يسعه أن يسطر أحكامه فى القضايا، له الكثير من المقالات، كان أبرزها «مذبحة للقضاة أم مذبحة للعدالة» و«استقالة بالإكراه». انتقد «صليب» الذى يبلغ من العمر 69 عاماً فى مقالته «استقالة بالإكراه» تراجع المستشار طلعت عبدالله عن استقالته عن منصبه، التى قال إنه قدمها إلى مجلس القضاء الأعلى تحت إكراه، حيث شرح فى هذه المقالة معنى الإكراه فى القانون، وخلص فيها بنصيحة إلى النائب العام بالعودة عن قرار العدول عن الاستقالة حتى تصبح تلك الاستقالة نافذة المفعول. تولى رئاسة محكمة استئناف القاهرة يوم سقوط نظام الإخوان فى 30 يونيو، وقرر تشكيل دوائر متخصصة لنظر قضايا الإرهاب المتهم فيها قيادات تنظيم الإخوان.