رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد افتتاح مبنى خدمات ومكتبة كنيسة المقطم    محافظ الأقصر يهنئ الرئيس السيسى بعيد تحرير سيناء    البنوك المصرية إجازة اليوم بمناسبة عيد تحرير سيناء 2024 وهذا موعد عودتها للعمل    الهلال الأحمر الفلسطيني: لا توجد بيئة صالحة للحياة في قطاع غزة    تفاصيل اليوم الأول للبطولة العربية العسكرية للفروسية للألعاب الأولمبية| صور    رئيس البرلمان العربي يهنئ مصر والسيسي بالذكرى الثانية والأربعين لتحرير سيناء    شوشة: كل الخدمات في رفح الجديدة بالمجان ولا يشملها سعر الوحدة السكنية    محافظ الغربية يتابع أعمال توريد القمح بشونة محلة أبو علي    تطور أسعار الدولار مقابل الجنيه المصري داخل البنوك المصرية    أسعار الذهب في مصر بمستهل تعاملات اليوم الخميس 25-4-2024    هيونداي تقرر استدعاء 31.44 ألف سيارة في أمريكا    رئيس هيئة قناة السويس يبحث تعزيز التعاون مع جامعة كوريا البحرية في مجالات التدريب والمحاكيات    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    شركة الاتصالات الفلسطينية تعلن انقطاع خدمات الإنترنت الثابت وسط وجنوب قطاع غزة    أمريكا تطالب إسرائيل بتقديم تفاصيل حول تقارير المقابر الجماعية بغزة    «القاهرة الإخبارية»: تفاؤل حذر في أوكرانيا بعد موافقة أمريكا على المساعدات    عاجل| الدفاع المدني بغزة يطالب بفتح تحقيق دولي في إعدامات ميدانية ارتكبها الاحتلال    بيلاروسيا: في حال تعرّض بيلاروسيا لهجوم فإن مينسك وموسكو ستردّان بكل أنواع الأسلحة    انطلاق فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية بمدينة مصر للألعاب    شاهدها الحين.. مباراة أهلي جدة والرياض في دوري روشن..دون تقطيع    موعد مباراة الزمالك ودريمز الغاني في نصف نهائي الكونفدرالية الإفريقية    أبورجيلة: فوجئت بتكريم النادي الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    ضبط 17 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    القبض على مسن أنهى حياة زوجته بالمنيا    سقوط عصابة تخصصت في سرقة الدراجات النارية بالقاهرة    هل يوجد تغييرفي مواعيد امتحانات الترم الثاني بعد التوقيت الصيفي؟.. التعليم توضح    متروكة ومتهالكة في الشوارع.. رفع 46 سيارة ودراجة نارية بالقاهرة والجيزة    تفاصيل سقوط فردي أمن وسائق بتهمة سرقة شركة بالسيدة زينب    "بنات ألفة" يحصد جائزة أفضل فيلم في ختام مهرجان أسوان بدورته الثامنة    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    «الصحة»: فحص 6 ملايين و389 طفلا ضمن مبادرة الكشف المبكر عن فقدان السمع    انطلاق القافلة الطبية المجانية حياة كريمة بقرى الخير والنماء بمركز الفرافرة    7 مشروبات تساعد على التخلص من آلام القولون العصبي.. بينها الشمر والكمون    حمزة العيلى عن تكريم الراحل أشرف عبد الغفور: ليلة في غاية الرقي    الليلة.. أنغام وتامر حسني يحيان حفلا غنائيا بالعاصمة الإدارية    مفاجأة غير سارة لجماهير الأهلي قبل مواجهة مازيمبي    الأهلي يصطدم بالترجي التونسي في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    مصرع وإصابة 10 أشخاص إثر تصادم سيارتين في البحيرة    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    توقيع عقد تنفيذ أعمال البنية الفوقية لمشروع محطة الحاويات بميناء دمياط    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    فتح باب تلقي طلبات وحدات الطعام المتنقلة بمقابل الانتفاع بمدينة طيبة الجديدة    الشواطئ العامة تجذب العائلات في الغردقة هربا من الحر.. والدخول ب20 جنيها    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    هيئة الرعاية بالأقصر تعلن رفع درجة الاستعداد تزامنا مع خطة تأمين ذكرى تحرير سيناء    علماء بريطانيون: أكثر من نصف سكان العالم قد يكونون عرضة لخطر الإصابة بالأمراض التي ينقلها البعوض    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    هل ترك جنش مودرن فيوتشر غضبًا من قرار استبعاده؟.. هيثم عرابي يوضح    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    مدحت العدل يكشف نصيحة جماهير ريال المدريد بإسبانيا للإعلامي إبراهيم عيسى ونجله    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    اختيارات النقاد.. بعد سيطرة الكوميديا ما هى الأفلام الأنسب لموسم العيد؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مثقفون ل "صالون التحرير": "القوة الناعمة" لا تقل أهمية عن الجيش
سحاب: قوة الستينيات الناعمة أفرزتها نهضة شاملة.. الجندي: كل ألوان الإبداع الفني أمن قومي
نشر في الوطن يوم 30 - 03 - 2014

دعا فنانون ومثقفون الرئيس القادم، إلى تبني مشروع شامل للنهضة، يتضمن رؤية محددة لاستعادة قوة مصر الناعمة، بعد أربعين عاما من الانهيار والتراجع، وذلك على حد تعبيرهم في برنامج "صالون التحرير" مع الكاتب الصحفي عبد الله السناوي، على فضائية التحرير، مساء السبت، مشددين على ضرورة اهتمام الدولة بالصناعات الإبداعية ودعم الفنون، في إطار مشروع كامل لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها في المرحلة المقبلة.
شارك في الصالون: "المايسترو سليم سحاب، المخرج محمد فاضل، والكاتب المسرحي والسيناريست يسري الجندي، الشاعر جمال بخيت، السيناريست والمنتج الشاب محمد حفظي، والدكتور مصطفى اللباد مدير مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية"
بدأ السناوي بطرح سؤال حول أسباب تدهور القوة الناعمة المصرية، وغيابها عن كل برامج مرشحي الرئاسة، وكيفية استعادة مصر لها، وتوظيفها خارجيا وإقليميا، وتحدث سليم سحاب قائلا: المشكلة بدأت مع ظهور ملحنين لاترقى موهبتهم لمن سبقوهم من الموسيقيين الكبار أمثال كمال الطويل ومحمد الموجي وبليغ حمدي، فحاولوا التغطية على مستواهم المتواضع باختراع كلمة الأغنية الشبابية، وكانت هذه هي الطامة الكبرى، فبدأت ما أسميه مرحلة اللامرحلة، غاب عنها وجود طابع عام يمكن اعتباره عنوانا لها، إلا المستوى الهابط.
علاقة المستمع بالموسيقى تغيرت، وعلاقة الموسيقي نفسه بالمستمع والموسيقى تغيرت، مثال على ذلك كان عمي في الأربعينيات ينتظر أغنيات عبد الوهاب في الراديو وهو يرتدي أبهى ثيابه، متعطرا.
وتحدث محمد فاضل: أي مرشح رئاسي لابد أن يهتم بالقوة الناعمة، لأن الاستعمار لم يعد كما كان من قبل، بل أصبح هناك استعمار عن بعد، لذا فالقوة الناعمة، هي سلاح فتاك، فالقنبلة قد تقتل ألفا أو ألفين لكن الكلمة غير الجيدة تقتل الملايين، وعلى أي مرشح رئاسي الاهتمام بالقوة التي لم تعد ناعمة، لأنها داخلة في الأمن القومي المصري، مثلما يهتم بالجيش والمياه والتعليم، آن الأوان أن يأخذ الابداع الأدبي والفني والثقافي دوره كسلاح رئيسي في معركة مصر في هذه الأيام.
وتدخل الجندي قائلا: السؤال عن القوة الناعمة وتراجعها تم تجاهله طوال العقود الماضية، أما الآن فلم يعد ممكنا تجاهله، ونحن نتحدث عن القوة الناعمة باعتبارها سلاح في مواجهة الخارج، لكنني أري أن احتياجنا لها في الداخل أكبر، وتقويتها في مواجهة الخارج يبدأ بالداخل، لأن لدينا مشكلة كبيرة جدا فيما يتعلق بالثقافة والفنون.
وانتقل الحديث إلى بخيت فقال: نعيش في مرحلة انتقالية منذ ثلاث سنوات ساد فيها الارتباك، والمأساة بدأت منذ حوالي أربعين سنة عندما تم النظر لهذه القوة الناعمة، باعتبارها إما أن تكون في خدمة النظام أو يدوس عليها النظام، لم يعتبر أنها جزء من قوة البلد، فصارت مهمشة ويتم استخدام القشور منها كالاحتفالات السنوية التي يتم التغني فيها بالرئيس، أصبح هذا مفهومهم لها، في حين أنني أرى أن "الأهرام" و"الكرنك" جزء من القوة الناعمة المصرية، حيث اجتمع العلم مع الفن في هذه الحضارة، الموضوع يتجاوز فكرة أنها قوة ناعمة بالمعنى المعنوى، فهي بالمعنى المادي أيضا، والسينما هي الانتاج الوحيد الذي تصدره مصر بنسبة 100 %، برغم كل الانحدار، لذا فالسينما والكتاب والأغنية، كل هذه عناصر قوة مادية ومعنوية يجب أن تكون إضافة حقيقية للاقتصاد.
وقال حفظي: بالنسبة للانتخابات الرئاسية، يتهيأ لي حين تنظر لحجم المشاكل في البلد، لابد أن تحدد أولويات تبدأ بالأكل والرواتب، ومع ذلك نحن بحاجة للقوة الناعمة أكثر من أي وقت، لكنني أعذر أي رئيس يخاطب الناس "اللي مش لاقيه تاكل" حين يغيب عنه هذا الموضوع، لذا فلابد من وجود إرادة سياسية بالارتقاء بالسينما، وهي إرادة غائبة منذ أكثر من ثلاثين سنة.
توجه السناوي لمصطفى اللباد بسؤال حول المفهوم العلمي للقوة الناعمة، فرد اللباد: القوة الناعمة هي المعاكس للقوة الصلبة، فحين تحاول اقناع أي طرف بما تريد، إما بالإكراه أو أن ترشوه أو أن تقنعه أن ماتطلبه يمثل مصلحته، القوة الصلبة هي العنف والإكراه والرشوه، أما الثالثة فهي القوة الناعمة بأن تقنعه أن ماتريده يمثل مصلحته، وقد تحققت على مدار التاريخ بدرجات متفاوتة، ومرت بفترات صعود وانحدار، والصعود له شبه قوانين، ولكي تصعد القوة الناعمة المصرية، لابد أن توجد سياسة أولا لأنها لاتقل أهمية عن القوة الصلبة ولها مجالات تستخدم فيها، فمصر حلّت أزمات سياسية كبرى بالقوة الناعمة، ويجب تنميتها وتلاقي أوجه القصور فيها.
مصر في 2014 غير مصر قبل عقود مضت، مشكلتنا مع إثيوبيا تكمن في انهيار التوازن في القرن الإفريقي، فأصبحت إثيوبيا مطلقة اليد، وحكام مصر السابقين كانوا على وعي بهذه القضية، لكن الأربعين سنة الماضية شهدت تراجعا فتقدمت أطراف أخرى لتملأ الفراغ المصري، والقوة الناعمة تحتاج لسياسة ولدولة ولارتباط بالتكنولوجيا أيضا، واليوم تلفزيونك متراجع والجزيرة سبقته، ولكن الدولة التي تقف خلف الجزيرة تستيطع تحقيق منجزات وقتية، لكن لايمكنها أن تكون ندّا مع الحيتان، ونحن "حوت" لكن ينقصنا بعض الأدوات لنمارس دورنا كما يجب.
سأل السناوي، اللباد، عن أزمة رئيس الوزراء التركي رجب طيّب أردوغان، فأجاب اللباد: تركيا في السبع سنوات الأخيرة، لعبت أدواراً مصرية بامتياز مثل فك الحصار عن غزة وغير ذلك، لكنها راهنت على فصيل بعينه، وهو الإخوان المسلمين في مصر، وبعد انتهاء الجماعة أصبح النموذج التركي في خبر كان، أردوغان لم يقدم الثقافة التركية الخالصة لأنها دولة غير عربية، والشرق الأوسط عربي الهوية بتعريف الجغرافيا والسكان، والدولة الأقدر نظريا للعب دور إقليمي لابد أن تكون دولة عربية، ومشكلة أردوغان الرئيسية هو أنه لم يعرف حدود قدراته، ولا أعتقد أن صورته التي انكسرت ستتحسن مرة ثانية.
وعاد الحديث للجندي فقال: القوة الناعمة حاليا، دورها في الداخل قبل الخارج، لأن الماساة كلها في الداخل، فبعد خطوات من قيام ثورة يناير، جاء من يقولون للشعب لو قلت نعم ستدخل الجنة ولو قلت لا ستدخل النار في الاستفتاء على الدستور، ومن هنا فُتح باب الشيطان ليدخل منه الإخوان لسرقة الثورة.
حين انهارت قوتك الناعمة، أصبحت المشكلة في الداخل قبل الخارج، العقل المصري الذي تشوه وتراكمت عليه عناصر سلبية يحتاج لتعامل جديد، وإعادة بناء مؤسسات مرتبطة به، لأن الإخوان استغلوا الجهل والفقر أسوأ استغلال، بعد إصرار على طمس كل مايتعلق بالثقافة الوطنية.
في عام 1993 شاركت في مهرجان نظمته الهيئة العالمية للمسرح في قبرص، مع الفنان الراحل أحمد زكي وكان مسئولا عن الفرع المصري لها، وحين وجدت هناك إيران وتركيا وإسرائيل وتونس، وقع صدام بيني وبين الجبهة كلها وقلت إن الترتيب باطل، وحين عدت للقاهرة حاولت عقد مهرجان للمسرح العربي، فوافق الوزير ثم تراجع، ثم وافقوا لنا على عقد "ملتقى" للمسرح العربي، وبعد ذلك تدخلوا لمنع تكرار انعقاده، بدعوى أنه يهدد المسرح التجريبي، الذي دمر المسرح المصري، وأثار منع انعقاد الملتقى مرة ثانية غضب الكثير من المسرحيين، الذين توفى معظمهم في حادث بني سويف الشهير، وهذا معناه أن القوة الناعمة مهددة من الداخل والخارج، ومازلنا نواجه وجوها وأسماءً كثيرة جدا ضد كل ماطلبه الشعب المصري في ثورة 25 يناير.
وحين أرى المئات أو الآلاف من أبناء الجامعات يشاركون في التخريب والهدم أصاب بالذهول، وأشعر بأن هناك خللا طال الجميع وأصاب عصب الأمة.
وتحدث فاضل: القوة الناعمة سلاح مهم جدا، وهي حرب حقيقية، في نتيجتها وتأثيرها، ولابد أن يبدأ بها مرشحو الرئاسة، لكن يجب أن تسبق خطة الإعلام، خطة التنمية، لأن التنمية يقوم بها البشر الذين تكوّنهم خطة الإعلام.
وتاريخيا، فإن هزيمة يونيو 1976، أطلقت طاقات القوة الناعمة المصرية في المسرح والسينما والتلفزيون، وأطلقت روح المقاومة، وبعد وفاة عبد الناصر تم استخدام القوة الناعمة ضد مظاهرات الطلبة اليساريين والناصريين في 1971 و1972، التي كانت تهاجم السادات في عام الحسم والضباب، ثم بدأت تتحول لقوة ناعمة مضادة بدءا من عام 1974 مع الانفتاح الاقتصادي العشوائي الذي واكبته أفلام المقاولات.
ووجه السناوي لبخيت سؤالا حول دور المثقفين وعلاقتهم بالدولة، فقال: لابد أن توجد هناك دولة قبل أن نتحدث عن عقد بين المثقفين والدولة، نحن في مرحلة ترميم أو إعادة بناء مؤسسات الدولة طبقا لخارطة الطريق، هناك دستور تم إقراره وانتخابات رئاسية ثم برلمانية قادمة، وقد عاد المهرجان القومي للمسرح، وعاد الاحتفال بعيد الفن، وهذه قد تبدو جهود متواضعة وسريعة العمل دون ترتيبات كبيرة، لكنها تمثل إشارات جاءت باقتراحات من المثقفين للدولة في مرحلة ترميمها وإعادة بنائها، وتمت الاستجابة بشكل ما، نحن في مرحلة النوايا، المثقفون يعملون وبعض الأجزاء في الدولة تعمل في نفس الوقت.
وأضاف: النظر للقوة الناعمة باعتبار أنها منوطة بالمثقفين والفنانين، نظرة شديدة الاختزال لأنها موجودة في وجدان المصريين، ولو وقفت على أي قهوة في مصر، تقدر تكوّن فرقة مسرحية، وتقدر تطلع فرقة موسيقية.
وتوجه السناوي لحفظي، بسؤال حول رؤية جيله لأسباب تدهور السينما، ومسؤولية الدولة، فأجاب حفظي: منذ بداية السبعينيات انحدرت الثقافة بشكل عام لتغيرات اجتماعية واقتصادية لها علاقة بالتعليم، أجيال بعيدة كل البعد عن المسرح والسينما، في ظل غياب مؤثر للدولة، وأنا إنتاج الدولة للسينما، ف 85% من رواتب وزارة الثقافة مخصصة للمرتبات، ومعظم الميزانيات لاتذهب للانفاق المناسب، وحين ابتعد التلفزيون المصري عن شراء الأفلام والانتاج أثر على السينما، ودفع المنتجين يتجهون للخليج مما أثر على نوعية الأفلام، وظهور القنوات الخليجية أيضا، كما أننا حصرنا أنفسنا في أواخر التسعينات في عمل نوعية أفلام واحدة فقط، هي الكوميدي، وكان تباع جيدا في الخليج، لكن لم نكن نلعب دورا ثقافيا، بل مجرد تسلية الجمهور.
حين فكرت في إنشاء شركة "سينما كلينك" كان الهدف إنشاء ورشة لتطوير كتابة السيناريو بشكل مختلف، حتى قررت التوجه للإنتاج بمجهودات فردية، وهناك دعم تمنحه وزارة المالية لوزارة الثقافة كل ثلاث سنوات، وهذا أفاد جزء كبير من الأفلام التي تفوز بجوائز، وأنا فزت بجوائز عن فيلمين حصلت على دعم فيهما. وأرى أنه لابد أن يعود التلفزيون لشراء الأفلام والمسلسلات مرة أخرى.
وعاد الحديث لسليم سحاب فقال: في الستينيات، حدثت نهضة اجتماعية شاملة وصناعية وفي الزراعة وفي الصحة وفي التعليم وفي كل نواحي الحياة، وحين تزدهر القوة الصلبة، توجد القوة الناعمة أيضا.
وحين تسقط الصحة والزراعة والصناعة، تتراجع القوة الناعمة، كما قال ابن خلدون: أول مايتراجع من صنائع عند تراجع العمران هو تراجع صناعة الغناء.
وتطرق سحاب في حديثه إلى ذكرى رحيل عبد الحليم حافظ، فقال: هو أكثر من مغني لأنه يمثل مرحلة كاملة، وعنوان لمرحلة كانت فيها القوة الناعمة في أوج قوتها. ومايجعل العمل الفني يستمر لأجيال، هو الصدق في التعبير وشموليته. لكن للأسف الآن الأغنية الوطنية لاترقي لمستوي ثورة 25 يناير.
وتدخل فاضل مذكّر بأغنية لبخيت تقول: "خدوا بالكو دي مصر المنصورة.. مش أيّها مصر.. نيلها اللي بيطلع في الصورة بعلامة النصر".
وسأل السناوي، فاضل، حول الحديث عن قوة مصر الناعمة، في ظل مانشهده الآن من تراجع وانحطاط قيمي وأخلاقي في المجتمع؟ فقال فاضل: البعض يتصور أن القوة الناعمة، هي الثقافة الخاصة بالنخبة، القوة الناعمة هي الشعب والناس حين تصل لها تتحول لقوة كبيرة جدا، القوة الناعمة تستخدم وسائل ابداعية لتوثر في المشاهد فيتحول بنفسه إلى قوة مقاومة. القوة الناعمة تدخل ضمن الأمن القومي لأنها تؤثر في أفكار الناس التي تقف لتقوم بدور حماية هذا الأمن.
وتدخل الجندي: كل ألوان الابداع الفني أمن قومي، والجهل يهدد الأمن القومي، وهنا أربط الثقافة والتعليم في ضفيرة واحدة، وإذا ماتسرب لوعي المشاهد فن رديء أشبه بالمخدرات من الممكن أن يهدم دولة، نحن في ميلاد جديد الآن، إذا حصل والناس مازالت على ماهي عليه فهو مهدد، وعندما أرى أهم العناصر الشباب المصري الجامعيين وطلبة الأزهر يخرجون ويحرقون أشعر أننا إزاء "مصيبة سوداء".
وقال بخيت: المجال الحيوي الحقيقي لمصر هو العالم العربي، ويبدو لي ثلي أننا شعب واحد في دول متعددة، لسنا عدة دول عربية بالصدفة أننا جيران.
وقال سليم سحاب: القوة الناعمة التي نعتبرها ملكنا في المجتمع المصري، لها قوة أبعد من الحدود، وهي سلاح وحدوي من أعظم مايمكن وقد تكون السلاح الوحدودي الوحيد الذي تقبل به كل الدول العربية.
كنت مع فرقتي عام 1980 في باريس وصعدنا الأتوبيس وكنا نردد معا أغنية "على بلد المحبوب ودّيني"، فوقفت سيدة تنظر لنا بتوتر لم نفهم إن كان سلبيا أو إيجابيا حتى حانت لحظة نزولها، فوجدناها تدعو لنا بانفعال غريب بلهجة مغربية "ربنا ينصركم".
وتحدث اللباد: من اشتراطات القوة الناعمة، وجود سياسة أولا لتأخذ القوة الناعمة مكانها فيها، ولابد أن توجد دولة أصلا لتوظف هذه القوة الناعمة ولابد أن تحدد الدولة الصورة التي تريد تسويقها لنفسها في منطقتها، في أوروبا، بينهم جيرة جغرافية لكن التاريخ كان تاريخ حروب وتصادم ثقافي، لكن من أجل التكتل، اتخذوا الاقتصاد قاطرة، لكن العرب لم يكن بينهم حروب، ونتحدث لغة واحدة، ومصالحنا لاتتصادم، في حالة مصر نحن نقول إنه مازال لديما بعض القوة الناعمة، لكن لايوجد ماينظم هذه القوة الناعمة في خيط متصل نقدمه للعالم.
الهوية المصرية في الأربعين سنة الأخيرة لم تعد في حالة ثبات، العروبة ضرورة وطنية مصرية، لأن المنافسين في المنطقة يقدموا الاسلام السياسي، بأشكال مختلفة، وبالتالي أن تقدم مصر نموذجا مختلفا، نحن مسلمون لانتصادم مع أحد، ومصر أكبر من الطوائف، وتعريفها طائفيا يضر بالمصلحة الوطنية، وفيها حد أدني من العدالة الاجتماعية، وهذه بديهيات أتمني أن يسمعها مرشحي الرئاسة، والحديث عن نهوض مصر، مرتبط بصورتها التي تقدمها لنفسها كدولة عربية منفتحة على شقيقاتها وضد تقسيم أي منها، وهذا هو النموذج التاريخي لها من محمد علي لعبد الناصر.
القوة الناعمة ليست طرفا، لأنها جزء أساسي من القوة الشاملة، وفي فترات صعود مصر، القوة الناعمة تسبق كل القوى الأخري، مصر لم تكن غنية منذ أيام الفراعنة، لكنها غنية بالقوة الناعمة، وأقول للمصريين، الغنى ليس بالأموال، لكن بالثقافة والأدب، وهذه وظيفة الدولة لأنها إذا تقاعست عن التعليم الجيد والثقافة الجيدة، لاتكون دولة لكنها تصبح أداة قمع قمع لفئات وشرائح اجتماعية معينة.
وتحدث حفظي عن السينما المستقلة، فقال: السينما المستقلة بدأت مستقلة في التفكير ومستقلة حتى عن الجمهور الذي شعر أنها لاتعنيه، لذلك فكرنا في العمل من أجل هذا الجمهور الذي يريد نسيان همومه، بشكل يجعل التأثير في العمل موجود بشكل غير مباشر.
وتوجه السناوي للباد، حول أولويات مسألة إحياء القوة الناعمة، فقال: النقطة الرئيسية هي أن تعيد مصر تقديم نفسها للمنطقة والعالم بصورة جديدة، بعيدا عن الصورة المهترئة، لابد أن نفكر في جوانب القوة والضعف عندنا في مؤسسات في هذه الدولة، والنهضة يجب أن تكون شاملة، ولابد أن يكون هناك تفكير حول تطوير القوى الناعمة من موسيقى وسينما وغيرها فلا شيء يحدث اعتباطا، ولنكن واقعيين، فلاتغيير سيحدث بين يوم وليلة بعد أربعين من التراجع الشامل، المهم هو أن يوضع القطار المصري على القضبان الصحيحة بعدما خرج عن مساره، وهذه مهمة من الممكن أن تحدث خلال سنة.
والعرب في سن الستين مازالت تعني لهم مصر الكثير لكن الأجيال الجديد لم تعد تعني لهم مصر نفس المعنى، وهذه نطقة خطيرة.
وتحدث حفظي: لاحظت في سفري للمهرجانات العربية الخليجية شبة استياء غير معلن من حالة التعالي والاحساس بالذات عند بعض الفنانين المصريين الذين يتحدثون عن الفن المصري باعتباره الوحيد في المنطقة، وتجاهل انتاج الدول العربية، هذا التعالي أضر بنا كثيرا، وحين أذهب إلى مهرجان دبي، أشعر أن مصر ليست في وعيهم مثل الأول، لابد من حدوث تقارب وكسر للعزلة التي نعانيها.
وتحدث سحاب قائلا: لابد أن تعود المكانة المفترضة للثقافة والقوة الناعمة من المدارس، لأنها هي التي تبني جيلا متماسكا ومتجانسا من الناحية الثقافية، لابد من إعادة المواد التي تحوي جماليات للمدارس، مثل الخط العربي، الرسم، ولابد من إنشاد النشيد القومي كل صباح ليغذي الانتماء القومي. ولتتفق الدولة مع طلبة الموسيقي والرسم بمعاهدها ليقضوا عاما في تعليمهما بالمدارس لنخلق حب الجمال الذي هو السلاح الأول ضد التطرف.
كنت في لبنان حين أسست الفرقة اللبنانية للموسيقي العربية، وجاءني شاب عازف قانون، حكى لي أنه قبل تعلم الموسيقي، كان قناصا في أحدى الجماعات المتقاتلة في لبنان، يأخذ عن كل قتيل 500 دولار، ثم علمه جاره أستاذ الموسيقي، العزف، وأقسم لي الشاب أنه بعدما أحب الموسيقي كان يستحرم أن يدوس صرصاراً فيموت.
وانتقد فاضل ماوصفه بالإجهاز على اللغة العربية في الإعلام قائلا: اللغة هي وعاء الشعر والمسرح، ولا أعرف ماذا يفعل مجمع اللغة العربية إزاء الإجهاز على اللغة في الإعلام فلم أسمع أنه أصدر بيانا مثلا. في حين أن فرنسا لاتذيع أي شيء عبر تلفزيونها الرسمي إلا باللغة الفرنسية مدبلجا.
وعاد الحديث للجندي فقال: التراث الشعبي جزء من الثقافة الوطنية، وقيمة الابداع فيه أنك تستطنقه بطرح مختلف يفند السلبي ويزكي الايجابي.
وأضاف: أول نصيحة أوجهها للرئيس المقبل، هي أن يكشف الصورة بجلاء وشفافية كاملة حتى لو كانت سوداء، فلن يستطيع تحريك إرادة الجموع لتشارك في تصحيح الواقع إلا بالشفافية الكاملة، ثم بعد ذلك من خلال مصداقيته يستطيع أن يحرك الناس، وماطرحه الرئيس عدلي منصور من محو للأمية بحقيقة الواقع ومصلحة الجماهير، من الممكن أن يكون مشروعا قوميا، فالمؤسسة التعليمية خربة ومتخلفة، ونحن تربينا على مناهج خلقت داخلنا علاقة سوية مع اللغة والفن.
وتحدث بخيت عن ضرورة تفعيل الدولة للمادة 69 من الدستور المتعلقة بحماية الملكية الفكرية في الدستور، قائلا: هذه المادة حجر زاوية بشرط تفعيلها وأن تتحول لقوانين تحمي المبدع المصري في كل المجالات، ويجب نسف كل القوانين المعطلة لحقوق المبدعين، ولايصح أن نقول إننا أنفقنا 30 مليار ثم 20 مليار لتحفيز الاقتصاد ثم تذهب لشركات المقاولات دون جدوى.
ومن الضروري تنظيم مؤتمر قومي للإبداع المصري بكافة مجالاته، ليضع المبدعون تصوررا لمطالبهم وخطة عمل لتنفيذها بواسطة أي رئيس قادم.
وإذا كنا نتكلم عن أن القوة الناعمة هي قضية أمن قومي، فكما يُصرف على الجيوش وأجهزة الأمن، يجب أن توضع ميزانيات ضخمة على الإبداع.
وتحدث اللباد عن أن كلا المرشحين الرئاسيين (السيسي وصباحي) يتحدثان عن تجربة الزعيم جمال عبد الناصر، قائلا: لابد من توافر ارادة سياسية لتفعيل دور مصربقوتها الناعمة والصلبة، عبد الناصر كان مهتما بقضايا التحرر في افريقيا، وتبني قضايا افريقيا، ودفع ثمنا سياسيا لذلك.
وفي ختام "صالون التحرير" أنشد بخيت قصيدته "مسحراتي العرب".
التصنيفات | التتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.