غموض كبير يحيط ببنود وتفاصيل الاتفاقية البحرية التي أبرمتها تركيا مع حكومة فايز السراج في طرابلس الليبية، التي تنتهك بشكل واضح القوانين الدولية، لكن تم تسريب بنود ما تسميها أنقرة مذكرة تفاهم مع الوفاق. وفي سبتمبر الماضي كشف اللواء أحمد المسماري الناطق باسم الجيش الوطني الليبي، الأربعاء، عن تدريب أكثر من 9500 إرهابي في ليبيا بعد عام 2011 تم إرسالهم فيما بعد إلى سوريا. وأكد المسماري، في مؤتمر صحفي من بنغازي، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مستمر في دعم المليشيات في طرابلس ومصراتة. وتابع أن تركيا ساعدت التنظيمات الإرهابية في إنشاء خطوط اتصالات ومراكز تدريب في ليبيا لإرسال الإرهابيين. وأضاف أن أنقرة تحاول البحث عن إيجاد ملاذات آمنة للإرهابيين وهو ما يوضح سبب تمسك تركيا بمصراتة وطرابلس للاستفادة من الميناءين البحري والجوي لنقلهم إلى ليبيا ومنها إلى أفريقيا وأوروبا. واستطرد أن أردوغان يهدد دائما بفتح أبواب الهجرة للسوريين إلى أوروبا، موضحا أن تلك الخطوة هدفها نقل الإرهابيين إلى أوروبا. وقال: "الجيش الليبي يقاتل منذ 2014 من أجل حماية المنطقة وجيران ليبيا وأوروبا من انتقال الإرهابيين إليهم"، مشيرا إلى أن قيادات تابعة للمجلس الرئاسي تبنت العمليات التي نفذها تنظيم داعش في المنطقة الجنوبيةالغربية. وبحسب التسريبات، فإن الطرفين حددا المناطق البحرية لكل منهما شرقي البحر المتوسط، حسب موقع "نورديك مونيتور". وفي البنود أيضا، في حال وجود مصادر ثروات طبيعية في المنطقة الاقتصادية الخالصة لأحد الطرفين، تمتد لمنطقة الطرف الآخر، يمكن للجانبين عقد اتفاقيات لاستغلال تلك المصادر بشكل مشترك. وبالخرائط، حددت الاتفاقية الجرف القاري، والمنطقة الاقتصادية الخالصة لكلا الطرفين، مشوهة لحقائق جغرافية، ومتجاهلة لدول قائمة. وفي ذروة الرفض الإقليمي والدولي للاتفاقية، الباطلة وفق كل الاعتبارات، تعلن وزارة الطاقة والموارد الطبيعية التركية، أنها ستشرع في أعمال استكشاف وإنتاج النفط والغاز شرقي المتوسط، في إطار الاتفاق التركي الليبي. الدكتور صحبت كاربوز، مدير شعبة الهيدروكربونات بالمرصد المتوسطي للطاقة، رأى في دراسة نشرها عام 2012 إن منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، دون شك، موطن لكمية هائلة من الموارد الهيدروكربونية، رغم أن بلدان المنطقة، فيما عدا مصر، كانت متباطئة في العثور عليه. وفي حين كانت مصر هي الرائدة في اكتشاف الغاز بحقل أبو قير البحري عام 1969، ولم يبدأ الحفر في أعماق المياه تحت آفاق جديدة في شرق البحر إلا عام 2000. وحتى اليوم، تم اكتشاف أكثر من 2000 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي قبالة الساحل المصري في البحر المتوسط، غير أن منطقة شرق البحر المتوسط لم تستكشف، بعد ولديها إمكانيات جيدة الاحتياطيات الإضافية. تركيا بدأت بالتنقيب عن الهيدروكربون في البحر المتوسط منذ عدة عقود، بالتركيز على حوض الإسكندرون، إلا أن جهودها المتقطعة لم تثبت أي نجاح، غير أن تجدد الاهتمام بالتنقيب في مناطق البحر المتوسط التي ما زالت غير مكتشقةً وذلك كردة فعل إزاء جوالات بدأت بالتبلور في البلاد جزئيًا إزاء ترخيص التنقيب البحري الذي تقوم به الجمهورية القبرصية. وثمة مشكلة أكثر تعقيدًا، في المنطقة هي الخلاف بين تركيا والجمهورية القبرصية، حيث تزعم تركيا أن اتفاقات الحدود البحرية الموقعة من قبل القبارصة اليونان مع دول المنطقة لاغية وباطلة، وبالتالي، عارضت تركيا برنامج الحفر جنوبقبرص ودعت كل من الحكومة القبرصية وشركة "إكسون موبيل" لوقف التنقيب، وعندما تم تجاهل الدعوة، أبرمت تركيا اتفاقا في سبتمبر 2011 مع شمال قبرص التركية حول الجرف القاري والتنقيب عن النفط والغاز في البحر، ولم يتضح بعد ما إذا كان الإجراء يعرض محادثات توحيد الجزيرة المقسمة أو محادثات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي للخطر.