بكلمات مفعمة بالحماس، جلس ثلاثتهم، شباب في مقتبل العمر، رؤوسهم متحفزة للمستقبل، يشرفون على إنهاء دراستهم الجامعية، وفي أيديهم اختراع إنسان آلي يحمل "كاميرا" لنقل الأحداث الصحفية "الخطرة.. صراعات.. اشتباكات.. انفجارات" التي تحدث في مصر، ومعها يهرع الصحفيون إلى تلك المناطق مُحمّلين بمخاوف الرحيل كزملائهم العشرة من شهداء الصحافة المصرية، الذين واراهم الثرى بعدما أصابتهم طلقات غادرة خلال تلك الصراعات منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن. "أحمد حمدي"، "أحمد رمضان"، "إسلام عمر".. ثلاثة من أصل 8 أعضاء ابتكروا مشروع تخرجهم في قسم اتصالات بهندسة شبرا جامعة بنها.. فهو "إنسان آلي قادر على تكييف وضع جسمه حسب الوضع المطلوب منه، فلديه 4 أرجل حديدية يستخدمها في الزحف مثل الأطفال، أو باستخدام 4 عجلات، فالعجلات أسرع من الأرجل، ولكن الأرجل ملائمة أكثر للفيديوهات التي تحتاج إلى الثبات".. بحماس تحدّث إسلام عمر، أحد أعضاء فريق الابتكار الثمانية، عن "الصحفي الآلي" الذي شرعوا في تحديد مكوناته من شهر سبتمبر الماضي حتى بدأوا التنفيذ الفعلي منذ حوالي 5 أشهر، ومن المقرر أن ينتهي في منتصف يونيو المقبل، مُرجعًا سبب التأخر في تنفيذه إلى ارتباطهم كطلبة في الفرقة الرابعة بكلية الهندسة بامتحانات ومحاضرات. سوء الخامات المصرية وارتفاع سعرها دفع طلاب الهندسة إلى شراء مكونات "الروبوت" من الخارج، فالمبرمج نفسه من أمريكا وقطع الحديد من الصين، لأن البرنامج الذي يستطيعون من خلاله برمجة "الروبورت" لا يوجد في مصر، حسبما أفاد "إسلام". يتميز "الروبوت الصحفي" بقدرته على بث الفيديو للمتحكم فيه عن بُعد "مباشرة" حتى وإن دُمر أثناء تغطيته للاشتباكات، لكن يوضح "إسلام" أن كل جريدة أو موقع صحفي يريد شراء هذا الروبوت يحدد الإمكانيات التي يريدها حتى يُطوّع لهم المُبتكرون الجهاز حسب تلك الإمكانيات، فيسهل استخدامه فور استلامه. يتحرّك "الروبوت الصحفي" وفق البرنامج الموضوع له، وإن تطلبت الأحداث أن يتحرّك فيما لم يُبرمج عليه يأتي دور المتحكم عن بُعد لتوجيهه، ف"الروبوت" الذي يبلغ طوله حوالي 30 سم × 25 سم يستطيع- إن تعثر- أن يزحف من تحت سيارة أو ما شابه، فيصل طوله إلى 12 سم × 78 سم ليعود إلى وضعه الطبيعي فور الخروج، ولا يمنعه من ذلك وزنه الذي يصل إلى 3 أو 4 كيلوجرامات نتيجة للحديد والمواتير والبطاريات التي يتكون منها. بأسلوب علمي بحت رأى أحمد حمدي، أحد أعضاء فريق صناعة "الروبوت"، أن الفكرة قائمة على أن حياة الإنسان أو المراسل الصحفي، أهم من حياة قطع الحديد، التي يتشكل منها الإنسان الآلي، فزودنا إنسانيًا آليًا نقوم بصناعته ب"آي بي كاميرا" تستطيع القيام بعمل بث حي للأحداث وتصويرها فوتوغرافيًا، دون الحاجة للاستعانة بمصور صحفي، وهو يحقق الانفراد للصحيفة أو القناة، ويحافظ على حياة الصحفيين من القتل". وضع "أحمد" وباقي الفريق مشهدًا مثل الانفجار الذي شهده محيط جامعة القاهرة أول الشهر الجاري، نصب أعينهم، حيث انفجرت إحدى القنابل بجوار الصحفيين وكادت تودي بحياتهم، لمحاولتهم بث ما يحدث على الهواء مباشرة، ورأوا أن مشروعهم هو تطبيق يمكن أن يستخدم في المجال الصحفي، ويفيد الصحفيين في المناطق الخطرة، في ظل انتشار الإرهاب، خاصة وأن قوات الأمن تفرض الحظر على بعض الأماكن وتمنع الصحفيين من التواجد، ما يؤدي إلى إعاقة العمل الصحفي في هذه الأماكن، لذلك رأوا أن الروبوت يساعد في تغطية هذه الأحداث. "الروبوت الصحفي"، يقوم بتشكيل نفسه حسب الحاجز الذي اصطدم به، من خلال إعادة تغيير شكله الهندسي، ويستطيع التعامل مع أي منطقة، قد تكون درجة سلم، منحدر، أو فجوة أو سطح غير منتظم، ليستطيع الوصول للصورة الكاملة، ويحقق النقل الحصري، والدليل على هذا أن بعض وسائل الإعلام تعتمد على نقل الصورة من خلال بعض الصور قليلة الجودة من بعض المواطنين. يعتمد "الروبوت" أيضًا على الحركة الميكانيكية في التوجّه، حيث يُوجّه من خلال زوايا، ويتحكم فيه المراسل الصحفي من خلال الإنترنت وهو جالس على مكتبه داخل المؤسسة الصحفية. وتابع "أحمد" حديثه عن الاختراع، الذي لم ينته بشكل كامل، قائلاً إن "الكاميرا مدعمة بكل الإمكانيات، لتصوير حدث كبير، ونحدد التصوير من خلال برنامج متصل بالإنترنت، ويحركها الصحفي من على مكتبه، أو من على بعد من الحدث، بأحد الأماكن الآمنة، ويمكن للإنسان الآلي الصحفي، صعود الدرج والسلالم، ويمكنه الصعود إلى قمة أي مبنى لتصوير الحدث من فوق". رغم صغر حجم "الروبوت"، ولكن يمكن للفريق تطويره أو تكبير حجمه وطوله، ليستطيع تصوير الحدث من جميع الزوايا ومن الأماكن المرتفعة، علاوة على القدرة على التصوير صور أو فيديو. تكلفة "الروبوت الصحفي"، وفقًا لمبتكريه، وصلت إلى حوالي 8 آلاف جنيه، مؤكدين أن تلك التكلفة لأنها المرة الأولى، لكن في المرات المقبلة لن يتكلف أكثر من 3 آلاف جنيه. أوضح أحمد رمضان، طالب السنة النهائية ب"هندسة شبرا"، أن مسابقة "MIE" هي السبب في اختراع "الروبوت" فهي مسابقة تجمع كل الجامعات، ويجتازون عددًا من المراحل، والمشروع ضمن 60 مشروعًا، وهو المشروع الوحيد الموجود عن "إنساني آلي"، من حيث الفكرة والمضمون، فالهدف هو تحقيق الهدف الصحفي من خلال الإمكانيات المدعمة به، والتي تصل إلى البث الحي على وسيلة الإعلام مباشرة. استعرض الطلاب المشكلات التي تواجههم المتمثلة في عدم انتظام الجامعات، والظروف التي تحيط بالبلاد، التي تؤدي إلى تفكيرهم في إمكانية التخرج أو أداء الامتحانات في أي وقت، حسب الحالة الأمنية والقرارت التي تصدرها الجامعات، علاوة على مخاطر حمل دوائر إلكترونية لها علاقة بالاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حيث تعرّض أحد زملائهم في الكلية لموقف اشتباه بسبب هذه الأدوات، ولولا أن والده ضابط واستطاع توضيح أن هذه أدوات مشروع لكان تعرض لمشكلة كبيرة لا يعلمون نهايتها. يسعى مبتكرو "الروبوت" إلى عرض المشروع على الجهات السيادية ووزارة الداخلية، للمساعدة في تفكيك القنابل التي تزرعها المجموعات الإرهابية في مصر، في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد الآن.