لم يكن غريباً على فايزة أبوالنجا أن تقتحم الملف الشائك للتمويل الأجنبى، الذى أصبح من أخطر ما يهدد هذا الوطن وشعبه وإن أدى ذلك إلى غضب البيت الأبيض وأجهزته المخابراتية على هذه السيدة.. لأنها لم تضع أى حسابات للأمريكان فى الخارج، ولا لذيولهم ولا للاعقى أحذية سفارتهم، سماسرة التمويل بالداخل.. لأول مرة شاهدت وتابعت مواقف هذه السيدة الرائعة عندما كنت أذهب إلى جنيف للمشاركة فى مؤتمرات منظمة العمل الدولية كصحفى ضمن الوفد المصرى ... كانت تترأس البعثة المصرية لدى المقر الأوروبى للأمم المتحدة، والمنظمات الدولية بجنيف خلفاً لدبلوماسى عظيم هو الدكتور منير زهران، والذى كان يعرف حينها بعميد الدبلوماسيين العرب.. وكنت أعتقد بعد انتهاء مدة د. زهران أن مصر خسرت كثيراً بسبب قوة هذا الرجل وتصديه لمجموعة الدول الصناعية التى تريد أن تفرض على دول المنظمة اتفاقيات لا تخدم إلا أهداف هذه الدول على حساب دول العالم الثالث، ولكن الرجل كان يجيد التنسيق ما بين الدول العربية والأفريقية، ومجموعة دول عدم الانحياز رغم أن ممثلى بعض هذه الدول كانوا يتعرضون لإغراءات، خاصة الدول الأشد فقراً.. وبعد تولى «أبوالنجا» موقعها قاومت بكل ما تملك، بنود الاتفاقيات التى تدعو إلى أمور لا يرتضيها ديننا الحنيف وأيضا مقاومة فرض عقوبات على الدول الفقيرة فى كثير من القضايا.. وواصلت هذه السيدة الرائعة دورها لدى المنظمات الدولية هناك وعندما استدعت للمشاركة فى حكومة مصر تأكدت أن هذا النموذج الذى تربى فى بيئة وطنية صحيحة وأدى رسالتها بما يدعو للإعجاب مقارنة بسفراء لا يصلحون مجرد مديرى إدارات فى الحكم المحلى، فلا بد أن تواصل رسالتها الوطنية فى حق هذا الوطن.. وقد كان ما توقعته من هذه الوزيرة ضد مافيا التمويل الأجنبى.. فرغم تبنى لصوص التمويل الأجنبى تشكيل مافيا تهدد هذا الوطن وثقافته مستمدة من حماية السفارة الأمريكية، خاصة سفيرها غير المأسوف على رحيله، ديفيد ولش، والاتفاق معه على تحويل جزء من المعونة الأمريكية الخاصة بالفقر والمرض والعشوائيات إلى هذه المافيا مقابل كتابة تقارير للأمريكان.. رغم كل هذا قدمت الوزيرة القضية إلى القضاء.. وكانت القضية الأخرى التى كانت فايزة أبوالنجا أوشكت على الانتهاء منها، هى مافيا التمويل بقصد اختراق الأحزاب السياسية وتلويثها والسيطرة على سيادة قرارها وغيرها من الأمور الخطيرة.. ولكن للأسف تلقت الوزيرة ومن قبلها الشعب المصرى طعنة من القائمين على إدارة شئون البلاد، وهو المجلس العسكرى برئاسة «طنطاوى» لمسئوليتهم عن تهريب الأمريكان والأجانب المتهمين على طائرة أمريكية.. وأصرت الولاياتالمتحدةالأمريكية على ممارسة ضغوطها واستبعاد «أبوالنجا» من الحكومات المتعاقبة سواء حكم مرسى أو عدلى.. نعم.. فايزة أبوالنجا انتقلت من ميدان الدفاع عن مصر وهويتها وثقافتها فى جنيف حيث مقر المنظمات الدولية، إلى الدفاع عن هذا الوطن ضد مافيا التمويل الأجنبى من موقعها بوزارة التعاون الدولى، وقدمت أوراق التمويل إلى القضاء، ودفعت ثمناً لهذا باستبعادها من الحكومات بضغط أمريكا، وذيولها مقبلى يد الصهيونى ديفيد ولش، وبلاط السفارات وأرضيتها.. فسحقاً للصامتين عن قول الحق.